كنا قد تواصلنا في المقال السابق مع زواج المسلمات، والآن نعرض للمحرمات من النساء على رجال المسلمين، وهن أربعة عشر صنفًا جاء ذكرهن بالإجمال في الآيتين 22 و23 من سورة النساء وهن بالتفصيل:

أولًا التحريم الأبدي

بعلة القرابة

1/ الأصول

وهن الأمهات وإن علون فالجدة من ناحية الأب ومن ناحية الأم ويشمل هذا البند (زوجات الأب التي دخل بهن الأب – أو الجد طبعًا – لقوله تعالى (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم).

ولكن لو لم يدخل بها الأب، فلا حرج النص واضح.

2/ الفروع

وهن البنات الصُلبيات لقوله تعالى عطفًا على المحرمات من النساء: ﴿… وبناتكم…﴾ وبنات الأبناء (بنات أو أولاد) وإن نزلن.

وهنا نقطتان يجب ملاحظتهما

أولًا: بنت المرأة التي دخل بها الرجل، صارت من المحرمات – على هذا الرجل – بعد الدخول، كيف؟

«منى» لها بنات من زواج سابق. منى تزوجت عمر. ما موقف عمر من البنات؟

أصبحن من المحرمات عليه تحريمًا أبديًا؛ بالنص القرآني.

(وسوف نعرضها بالتفصيل عندما نصل لموضعها).

ثانيًا: البنت من الزنا من المحرمات وخالف الشافعي هذا القول أنه لا تحرم البنت من السفاح على أبيها لأن نسبها لم يثبت منه فلا تكون مضافة إليه شرعًا. وقد حكى عن مالك مثل قول الشافعي هذا.

3/ فروع الأبوين أو أحدهما وهن:

الأخوات سواء كن من ناحية الأب والأم، أم ناحية الأب فقط، أم من ناحية الأم فقط. لقوله تعالى عطفًا على المحرمات من النساء: ﴿… وأخواتكم﴾. وكذلك بنات الأخوات وإن نزلن وبنات الإخوة وإن نزلوا.

فروع الأجداد والجدات المنفصلات بدرجة واحدة:

وهن العمات والخالات فقط سواء كن شقيقات، أمًا لأب فقط، أمًا لأم فقط. ويحرم على الشخص كذلك عمات أصوله وخالاته وإن علون، وذلك لقوله تعالى عطفًا على المحرمات من النساء: ﴿…وعماتكم وخالاتكم﴾. وقد أجمعت الأمة الإسلامية على ذلك.

حكمة التحريم

الحكمة من تحريم الزواج بهؤلاء، أن الزواج بهن قد يحدث فيه مشاكل كما تحدث في كل الزيجات، وهذه المشاكل قد تؤدي إلى الطلاق والفرقة ومن ثم قطيعة الرحم، وقطع الرحم حرام لأننا أمرنا بصلتها، وهذه مفسده كبرى نمنعها بحجب مصلحة صغرى – لها بدائل – وهي الزواج.

ويختص الأمهات (وزوجات الأب) بمعنى آخر وهو احترام الأم وتعظيمها.

وكيف من كانت آمرة وناهية ومرشدة – لو جاز نكاح الأمهات – تصبح تحت أمر وطاعة وفي خدمة زوجها – الذي هو ابنها –

وهذا واجب شرعي.

زوجها الذي فُرض عليه السمع والطاعة فيما مضى والبر بها والإحسان لها، أمر متناقض! لا تستقيم معه الحياة.

ثانيًا: النسب (المصاهرة)

وتحرم بسبب المصاهرة أربعة أصناف من النساء أيضًا هن:

أصول الزوجة

وهن أمها وجداتها وإن علون، سواء كن من ناحية الأب أو من ناحية الأم. لقوله تعالى عطفًا على المحرمات من النساء: ﴿…وأمهات نسائكم﴾. والحرمة هنا ثابتة بمجرد العقد فقط عند غالبية الفقهاء.

منى تزوجت عمر كما سبق؟ بنات منى محرمات على عمر بشرط أن يدخل عمر على منى.

لكن لو عقد عمر فقط على منى وطلقها وأراد أن يتزوج إحدى بناتها، فيا ألف أهلًا وسهلًا!

لو العكس عقد عمر على بنت منى، وتخلى عمر عن العروس وأراد أن يتزوج أمها منى، ممنوع وحرام.

لماذا؟

ببساطة الشرع مع مصالح الأجيال الجديدة فزواج الصغرى أوجب من زواج الأم التي عندها مسؤوليات تشغلها عن نفسها واحتياجاتها العاطفية (الجنسية)ـ في الفطرة السليمة – وكم ستفرح الأم لأن إحدى بناتها تزوجت!

وحتى لا تخرج العداوة والبغضاء من حيث الألفة والمودة بمعنى (الرجل عقد على البنت وبعض جلسات نظر للأم ولعبت برأسه فتزوجها وترك البنت، ما موقف البنت التي عاشت الحلم بالزفاف والزواج؟

أكيد ستكره أمها، وربما سارعت في الكيد والانتقام منها، وضاعت الأسرة. فأغلقنا الباب أمام الرجل الضعيف، ولو أن الأم معوجة الفطرة؛ تبحث عن نفسها، فنحن نغلق الباب أمام شطحها وجنونها، الرجل محرم عليها ما دام قد عقد على البنت حتى ولو لم يدخل بها).

فهذا ضمانات لصيانة العلاقات في المجتمع من التفسخ والتشتت والانحلال.

تدريب للقراء

سيد عقد قرانه على علا. (ألف مبروك) تعرف سيد على نهى – خالة علا – لم يعد يطيق لها فراقًا قرر أن يتزوج نهى بعد أن يطلق علا؟

ما موقف الشرع من جواز نهى وسيد؟

الرضاع

يُحرم من الرضاع ما يُحرم من النسب. هذا هو الثابت والمتفق عليه وقد تشدد البعض فيه بدافع الحيطة والحذر، ومع العرض سنفهم معنى الحذر، لكن للرضاع شروطًا لكي يحرم الزواج.

1/ أن يكون الطفل الراضع أصغر من سنتين عمرًا – أي قبل الفطام – لقوله صلى الله عليه وسلم (لا رضاع إلا في الحولين).

2/ أن يرضع الطفل خمس رضعات مشبعات أو أكثر من أُمه بالرضاع. ثبت في صحيح مسلم عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخت بخمس معلومات فتوفي النبي – صلى الله عليه وسلم – والأمر على ذلك) على الأقل. كيف نعرف إنها كانت رضعة مشبعة أم لا؟ الطفل الجائع يصرخ كثيرًا فإن أكل صمت وهدأ أو نام.

الطفل الراضع أكبر من سنتين ليس ابنًا بالرضاع لمن أرضعت. ولو الرضعات أقل من خمس فلا تحريم عليه مطلقًا.

فالمحرمات هن

أمك من الرضاع وبناتها (المرأة التي أرضعتك تصبح أمك وبناتها أخواتك).

ابنتك من الرضاع (التي أرضعتها زوجتك).

أختك من الرضاع (التي أرضعتك وإياها امرأة واحدة).

عمتك من الرضاع وهي أخت زوج المرضعة لك وهكذا.

خالتك من الرضاع وهي أخت المرأة التي أرضعتك.

ابنة الأخ من الرضاع وهكذا.

ابنة الأخت من الرضاع وهكذا.

مثال للتوضيح

 إن كانت فاطمة أختك من الرضاعة بمعنى أنك رضعتَ من أمها، فكل أخوات فاطمة من أمها حرام عليك. وتحرم عليك أيضًا كل أخواتها من أبيها، ولو كن – تلك الأخوات – من غير الأم المرضعة.

وإن كانت فاطمة أختك من الرضاعة أي أنها هي التي رضعت من أمك، فأخوات فاطمة من أمها أو أبيها لا يحرمن عليك.

وللمرأة أيضًا: الأب من الرضاع والأخ من الرضاع وأبناء الأخ من الرضاع والعم من الرضاع والخال من الرضاع وهكذا.

مثال

تزوج نصر من ناهد ولدت ناهد ريم.

ثم تزوج نصر من هبة ولدت هبة هالة.

ورضع عمر من ناهد – أم ريم – فما موقف هالة وأصولها وفروعها من عمر؟

لاحظ هنا أن عمر دخل بيت نصر  – الرجل، هو مفتاح حل التحريم – ورضع من زوجة نصر وعليه:

صار نصر أبًا له بالرضاع وكل زوجات نصر عليه حرام، وأخوات نصر صرن عماته وكل بنات نصر عليه حرام. حتى من زوجته الثانية هبة.

وما موقف أخوات هبة/ ضرة المرضعة من عمر؟ حذار من التيه.

هل انخدعت في السؤال؟ لا مانع، هن حلائل لـعمر.

أما الحالة الأخرى وهي أن تُرضع (أم عمر) ريم فهي واضحة ومفهومة. حرم بيت أبي عمر ورجاله – الأصول والفروع – على ريم.

التحريم مؤقت

يحرم على الرجل تحريمًا مؤقتًا الزواج من المرأة في حالات خاصة فإن تغير الحال، وزال التحريم وأسبابه:

الجمع بين الأختين، أو بين المرأة وعمتها أو بين المرأة وخالتها، المرأة المتزوجة، المرأة في العدة (مطلقة، أرملة).

وقد تكون المطلقة حاملًا فلا زواج لها إلا بالوضع لبراءة الرحم.

زواج الزانية وزواج المشركة.

وتحرم المرأة الخامسة لمن تزوج أربعًا من النساء (يا رب قوِّه!).

قبل الختام، ومع شيوع زواج السر في حالات التعدد!

لنا ملحوظة، كيف ندرك أن هذا التعدد حلال أم حرام؟ حتى لا تزداد أعداد الزيجات الباطلة!

تخيل أن المرأة الوافدة والقديمة (زوجان/ ذكر وأنثى) فإن صح زواجهما – صحتا أن تكونا تحت عصمة رجل واحد).

أنت متزوج سعاد، وأردت أن تتزوج نجوى – بنت أخت زوجتك، ما القول؟

نتخيل نجوى (رجلًا) سوف يتزوج سعاد (خالته) حرام.

إذن الجمع بين هاتين المرأتين في عصمة رجل واحد حرام.

وأرجو أن تكون أمور الزواج يسرًا كما هي شريعتنا.

صحيح  ما معنى شريعة؟

إلى هنا وكفى، وفرج الله قريب.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد