قبل الخوض في الحديث عن العمل الحر والنظامي، دعنا نعطي تعريفًا سريعًا للقارئ عن كلا العملين، ونبدأ بالعمل النظامي:

هو عبارة عن عقد يتم بين طرفين، الأول هو الموظف، والثاني هو صاحب العمل، وقد يكون (شركة خاصة أو مؤسسة حكومية) ، ويُحدد فيه ساعات دوام العمل، وكذلك يكون هناك راتب شهري نهاية كل شهر، بالإضافة إلى حقوق الموظف المتمثلة في المعاشات وإصابات العمل وغيرها من الحقوق.

أما العمل الحر فهو أن يتعهد الشخص القادر على أداء العمل، بأن يُتم العمل المطلوب منه وفق معايير معينة وفي فترة زمنية محددة. في حين يلتزم الطرف الآخر بدفع المبلغ المطلوب  لقاء حصوله على العمل الذي أراده، ويطلق عليه أيضًا (العمل عن بعد). وبعض الدول أطلقت عليه ما يسمى بـ (صناعة التعهد)؛ وذلك لتعهد كلا الطرفين بالالتزام بما تعهد به قبل البدء بالعمل.

بعد أن أدركنا المفهومين أصبح لزامًا علينا أن نتحدث عن الأسباب التي أدت إلى انتشار العمل الحر في غزة، وهناك أسباب عدة ساعدت وساهمت في انتشار هذا المصطلح:

  • الحصار المفروض على القطاع والذي شكّل الأثر الكبير في ظهور ذلك المصطلح، من خلال غلق المعابر، وصعوبة السفر للعمل في الخارج، وكذلك توقف عجلة الاقتصاد عن الدوران. الأمر الذي شكّل أزمة خانقة وقتلا للعديد من الآمال التي عقدها الخريجون.
  • الوضع السياسي القائم بالمنطقة، وكثرة الحروب، والوضع المضطرب الذي أفقد الجميع الأمان الوظيفي. وكذلك الانقسام السياسي الذي ساهم في تفاقم الأزمة. فعلى سبيل المثال:

أعلنت حكومة التوافق الفلسطينية عن عقد اختبارات توظيف للتعليم، ثم بعد ذلك أعلنت أن الاختبارات تطال مناطق الضفة دون غزة، وهذا في حد ذاته حصار لغزة، حيث علّق العديد من الشباب الخريج آماله على تلك الحكومة. وهناك أيضًا الاختبارات التي قدمها الخريجون لدى وكالة الغوث، ثم بعد ذلك تم إلغاء الاختبارات، وتوقيف التوظيف لدى الأونروا لخمسة أعوام قادمة. وأنت عزيزي القارئ تملك الدراية الكافية بهذه الأمور.

  • ويتبع لسلسلة الأسباب أيضًا، أزمة الرواتب وانقطاعها في ظل الحصار وغلاء الأسعار، الأمر الذي ساعد على أن يلجأ الواحد منا لبديل عن العمل النظامي ليوفق ما بين احتياجاته ومقدرته المالية ضاربًا بكل مشاكل العمل النظامي عرض الحائط.
  • ومن ضمن الأسباب التي جعلت الخريج يلجأ للعمل الحر، هي المزايا التي يتمتع بها العمل الحر على خلاف العمل النظامي، والتي بإمكاننا أن نوجزها في النقاط التالية:

أولًا: يبدأ العمل الحر منذ استلام العمل وينتهي بتسليم العمل واستلام أجر العمل، ثم بعد ذلك يبدأ الشخص عملًا آخر مع زبون آخر وبأسعار يتفق عليها الطرفان.

ثانيًا: الحرية في وقت العمل خلقت قبولًا لدى الجميع، فكل ما علينا هو تنظيم وقتنا لإمكانية استغلاله لإنجاز العمل وبالتالي الحصول على عمل جديد.

ثالثًا: عدم اعتماد العمل الحر على مكان معين لأداء العمل، فيستطيع الواحد منا أداء عمله من منزله أو أي مكان آخر تتوفر فيه متطلبات العمل، مثل الهدوء وشبكة الإنترنت والكهرباء.

رابعًا: العمل الحر لا يقتصر على زبائن محليين أو عرب بل يطال العالم كله، الأمر الذي يزيد من قدرة الشخص على تنمية مهاراته في التواصل والقدرة اللغوية لو كان الزبون أجنبيًا.

خامسًا: في العمل الحر قد تكون أنت صاحب العمل وقد تكون القائم بالعمل وقد تكون كليهما.

سادسًا: الأسعار في العمل الحر لا حد لها، ويتم التفاوض عليها طالما كانت لديك الثقة بنفسك وبعملك وقدرتك على الإنتاجية العالية.

سابعًا: نجاح فكرة العمل الحر لدى الدول الأخرى، كفيل بأن يجعلك تخوض التجربة وتسجل نجاحات عديدة والله الموفق.

 

عزيزي القارئ والمهتم، حتى تخوض غمار العمل الحر وحتى تضمن النجاح فيه يجب أن تتوفر لديك الأمور التالية:

أولًا: قدرات لدى مؤدي العمل (قدرات شخصية):

  • أن تبدع في مجال معين، وهنا عليّ أن أقول لك أن العمل الحر لا يقتصر على قطاع دون آخر فالتكنولوجيا والهندسة والإدارة والمحاسبة والكتابة والرسم والترجمة والعديد العديد من القطاعات تجدها هناك. المهم أن تمتلك الإبداع والثقة بنفسك لتبدأ وعندها أضمن لك النجاح.
  • أن تمتلك موهبة الصبر خاصة في بداية الأمر، وعند الحديث عن الأسعار نبدأ بأسعار تناسبنا وعقلانية، بعد ذلك نبدأ في التفاوض، بعد أن نكون قد أصبحنا رواد هذا العمل.
  • إذا كنت راغبًا في العمل مع أصحاب عمل أجانب عليك أن تتقن اللغة الإنجليزية حتى تتمكن من التواصل معهم.

ثانيًا: بيئة العمل:

  • الإنترنت: الذي من خلاله تستطيع التواصل مع صاحب العمل والذي تجده من خلال مواقع معينة تم إنشاؤها خصيصًا للعمل الحر وهناك مواقع لأصحاب عمل عرب وهناك لأصحاب عمل أجانب.
  • الكهرباء: والتي تمكننا من أداء العمل، والكهرباء تعتبر أحد العوائق لدينا في غزة؛ حيث تقف حائلًا دون إتمام العمل أو التأخر في تسليم العمل، لذلك يلجأ العديد من الناس إلى توفير بديل عن الكهرباء ليتمكنوا من شحن أجهزتهم ومن توفير الإنترنت، وهذا البديل قد يكون عبارة عن توفير بطاريات شحن أو من خلال التواجد في أماكن تتوفر فيها الكهرباء، وهناك من استغل النوادي والمقاهي استغلالًا حميدًا في سبيل ذلك.
  • بطاقة الائتمان: وذلك حتى يتسنى لصاحب العمل تحويل مستحقاتك المالية لقاء حصوله على عمله.
  • الحاسوب: أن تمتلك جهاز حاسوب مستقل تعمل على تهيئته، ليساعدك على أداء العمل على الوجه المطلوب.

 

وختامًا عزيزي القارئ أتمنى أن يكون هذا المقال فاتحة خير عليك، وأن تكون رائدًا من رواد هذا العمل، لذلك أوجه لك نصيحة ختامية.. أتمنى أن تبقى ثقتك بالله عالية وبأن القادم أفضل بإذنه تعالى.

 

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد