قتل المواطن الأمريكي أسود البشرة جورج فلويد، عندما ضغط رجل الشرطة أبيض البشرة على رقبته ليمنعه من التنفس لمدة خمس دقائق، حتى خرجت روحه بعد محاولات استغاثه كثيرة منه، محاولًا أن يجعل الشرطي يرفع قدمه من فوق رقبته، ولكنه توقف عن الحركة ومات ليس لشيء، إلا لأنه أسود البشرة، وليس لشيء، إلا لأن ذلك الشرطي يملك من سواد القلب ما أقنعه أن بياض بشرته منحه أفضلية عن غيره، أو جعل الآخرين أقل منه مكانة ومنزلة.
مجزرة غنادينهوتن
ولكن لم تكن تلك الحادثة هي الحادثة العنصرية الأولى في أمريكا، سواء ضد الأفارقة أو غيرهم من الأعراق الأخرى، فتاريخ أمريكا منذ اكتشافها على يد كريستوفر كولومبوس عام 1492 حافل بالحوادث العنصرية، ولم تبدأ ضد السود، بل بدأت ضد السكان الأصليين للأمريكتين الهنود الحمر، وقد حدثت ضدهم الكثير والكثير من المجازر منذ ان وطئت أقدام البيض على هذه الأرض، ومن أبرزها مجزرة غنادينهوتن والتي راح ضحيتها 96 من الهنود في ولاية بنسلفانيا عام 1782، وقضوا نحبهم عن طريق الضرب بالمطارق الخشبية والفؤوس حتى خرجت أرواحهم جميعا، والكثير من حوادث الإبادة التي حدثت في حق الهنود، والتي أدت إلى تقلص اعدادهم بعد أن كانوا يتراوحون بين خمسة إلى 15 مليون نسمة أصبحوا 283 ألف نسمة في أواخر القرن التاسع عشر.
أما حوادث العنف والمجازر ضد الأفارقة سود البشرة، فلم تتوقف منذ أن استوطن الأمريكان تلك الأرض، وبدأوا باستيراد الأفارقة من المستعمرات الأخرى ليستعبدوهم، فقد حدثت ضدهم العديد والعديد من المجازر وحوادث العنف الفردية، وممارسات التفرقة العنصرية بينهم وبين البيض حتى في المواصلات العامة، حيث كان هناك مقاعد مخصصة للبيض فقط، وممنوع أن يجلس عليها السود حتى بعد إنهاء العبودية عام 1865.
مذبحة بلدة الين
وكان من أبرز المجازر التي حدثت ضدهم، المجزرة التي حدثت في بلدة ألين بولاية أركنساس الأمريكية عام 1919، حيث تجمع السود في الكنيسة لمناقشة أوضاعهم واستغلال المزارعين لهم، وكانوا يفكرون في توكيل محام لهم ضد ملاك الأراضي، الذين يأخذون منهم القطن المقطوف بأسعار زهيدة جدًا، في ذلك الوقت جاء بعض البيض، وقد أطلقوا بعض الأعيرة النارية عليهم في الكنيسة؛ مما جعل المواطنين السود يردون أيضًا بإطلاق النار على البيض، فتمت إصابة أحد البيض المهاجمين، وتم إبلاغ الشرطة، وقد اعتبر الشريف أن ما حدث كان تمردًا من السود.
فأرسل عددًا من المحاربين القدامى البيض الفيلق الأمريكي لقمع ذلك التمرد، وتم قطع خطوط الهاتف عن البلدة وتوافد ملاك الأراضي وما لا يقل عن ألف من الحراس البيض، وقتل في ذلك اليوم المئات من السود المحاصرين داخل الكنيسة بأبشع الطرق، وتم اعتقال واتهام أكثر من 122 رجلًا وامرأة من السود بارتكاب جرائم القتل، وتم أخذ الاعترافات منهم بالتعذيب، وتم إصدار البيانات الرسمية بقيام السود بالتمرد، وتم قمع ذلك التمرد بنجاح، وأقفلت تلك القضية على ذلك في هذا الوقت، ولا يوجد الكثير من المعلومات عن هذه المذبحة، وكل المعلومات التي ذكرت عن تلك المذبحة هنا على عهدة المؤرخة الأمريكية نان إليزابيث وودراف، ومقالها في جريدة النيويورك تايمز The Forgotten History of America’s Worst Racial Massacre.
مذبحة روزوود
وهناك أيضًا مذبحة روزوود عام 1923، تلك البلدة الواقعة بولاية فلوريدا، والتي غرقت في الدماء بعد الكثير من أحداث العنف والشغب، التي راح ضحيتها أكثر من 66 رجلًا وامرأة سود البشرة ورجلان من البيض، وفر الباقي من المواطنين السود إلى البلدان المجاورة، ولم يعودوا إلى هناك أبدًا، وكان ذلك بعد اتهام امرأة بيضاء لرجل أسود بالاعتداء عليها جنسيًا، والكثير من حوادث الإعدام غير القانونية التي حدثت ضد السود وتواطؤ الشرطة بغض الطرف عن تلك الإعدامات.
لم تلك تلك المذابح هي الوحيدة فى التاريخ العنصري للولايات المتحدة الأمريكية، بل كان هناك الكثير والكثير من أحداث العنف ضد السود، والهنود الحمر، والآسيويين، أو اللاجئين، أو أية أقليات أخرى، أمريكا التي تحاول فرض ديمقراطيتها المزعومة فرضا علينا عن طريق القوة العسكرية، أو السياسية، أو قوتها الناعمة، واليوم انكشفت القوة الأمريكية الزائفة أمام العالم كله، بسبب مواطن أسود مظلوم، وشرطي أبيض ظن أنه الأفضل دائمًا، انكشفت بسبب 20 دولارًا فقط لا غير.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست