سيطرة التكنولوجيا على البشر ؟؟

إن التكنولوجيا في وقتنا الحالي تشهد تطورًا ملحوظًا ومدهشًا لم نشهده من قبل، وشملت جميع نواحي الحياة سواء في المجال الثقافي عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي التي سمحت لك بالتعرف إلى حضارات وثقافات أخرى، أو في المجال التجاري عن طريق التسوق الإلكتروني الذي يساعدك على شراء أي شيء تحتاجه وأنت جالس في منزلك، أو في المجال التعليمي عن طريق المواقع التعليمية التي فتحت لك آفاقًا تعليمية واسعة وساعدتك بتعلم أي شيء تريده، كما أن التكنولوجيا توسعت توسعًا مبهرًا، وخصوصًا في مجال الروبوتات، والذكاء الصناعي الذي يعد نقلة نوعية مهمة.

وعامًا بعد عام نشهد تطورًا تكنولوجيًّا جديدًا، سواء في صناعة الجوالات، فمثلًا بإضافة تقنيات جديدة، أو بصناعة روبوتات متطورة بذكاء صناعي تختلف عن سابقاتها، أو بصناعة سيارات فجعلها مثلًا تسير بأوامر ومنظومة معينة وتقنيات كثيرة أخرى، وبعد كل هذا التطور الذي نشهده في حياتنا هل يمكن أن يأتي يومًا مثلًا وتنقلب التكنولوجيا على البشر رأسًا على عقب ويصبح البشر هم من يطيعون الأمور؟ سؤال غريب بعض الشيء ومستبعد حدوثه، لكن بدأت تتعالى بعض الأصوات الذين يتوقعون حدوث شيء من ذلك، سواء بعد سنة، أو بعد مئة سنة لا أحد يعلم حتى وصل الأمر إلى بعض الأفلام، وبدأت بطرح هذه الفكرة منذ فترة طويلة، على الرغم من أنها خيالية وتجارية، بعض الشيء لكن يتوقعون حدوثها، ونذكر من هذه الأفلام فيلم upgrade»» الذي أنتج في عام 2018 «سنذكر عنه ملخصًا بسيطًا»، والتي تدور أحداثه في عالم متقدم جدًّا في المجال التكنولوجي، وتبدأ القصة بتعرض أحد الأشخاص لهجوم يؤدي إلى إصابته بإصابة تمنعه من الحركة، ونتيجة التطور التكنولوجي، توضع شريحة له مزروعة بداخلها ذكاء صناعي فتساعده هذه الشريحة على الحركة، وتضيف بعض الميزات الأخرى بأمر من هذ الشخص، وبعد فترة تنقلب هذه الشريحة على صاحبها، وتسيطر على الجسد، ويصبح العقل الصناعي المسيطر الوحيد على الجسد، وذكر الموضوع نفسه أيضًا لكن بشكل أوضح ومفصل أكثر، وكان ذلك في المسلسل البريطاني «Black mirror» الذي أنتج في عام 2011، وهو من فئة الخيال العلمي، وقد تطرق إلى الأثار السلبية للتقنية وتأثيرها على المجتمع بحالات مختلفة، وبشكل موسع وكيف سيكون العالم مستقبلًا مع تطور التقنيات والتكنولوجيا، ليوضح الفكرة وسلبياتها بكافة تفاصيلها وحالاتها، على امتداد أربعة أجزاء، كل حلقة لها قصتها المختلفة.

إذا اتفقنا على أن موضوع سيطرة التكنولوجيا على العالم هو موضوع خيالي ومستبعد بشكل كبير، وأن هذه الأفلام هي محض خيال علمي لا أكثر ولا أقل، لكن إذا توقفنا قليلًا سنجد أن بالفعل هذا هو واقعنا الحالي الذي نعيشه؛ فالتقنية والتكنولوجيا هي التي تسيطر علينا ولا يستطيع أي شخص أن يعيش من دون التكنولوجيا فقد أصبحنا مدمنين تكنولوجيا، ونعيش حياة عزلة عن عالمنا الواقعي، وحياتنا أصبحت عبارة عن عالم افتراضي نعيشه بكامل تفاصيله، سواء في الحياة الاجتماعية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي التي نقضي فيها أكثر من حياتنا الواقعية ونتعرف بها على أشخاص من وراء الشاشات، ففصلنا عن واقعنا، وأصبحنا افتراضيين بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، أو عن طريق العمل الإلكتروني الذي بدأ يستهوي الكثير من الأشخاص؛ فأصبحنا نعمل في عالم غير محصور بوقت معين، أو أيام عمل معينة، وتأخذ الكثير من وقتنا على حساب حياتنا الاجتماعية، هذا بالإضافة إلى التأثيرات السلبية للصحة وللجانب النفسي على المدى الطويل، وبالنهاية نثبت حقيقة أننا مسيطر علينا من قبل التكنولوجيا، بشكل غير مباشر، وليس بالمعنى الفعلي للسيطرة، لكن للأسف هذا هو واقعنا وكان ذلك نتيجة لاستخدام الخاطئ وغير الواعي للتكنولوجيا والتقنيات.

 

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد