هل كنت تنتظر الأيفون الجديد وتنوي شراءه؟ أم تتابع الأخبار لمعرفة الجديد في عالم التقنية؟
هل سمعت من قبل عن الهاتف أريكسون ١٠١٨، نوكيا ٦١٥٠ ومدمني لعبة الثعبان على شاشته القاتمة، هل سمعت عن الهاتف اللي بيرقص نوكيا ٣٣٠٠ هل سمعت عن الأعجوبة نوكيا ٦٦٣٠ هاتفي الفاخر الذي احتاج مني تحويشة ٣ شهور عمل ثم سرق بعد شهرين فقط في ضربة لم أفيق منها حتى الآن؟ هل حلمت باقتناء هاتف نوكيا إن٧٣ أو إن٩٠ أو الفخم إن ٩٥ ذو الكاميرا اللولبية؟
هل يمثل لك أي مما ذكرت فيما سبق ذكري أو سمعت به أم أنك من أبناء عصر ما بعد الأيفون؟
هل عالم التقنية هو هو قبل الأيفون وبعده؟ لا أظن.
“سأقدم لكم اليوم أيبود جديد بشاشة أكبر تعمل بنظام اللمس المتعدد، وأيضًا سأقدم لكم هاتف ثوري، وأخيرًا سأقدم لكم جهاز إنترنت غير اعتيادي، مهلًا أنا لا أقدم لكم ثلاث منتجات، بل أنا أقدم لكم منتج واحد”.
هذه الكلمات قالها ستيف جوبز يوم ٩ يناير ٢٠٠٧ في حدث ماك وورلد عندما كشف لأول مرة عن الأيفون، تلك الكلمات كانت البداية في سلسلة من الزلازل التي تتابعت إلى أن خلقت تسونامي كاسح اجتاح عالم التقنية بكل فئاته من أجهزة وتطبيقات وسوشيال ميديا ويبدو أنه سيستمر إلى حين ليس بقليل.
هل كان ستيف جوبز يعلم أنه عندما يسرق اللابتوب الخاص بي سيكون بإمكاني كتابة هذا المقال بواسطة الأيفون (هاتفي النقال)؟
“من النادر جدًا أن تستطيع شركة في تاريخها كله أن تقدم منتج ثوري واحد، لكن مع أبل فالأي ماك صنع ثورة في عالم الحواسيب الشخصية، وعندما قدمت الأيبود غيرت أبل عالم مشغلات الموسيقى الشخصية، ويبدو أن هذا هو أوان الهاتف”.
هذه هي كلمات جوبز في ذاك اليوم أيضًا ويبدو بالفعل أنه كان يعلم ما هو مقدم عليه.
الهواتف الذكية بدأت قبل الأيفون فكانت هناك نوكيا مع الويندوز فون وأيضًا هواتف شركة بالم وموضة ذاك العصر هواتف البلاكبيري ذات لوحة المفاتيح التقليدية المميزة.
لكن جاء الأيفون ليهدم كل هذا ويؤسس لعصر جديد، عصر وجه ضربة قاضية إلى لوحات المفاتيح التقليدية وأقلام التأشير ليقدم الشاشة البراقة التي تعمل عن طريق اللمس بأطراف الأصابع بكل بساطة، لكي تكبر ما هي نقرة خفيفة وواجهة مستخدم جميلة وتعدد المهام الذي ينقلك بين الموسيقى والمكالمات وتصفح الويب والبريد الإلكتروني بكل سهولة.
ظهر الأيفون الأول معتمدًا على جهاز بي٢ من تطوير فريق مشروع التجربة القرمزية والاسم الكودي إم٦٨ ورقم موديل أيفون١,١.
جهاز بشاشة ٣,٥ بوصة بدقة ٣٢٠*٤٨٠ بكسل وكثافة ١٦٣ بكسل بكل بوصة وواي فاي، وبلوتوث، كاميرا خلفية ٢ ميجابكسل، معالج سامسونج بمعمارية أيه أر إم، وبطارية بسعة ١٤٠٠ مللي أمبير، وذاكرة تخزين عشوائي ١٢٨ ميجابايت، ويأتي بنسختين الأولى بسعة تخزين ٤ جيجا والثانية بسعة ٨ جيجا.
بالطبع عتاد الهارد وير لن يكون وحده سبب النجاح لذا جاء دور نظام التشغيل المبهر وقتها حيث جاء الأيفون بنسخة كاملة من متصفح سفاري مثله مثل شقيقه على حواسيب الماك، وقدمت أبل تطبيقات لليوتيوب والخرائط بشكل لم يرى من قبل على الهواتف، وجائت التطبيقات الأساسية تغطي أكثر من نصف الشاشة البراقة وكانت ذات ألوان جميلة وكفاءة عالية وتغطي معظم الاحتياجات من الرسائل النصية إلى البريد الإلكتروني والكاميرا والصور والموسيقي.
بالطبع لم يقدم كل المزايا التي كان من المفترض تواجدها مثل خاصية تحديد المواقع والرسائل متعددة الوسائط وأيضًا كانت البطارية غير قابلة للتغيير.
وكان السعر المرتفع نقطة أخرى حيث كانت النسخة ٤ جيجا تكلف ٤٩٩ دولار والنسخة ٨ جيجا تكلف ٥٩٩ دولار وهي أسعار لم يكن يسمع بها في ذاك الوقت لذا كان من الصعب على الأيفون وقتها تحقيق اختراق للسوق السائدة حينها.
تايملاين الأيفون الأول
٦ يونيه ٢٠٠٧: عاد ستيف جوبز مرة أخرى إلى المسرح في اجتماع المطورين ليكشف عن الأيفون الأول فعليًا ويعلن عن موعد الإطلاق في يوم ٢٩ يونيه ٢٠٠٧.
و جاء يوم الإطلاق وتكونت الطوابير أمام متاجر أبل وخصوصًا متجرها الرئيسي في نيويورك غير مهتمين بالمميزات المفقودة في الأيفون ولا السعر الباهظ فقط ليخوضوا التجربة الممتعة.
٥ سبتمبر ٢٠٠٧: أعلن جوبز عن توقف النسخة ٤ جيجا وتخفيض سعر النسخة ٨ جيجا إلى ٣٩٩ دولار حيث قالت أبل: الدراسات تقول أن معدل رضا العملاء عن الأيفون جاء أعلى من أي معدل أخر لأي منتج من منتجات أبل، ونحن نود أن نجعله في متناول عدد أكبر من العملاء خصوصًا في موسم العطلات.
٥ فبراير ٢٠٠٨: أعلنت أبل عن النسخة ١٦ جيجا قائلة: “يبدو أن بعض المستخدمين لا توجد سعة تخزين كافية لهم، لذا يستطيعون الآن الاستمتاع بكمّ أكبر من موسيقاهم المفضلة والصور والفيديوهات على الهاتف الأكثر تطورًا الأيفون”.
أراء المنافسون
بالتأكيد لم يكن الأيفون في ذلك الوقت هو أحد الهواتف المفضلة عالميًا، لكن هذا لم يمنع مسئولي الشركات المنافسة في سوق الهواتف المحمولة من توجيه انتقادات شديدة للأيفون.
على سبيل المثال صرح إد كوليجان رئيس شركة بالم للهواتف: “لقد تعلمنا وكافحنا على مدار سنوات عديدة لنقدم هاتف محترم، رجال الحواسيب لا يستطيعون فعل هذا فجأة، ولن يكون سهلًا عليهم خوض السباق”.
يبدو أن رجال الحواسيب قد فعلوها يا إد، ربما لأنهم لم يحاولوا صنع هاتف ذكي بل سعوا إلى حاسب مصغر يستطيع إجراء المكالمات.
أيضًا صرح ستيف بالمر رئيس ميكروسوفت حينها: “تستطيع الحصول على هاتف موتورولا كيو مقابل ٩٩ دولار، يبدو أن أبل قدمت الهاتف الأغلى بفرق شاسع عن باقي السوق، محال أن تحصل أبل على حصة محترمة في السوق ليس هناك فرصة لهم”.
خفضت أبل الأسعار وظهرت نسخ العقود المخفضة التي قدمت سعرًا تنافسيًا جعل حصة أبل تنمو بثبات واضح، بالمر كان محقًا وقتها لكن لم يكن له نظرة مستقبلية لهذا السوق.
يبدو أن المنافسين الكبار في ذاك الوقت مثل بلاكبيري وميكروسوفت ونوكيا وموتورولا وبالم لم يدركوا أن قواعد اللعبة قد تغيرت، و بدا أنهم غير مستعدين للسنوات القادمة.
من سخرية القدر أن الشركة الوحيدة التي أدركت ما حدث لم تكن منافسًا في السوق في ذاك الوقت على الأقل وهي العملاق الكوري سامسونج ٠
الأيفون بعد عامه الأول
بحلول يونيه ٢٠٠٨ ألغت أبل تسمية الأيفون الأوريجنال و حلت محلها الأيفون٢جي، وصل إجمالي المبيعات إلى ٦ مليون وحدة و هذا فقط عن طريق ٤ شركات اتصالات في ٤ دول.
لكن تأثير الأيفون بدا أكبر بكثير من الأرقام وحدود الدول، لقد بدا أنها بداية تسونامي قادم .
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست