خُلق الإنسان، وجُبل على حمل رسالة يسعى لتحقيقها من خلال وضع أهداف تناسب تلك الرسالة، والرسالة بمفهومها الإداري شيء معنوي غير محدد بوقت على عكس الهدف الذي يحدد بوقت معين، ولا بد لتحقيق الهدف من خطوات صغيرة تدعى المهمات.

تحديد الهدف المناسب يعد سببًا رئيسًا لحياة مستقرة بعيدة عن الشتات، يجعل النفس الإنسانية في حالة سعادة. تحديد الهدف فيسيولوجيًّا؛ يفرز هرومون الدوبامين المسؤول عن السعادة، يعد أيضا الضامن الرئيس للاستمرار بالأعمال وعدم الملل منها بوقت وجهد أقل.

كيفية تحديد الأهداف لا يتطلب قراءة 20 كتابًا أو حضور 20 محاضرة؛ بل من خلال دورة بسيطة، وتستطيع أيضًا ذلك من خلال قراءة ما سيتم ذكره في هذه الأوراق التي ستساعدك بفترة وجيزة على تحديد الأهداف المناسبة لك وتنفيذها.

تحديد الأهداف: يمكن ذلك وفق الخطوات التالية:

1.التجربة: التجربة في مجالات عديدة، في مجال عملك، تخصصك أو مجالات أخرى، فكل تجربة قطعًا ستضيف لك شيئًا من خلاله ستعرف شغفك بأي فلك يدور و تحدده.

2.العلاقات الاجتماعية: التعرف على أكبر قدر ممكن من الشخصيات العالية أو المتواضعة، فكل منهم حامل لقصة أو حكمة ستساعدك في التحديد.

3.صناعة القدوة: قدوة في الرياضة، الطب النفسي، ويتطلب متابعتهم على وسائل التواصل بشكل مستمر.

4.اعرف قيمك: تعد هذه الخطوة أهم خطوة مما سبق، وهي بمعنى؛ ما هو أكثر شيء تهتم به في حياتك؟

أشخاص قيمهم العلم، وأكثر ما يشغل بالهم هو التفوق، أشخاص الأسرة، الحب، الشهرة، مع الأخذ بعين الاعتبار، بأن العمر يؤثر على اختيار القيمة، وبأن بعض القيم تأخذ جانبًا سلبيًّا وجانبًا إيجابيًّا مثل الشهرة و المال.

تحديد القيم يحدد إلى ماذا يريد الإنسان الوصول إليه.

تقسيم الأهداف؛ تنقسم الأهداف إلى بعيدة وقريبة ، والأهداف القريبة تحقق بشكل أو بآخر الأهداف البعيدة.

الأهداف البعيدة

1.إستراتيجية بخطوات مخصصة لهذا الهدف.

2. محفزة تساعد على القيام بالهدف.

3.طموحة بحيث تكون أعلى من طموحك الآن ومناسبة لطموحك المستقبلي.

4. واقعية ومحدودة بوقت.

الأهداف القريبة:

1. هدف محدد مثل زيادة الدخل لتحسين مستوى الحياة.

2. هدف قابل للقياس، مثل زيادة الدخل 10%.

3. خطوات محددة: مثل فتح مشروع خاص لتحسين الدخل.

4. محدد بوقت مع مراعاة متى سيبدأ و متى الانتهاء.

النجاح الحقيقي:

عند تحديد الأهداف وتنفيذها بشكل مناسب، عندها نصل إلى ما يسمى النجاح الحقيقي بجوانبه النفسية والإجتماعية و المادية، إذ إن المهندس الذي يحقق كميات هائلة من الربح المادي خلال عمله ولا يبدي اهتمامًا بنفسه وعلاقاته الاجتماعية، لا يعد هذا المهندس ناجحًا حقيقيًا، لأن النجاح الحقيقي لا بد أن يوفر الجانب النفسي بتطوير مهارات العقل وتعلم اللغات والاهتمام بالجسد من خلال متابعة الطعام والرياضة التي نقوم بها، ولا بد أن يوفر الجانب الاجتماعي من خلال علاقته مع الأسرة و الأصدقاء و كمية ونوعية الوقت الذي يكون معهم، وأن يوفر الجانب المالي بقسميه العمل و المال بتطوير القدرات العملية لادخار 10% من المال والاستثمار به.

من المحتمل بعد قراءة هذه السطور ستظهر لك عجلة الزمن الخاصة بك، فهل أنت متوازن بالتعامل معها؟ بعد ذلك ضع الأهداف التي تؤدي بك إلى توازن و نجاح حقيقي يليق بك.

التفكير الإبداعي:

من أكثر الطرق فعالية ونجاحًا؛ والتي تساعد في وضع الأهداف، هي أن تجد فكرة من العدم أو تنظم فكرة موجودة في الأصل، ولكن بطريقة احترافية، وهذا ما يدعى بالتفكير خارج الصندوق (التفكير الإبداعي)؛ إذ إن الصندوق هو أفكارنا السابقة التي نبني عليها القرارت والتفكير خارج الصندوق يكون بوضع تلك الأفكار جانبًا والتفكير بعيدًا عنها، ولتطبيق ذلك؛ هذه مبادئ التفكير الإبداعي:

1.دراسة الواقع جيدًا: جيف بيزوس، ترك عمله نائبًا، وأسس مكتبة إلكترونية عندما أدرك أن الإنترنت في المستقبل، سيكون من أساسيات الحياة، وبالرغم من رفض الفكرة من قبل كثير من المستثمرين بسبب عدم انتشار الإنترنت في ذلك الوقت، فإن جيف الآن هو صاحب متجر أمازون الذي يعد أكبر متجر في العالم.

2. الأفكار البسيطة؛ إذ إن أبسط الأفكار أعظمها.

3. فصل التفكير عن التنفيذ: لا تفكر بالعوائق المادية، فقط فكر.

4. ناقش فكرتك: اختر الشخص المناسب وناقشه في الفكرة.

5.اعرض فكرتك بشكل صحيح: تعلم مهارة عرض الأفكار التي تساعد على إقناع الأشخاص بها، وحاول أن يكون العرض بشكل نقاط مرتبة بحسب الأهمية، والاستعانة بمواد مرئية لتبسيطها للمتلقي، و كن مستعدًا للضغوط التي ستواجهك.

مرحلة اتخاذ القرار:

كل ما سلف ذكره يتطلب منك اتخاذ قرارت لابد أن تكون صحيحة ومناسبة لمكانها ووقتها، كثير من الناس بعد اتخاذ القرار يتراجع عنه، وكل ما كان ينقصك أخذ قرار قاطع ونهائي يمكن تطبيقه، وعلى سبيل المثال كم مرة قررت عدم التدخين؟ كم قررت تحسين مستوى حياتك؟

مراحل اتخاذ القرار ثلاثة، في كل مرحلة تواجهك مشكلات، و يتطلب الأمر منك حلولًا لها وفق التالي:

المرحلة الأولى: مرحلة الخيارات:

زيادة الخيارات مؤشر على النجاح. فإن الوقوع في الإطار الضيق ضمن خيارات قليلة سبب في فشل كثير من الشركات و الحل في هذه المشكلة هو توسيع الخيارات بشكل مناسب وواقعي مع عدم المبالغة فيه.

المرحلة الثانية: تحليل الخيارات بين إيجابي وسلبي:

في هذه المرحلة نواجه مشكلة الانحياز التاكيدي بالأفكار السابقة؛ فمثلّا إذا عرض عليك عرض عمل من قبل شركتين A، B وفي الشركة A يعمل صديق لك. فهنا ستختار الشركة A بسبب معلومات سابقة ووجود صديقك، والحل في ذلك يمكن في أن تفترض العكس تماما والبحث عن الشركة بشكل خارجي وبشكل تفصيلي من خلال الموظفين مثلًا.

المرحلة الثالثة: اتخاذ القرار:

لا بد من اختيار القرار بترك مسافة قبل اتخاذ القرار، وأن تأخذ القرار كأنك تنصح صديقك وهذا يفيد في توسيع المنظور الذي تنظر منه، ولتجنب الوقوع في الثقة الزائدة استعد دائمًا لكي تكون على خطأ.

يمكنك أيضًا من خلال مراجعة تحليل SOWT أو نظرية قبعات التفكير الستة (يوضح من خلالها أدوارد دي بونو، أنماط التفكير و يعطي لكل نمط تفكير قبعة خاصة به) أن تتقن أكثر مهارة اتخاذ القرار المناسب.

ضبط بوصلة الأولويات وسجل النشاطات:

يعد الخطأ الرئيس في عدم الإنجاز هو ضياع بوصلة الأولويات، ولو افترضنا أن يومنا 50 ساعة هل سننجز و نتخلى عن حجة ضيق الوقت؟

من أهم الأمور التي تساعد في الإنجاز هي ضبط بوصلة الأولويات، ويمكن هذا من خلال مراقبة الوقت بواسطة سجل النشاطات.

سجل النشاطات:

ندون فيه ماذا ننجز من مهام خلال اليوم ونقسمه إلى الوقت، والمهمة والتقييم، بحيث يكون التقييم من 1 إلى 10، بعدها نتابع سجل النشاطات لمدة أسبوع ثم نصنف المهام إلى:

1. مهام لا يمكن تأجيلها: يكون تقيمها أكثر من 5.

2. مهام يمكن تأجيلها: يكون تقيممها أقل من 5.

3.مهام يجب إلغاؤها: يكون تقيممها منخفض وهي عادةً تساعد في ضياع الوقت.

ومن فوائد سجل النشاطات أيضًا أنه يحدد لك الوقت الذي تبدع وتنجز به بكفاءة عالية، وبشكل أكبر، ويدعى بالوقت الذهبي، فأنا على سبيل المثال؛ وقت صباح هو الوقت الذهبي ويختلف ذلك من شخص لشخص.

إدارة المهام و استغلال الوقت والجهد:

خلال وضعك للأهداف وتنفيذها سيتوجب عليك إدارة المهام واستغلال الوقت والجهد بالشكل الأفضل، ويمكن ذلك من خلال مربع الأولويات الذي وضعه، أبزنهاون، وقسمه إلى أربعة أقسام: عاجل و مهم (مربع الإنجاز)، غير عاجل مهم (مربع المستقبل)، عاجل وغير مهم (مربع الضياع )، غير عاجل و غير مهم (مربع هلاك ويجب إلغاؤه)

ولا بد من التركيز أكثر شيء على مربع المستقبل الذي يعد أهم مربع على الإطلاق.

الأمور التي تساهم في فشل عملية إدارة الوقت هي:

1. التأجيل و هذا سيأخرك عن الوصول لهدفك.

2. عدم معرفة الأولويات وقد أسلفنا الذكر في ذلك.

3. قطع المهام أثناء تنفيذها بأشياء أخرى: مثل الرد على مكالمة هاتفية أثناء إنجاز شيء أكثر أهمية من المكالمة الهاتفية.

4. عدم القدرة على قول لا: لا بد من قول لا بأسلوب لبق مع توضيح الأسباب.

5. تعدد المهام في الوقت نفسه.

6.التخطيط غير الواقعي: مثل إعطاء وقت أكثر او أقل لمهمة ما.

7.عدم النظام: عدم ترتيب الورق أو المكتب لن يساعدك في البحث عن أي مستند أو مجلد بشكل سريع.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد