تأثر سوق الذهب خلال العام المنصرم 2016 بسوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تشهدها مصر؛ إذ أثرت عليه بالسلب، فزادت حالة الركود، مع ارتفاع أسعار الذهب لمستويات تاريخية، بفعل انتعاش السوق الموازية للدولار، وقرار الحكومة بتعويم الجنيه، كما تراجع الإنتاج والمبيعات، وانخفاض عدد العاملين بالورش والمصانع، وأصبح السوق مرتعًا لكبار التجار للتلاعب في الأسعار.
شهد عام 2016 ارتفاعات غير مسبوقة بالسوق المحلية، بلغت 242%، حيث سجل سعر جرام الذهب عيار 21 في يناير 257.50 جنيهًا، وأغلق في ديسمبر عند 581 جنيهًا.
وبحسب تقرير شعبة الذهب بالاتحاد العام للغرف لتجارية، فإن الأسعار الشهرية للذهب عيار 21 على مدار العام سجلت في يناير 262 جنيهًا، وفبراير 264 جنيهًا، ومارس 297 جنيهًا، وأبريل 320 جنيهًا، ومايو 375 جنيهًا، ويونيو 365 جنيهًا، ويوليو 400 جنيه، وأغسطس 450 جنيهًا، وسبتمبر 462 جنيهًا، وأكتوبر 485 جنيهًا، ونوفمبر 625 جنيهًا، وديسمبر 581 جنيهًا.
وأشار التقرير إلى ارتفاع مبيعات المواطنين خلال شهر أبريل ومايو بعد تجاوز الذهب حاجز الـ300 جنيه.
وعالميًّا ارتفت أسعار الذهب بنسبة 10.50%، إذ سجلت الأوقية 1066 دولارًا في يناير، وأغلقت في ديسمبر عند 1137 دولارًا، وكان الذهب قد ارتفع إلى مستوى قياسي في يوليو بنسبة ارتفاع 28%، إذ سجلت الأوقية 1360 دولارًا، بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، ثم انخفض على مراحل ليستقر عند 1178 دولارًا، بفعل انخفاض الطلب نتيجة قرار الحكومة الصينية بوقف استيراد الذهب، كما أدى قيام المركزي الأمريكي برفع أسعار الفائدة على الدولار بنسبة 0.75%، إلى هبوط أسعار الذهب بنسبة 8%، لينهي العام عند 1137 دولارًا.
في ظل موجة الارتفاع والتضخم التي شهدها سوق الذهب، توجه المصريون لبيع ما في حيازتهم خاصة في أبريل ومايو، وأصبحت الفرصة مواتية أمام كبار التجار المتحكمين في الأسعار، بتخفيض السعر المحلي عن السعر العالمي بقيمة ما بين 25 – 30 جنيهًا، حتى يستفيدوا من هذه القيمة أثناء تصدير الذهب للخارج سواء بالطرق الشرعية أو عن طريق التهريب.
وفي تصريح صحفي لجريدة «عالم المال» أشار «خالد رمضان»، تاجر ذهب كسر بالصاغة: «عندما ارتفعت أسعار الذهب وأقبل المصريون على البيع، قام تجار الذهب «الكبار» بتخفيض سعر السوق المحلية عن السعر العالمي بفارق 25 جنيهًا، وتهريب كميات كبيرة من الذهب للخارج وتحقيق مكاسب بلغت 25 مليون جنيه في الطن، موضحًا أن بيع الذهب الخام بالخارج حد من المعروض من المشغولات الذهبية بالأسواق».
وأشار تقرير صادر عن شعبة الحلي والمجوهرات باتحاد الصناعات إلى تراجع إنتاج المشغولات الذهبية بالسوق المحلية خلال عام 2016، إلى 32 طن مقارنة بما تم إنتاجه خلال عام 2015، إذ بلغ الإنتاج 60 طنًا، نتيجة تراجع الطلب.
وأوضح التقرير تصدير 45 طن ذهب خام منها 15 طنًّا من إنتاج منجم السكري بقيمة 19.40 مليون دولار.
بينما أشار تقرير آخر صادر عن شعبة المشغولات الذهبية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إلى انخفاض مبيعات الذهب خلال 2016، بنسبة 75٪ مقارنة بـ 2015، بسبب التغير المفاجئ والسريع في الأسعار، وضعف الحالة الاقتصادية.
كما أوضح التقرير، استحواذ عيار 21 على أعلى نسبة مبيعات تخطت 70٪ خلال عام 2016 مقارنة بـ2015، وحل عيار 18 في المركز الثاني، بنسبة 30%، ولم يحصل عيار 14 على أي نسبة من المبيعات، وأشار التقرير إلى انخفاض عدد العاملين في المصانع، والورش بنسبة 65٪.
من جهتها أقرت وزارة المالية الضريبة على القيمة المضافة للمشغولات الذهبية والفضية والبلاتينية والأحجار الكريمة، وفقـًا للقانون رقم 67 لسنة 2016 بشأن أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة.
وبالنسبة للمشغولات المحلية، حددت قيمة الضريبة على عيار 21 بـ3 جنيهات، و5 جنيهات على عيار 18، و4 جنيهات على عيار 24 وأيضًا عيار 14، وبالنسبة للمشغولات المركب عليها أحجار كريمة فتكون الضريبة المستحقة 10 جنيهات وذلك عن كل جرام.
في حين حددت ضريبة القيمة المضافة على المشغولات المستوردة بـ 150 جنيهًا على كل جرام.
واستمرارًا لدور مصلحة الدمغة والموازين الرقابي والخدمي، فقد أشارت المصلحة في تقريرها السنوي، إلى دمغ 106 طن من الذهب منها 36 طنًا من المشغولات الذهبية و70 طنًا من السبائك، ودمغ 8 أطنان من الفضة منها طن مشغولات فضية و7أطنان من السبائك.
كما قام مفتشو المصلحة بـ332 جولة للتفتيش على محلات الذهب، أسفرت عن تحرير 236 محضرًا ومصادرة 15 كيلو من الذهب و52 كيلو من المشغولات الفضية.
وفي أكتوبر من العام نفسه، حققت المصلحة 285.870 مليون جنيه من مزاد علني، لبيع 300 كيلو ذهب و600 كيلو فضة وتم توريد حصيلة البيع للخزانة العامة للدولة.
ولمواجهة حالة ركود سوق الذهب بعد ارتفاع الأسعار، دشنت وزارة التموين والتجارة الداخلية حملة بالتعاون مع مجوهرات لازوردي، لتداول عيار 14 في السوق المصرية.
إلا أن تقرير شعبة الذهب بالغرفة التجارية كشف انعدام مبيعات عيار 14 خلال 2016، كما أشار رفيق عباسي، رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات، في تصريح صحفي لجريدة اليوم السابع، إلى أن طرح مشغولات ذهبية عيار 14 بالأسواق، يعد تجربة غير موفقة، إذ إن 80% من المصريين يفضلون الذهب عيار21، بالإضافة إلى حالة الركود التي أصابت سوق الذهب.
وكان لارتفاع أسعار الذهب تأثير على المستوى الاجتماعي؛ إذ يرتبط الذهب بمراسم الخطوبة والزفاف، الأمر الذي دفع قرية «دنفيق» إحدى قرى محافظة قنا بصعيد مصر، إلى إلغاء «الشبكة» نهائيًا.
وشهد عام 2016، إعادة انتخاب وتشكيل مجلس جديد لشعبة الحلي والمجوهرات باتحاد الصناعات برئاسة رفيق عباسي، وكان من بين قرارات هذا المجلس، رفض وقف تصدير الذهب للخارج، بناء على طلب من تجار الذهب لوزارة الصناعة؛ حيث أكدت الشعبة في تقريرها إلى ضرورة عدم التدخل في آليات السوق وتركه ينظم نفسه، مبينة أن وقف التصدير سيزيد من عمليات تهريب الذهب للخارج.
بينما تناولت شعبة الذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية، عدة قضايا في اجتماعاتها، أهمها بحث تعدي رجال الأموال العامة وتفتيشهم على محلات الذهب؛ حيث أشار «فاروق إبراهيم بطرس» رئيس الشعبة في تصريحات لجريدة عالم المال أن مباحث الأموال العامة لا ينعقد لها الاختصاص في التفتيش على محلات الذهب، إنما الجهة المنوط بها ذلك هم مفتشو مصلحة الدمغة والموازين.
وجاء ذلك ردًا على قيام مباحث الأموال العامة بإلقاء القبض على تاجر ذهب يدعى «فرج م.م.» والتحفظ على مشغولات ذهبية بلغت 2.75 كيلو جرام، وبعد عرضه على النيابة، اتضح أن هناك خطأ في التحريات، نتيجة صدور إذن النيابة لشخص آخر ومحل آخر «وهمي».
كما ناشدت الشعبة الجهات المعنية، بضرورة نقل تابعية قطاع الذهب متمثلاً في شعبة الذهب ومصلحة الدمغة والموازين لوزارة الصناعة، أو على الأقل فصل الدمغة عن الموازين ونقل تابعيتها لوزارة الصناعة منفردة، بدلاً من وزارة التموين والتجارة الداخلية.
تسببت بعض الماركات الشهيرة مثل لازوردي وإيجيبت جولد في أزمة بسوق الذهب خلال العام الماضي، نتيجة رفضهم قبول المشغولات الذهبية المصنعة لديهم دون خصم الأحجار، ما أدى إلى إعلان بعض التجار عن مقاطعة منتجاتهم.
وسعت «لازوردي» لحل الأزمة، وعقدت اجتماع مع التجار لمناقشة تداعيات المشكلة وحلها، وفي تصريحات خاصة لجريدة أهل مصر، أكد «صديق المهدي» الرئيس التنفيذي لـ«لازوردي» مصر، على وجود سوء تفاهم مع التجار، مؤكدًا على أن لازوردي لم تغير من سياسيتها في قبول واستيرداد المشغولات الذهبية دون خصم الأحجار.
تمكنت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، من ضبط تشكيل يضم 13 هنديًّا، تخصص في الإتجار بالمشغولات الذهبية مزيفة العيار والدمغة، وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال المتهمين وإحالتهم للنيابة.
كما نجح قطاع مصلحة الأمن العام فى كشف غموض واقعة مقتل «أبونية» بسوق الذهب، يدعى «ملاك عوض»، والاستيلاء على كمية من المشغولات الذهبية كانت بحوزته؛ حيث توصلت الأجهزة الأمنية إلى تحديد مرتكب الواقعة وضبطه وهو «أحد أصحاب المحلات المُبلغين»، والأبونية هي فئة تعمل في الصاغة وتقوم ببيع المشغولات الذهبية من المصانع إلى محلات الذهب بالمحافظات في مقابل الذهب كسر وقيمة مادية.
وقد تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على تاجر ذهب، يدعى «حنا ثابت»، قام بالنصب على 11 تاجرًا بالصاغة في الجمالية، وهرب بكميات كبيرة من ذهب الكسر قدرت بـ 300 مليون جنيه، بالإضافة إلى 40 كيلو من الذهب بقيمة 20 مليون جنيه.
شهد هذا العام تحركًا لأسواق الذهب عبر مواقع التواصل الاجتماعي بهدف توعية المواطنين، حيث تم تدشين صفحة سوق الذهب، وكذلك صفحة سوق الذهب المصري، وصفحة وتطبيق «الصاغة» وكلها صفحات معنية بنشر أسعار الذهب لحظة بلحظة.
وفي تصريح صحفي لجريدة عالم المال، أشار «عمرو سعيد»، مؤسس صفحة «سوق الذهب»، أن الصفحة تهدف لنشر أسعار الذهب لحظة بلحظة من داخل السوق للمواطنين، منعًا لاستغلالهم من قبل بعض التجار معدومي الضمير، وأكد «سعيد» شكوى العديد من محلات الذهب، نظرًا لمعرفة المواطنين للأسعار الحقيقة من داخل السوق، موضحًا قول أصحاب المحلات، «الزبون بيدخل المحل، وفاتح الموبيل على صفحة سوق الذهب».
كما تم تدشين مجموعة «الصاغة المصرية الحديثة والذي ساهم في إحداث حراك بين التجار والمصنعيين والمواطنين وحل مشاكلهم، بالإضافة إلى أن البداية الحقيقية لتدشين نقابة رسمية لتجار الذهب تمت من خلال مجموعة تحت مسمى «نقابة تجار الذهب».
في حين كشف بعض تجار الذهب عن تداول سبائك ذهبية مزيفة، أسترالية المنشأ، بعد فحصها اتضح أنها محشوة بالنحاس من الداخل، ومغلفة بطبقة من الذهب.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست