يتوزع الأدب المغربي، من ناحية ثقافية/جغراسياسية، على بلاد المغرب الخمسة؛ المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، وتعبيرًا عن تلك الكتلة الثقافية، الثقافة المغربية، نورد في القائمة:

[1] أحلام مستغانمي

جميلتنا أحلام؛ أعتقد أنها أول من قرأت له من أدباء المغرب العربي، وقد كان ذلك منذ زمن بعيد.

تعد أحلام مستغنامي نموذجًا عربيًّا يعبر بامتياز عن التيار النسوي في الأدب، وهو تيار ينحاز للمرأة ببساطة، ووجهة نظرها التي تكون عادة عاطفية تجاه المنظورات، ولكن ذلك لا يمنعها من أن تتعرض لمشاكل المرأة داخل المجتمع العربي دون تسطيح، كأنها خيط داخل نسيج واحد متصل مشاكله بعضها ببعض.

وأهم أعمالها، والتي نلاحظ النزعة النسوية بها حتى في أسماء العناوين، هي:

1- الأسود يليق بك (بك / بها).

2- نسيانكم (كن / كم).

3- ثلاثية ذاكرة الجسد: ذاكرة الجسد، فوضى الحواس، عابر سرير (السرير والجسد)

4- أكاذيب سمكة

5- عليك اللهفة (اللعنة/ اللهفة)

ولا أنسى لها موقفها النبيل لما نعت وفاة المرحوم والمغفور له أحمد خالد توفيق بكلمات رقيقة، وهو الذي لم يدخر مناسبة دون أن يذكر صراحة كراهيته لأعمالها، وأنه لم يستسغ الأدب الذي تقدمه البتة.

من أقوالها:

«لا تقدم أبدًا شروحًا لأحد.. أصدقاؤك الحقيقيون ليسوا في حاجة إليها وأعداؤك لن يصدقوها».

«أحسد الأطفال الرضع، لأنهم يملكون وحدهم حق الصراخ والقدرة عليه، قبل أن تروض الحياة حبالهم الصوتية، وتعلمهم الصمت».

«أجمل حب هو الذي نعثر عليه أثناء بحثنا عن شيء آخر».

«عليَّ أن أقر بأنني مدينة لأعدائي بكثير من نجاحاتي وانتشاري، ولا يفوتني أن أتوجه بالدعاء إلى الله كيف يحفظهم ويبقيهم زخرًا للأعوام المقبلة؛ الكاتب الذي لا أعداء له هو كاتب سيئ الحظ، إنه كاتب غير مضمون المستقبل لأنه فاقد وجود التحدي».

أحلام مستغانمي أيقونة نسوية في الجزائر، وفي العالم العربي، خاصةً، وهي تمثل في شخصها وأدبها الإنكار الذكوري لمقدرة المرأة على إنتاج أدب نسوي مثل نظيره الآخر.

[2] إبراهيم الكوني

أعظم كاتب ليبي، وغالبًا هو أعظم من كتب في أدب الصحراء وهو المنتمي إلى إحدى أشهر قبائلها؛ الطوارق القاطنة في بوادي الصحراء العظمى، والطبع يغلب على التطبع، ليملأ نصوصه بالكثير من تراثهم، عاداتهم وتقاليدهم، قيمهم ومبادئهم، ثقافتهم وأساطيرهم ومعتقداتهم، وأخيرًا أسفارهم في الصحراء وهو الجزء الأكثر متعة للغالبية.

يعد من رواد الواقعية السحرية القلائل على الساحة العربية، وهو كاتب غزير الإنتاج حقًا، وفيما يلي عناوين رواياته: رباعية الخسوف (البئر – الواحة – الطوفان – نداء الوقواق)، التبر، نزيف الحجر، المجوس، خريف الدرويش، الفم، السحرة، فتنة الزؤان، بر الخيتعور، واو الصغرى، عشب الليل، الدمية، الفزاعة، الناموس، سأسرِ بأمري لخلاني الفصول، الدنيا أيام ثلاثة، بيت في الدنيا وبيت في الحنين، البحث عن المكان الضائع، أنوبيس، مراثي أوليس، ملكوت طفلة الرب، لون اللعنة، نداء ماكان بعيدًا، في مكان نسكنه في زمان يسكننا، يعقوب وأبناؤه، قابيل، أين أخوك هابيل، الورم، يوسف بلا إخوته، من أنت أيها الملاك، رسول السماوات السبع ، جنوب غرب طروادة جنوب غرب قرطاجة، فرسان الأحلام القتيلة ، الوقائع المفقودة من سيرة المجوس، عدوس وموسوعته السباعية فائقة الأهمية (بيان في لغة اللاهوت)، السيري.

كذلك من كتاب الواقعية السحرية الذين كانوا ليحتلوا مكانتهم هنا بالطبع، الكاتب الجزائري الكبير واسيني الأعرج.

[3] شكري المبخوت

من تونس تحيرت بين اثنين هنا؛ محمد العروسي صاحب التوت المر، وشكري المبخوت صاحب الطلياني، وقد وقع اختياري على الأخير؛ علمًا أنني لم أقرأ له بعد؛ ربما لاحقا، ربما الآن، ورواية الطلياني أدرجت ضمن أعظم مائة رواية عربية وفقًا للقائمة التي أصدرها لتحاد الكتاب العرب، ولا أملك أن أقول عنها شيئًا آخر سوى أن الطلياني، هو المرادف الدارج في العامية لكلمة (الإيطالي)، ومشكلة شكري المبخوت، وهي مشكلة فيصل الأحمر نفسها، أن رواياته تتشابه شكليًّا من الخارج مع أي رواية اجتماعية أخرى من التي تتخم بها مكتبتنا العربية.

[4] محمد شكري

المغاربة حاضرون بقوة هم والجزائريان، اثنين من الجزائر، واثنين من المغرب؛ هذا غير عدد من الترشيحات لأدباء المغرب الجديرين بالذكر، والذي تحيرت فيهم حتى استقررت على محمد شكري بينهم، أبرزهم ليلى أبو زيد صاحبة (الفصل الأخير).

ولا أعرف لماذا يميل المغاربة لهذه الروايات الجدلية في الموضوع، وفي التناول، وإن كنت أحب ذلك بالطبع مثل غيري اتباعًا لمبدأ الممنوع مرغوب، والممنوع المرغوب يطفو بقوة على سطح الثقافة العربية. من مصر هناك نجيب محفوظ وأعماله أولاد حارتنا والحرافيش وأمام العرش، من سوريا هناك حيدر حيدر ووليمة لأعشاب البحر، ومن المغرب محمد شكري والخبز الحافي.

وإذا كان أصحاب النظرية الكلاسيكية القائلة بأن الأدب ينتج ويعزز للمفاهيم الإنسانية اتباعًا لمدرسة الفن للمجتمع يبحثون عن نماذج عظيمة للتنظير عليها، فإن رواية الخبز الحافي خيار مثالي يجسد قيمة الجوع/الفقر، واحدة من القيم الحياتية الأكثر إلحاحًا في الحياة البشرية البائسة بالرغم من تعدد ألوانها.

يقول وائل رداد عن الخبز الحافي في معرض مناقشته حول الروايات العربية الممنوعة

«يختلف الأمر من قارئ لآخر، وخصوصًا مع القاريء الكاتب، لكن العامل أو الشرط المشترك هو المتعة بالمقام الأول، وتلك لا تتحقق لمجرد التسلية فحسب، بل بالتفكير في سير الأحداث واستذكارها مرارًا.. على سبيل المثال مع (الخبز الحافي) انزعجتُ من المواقف التي تعرض لها الكاتب رغم أنها حقيقية، فالرواية تسجيلية الطابع، ثم عاودني الانزعاج من الأسلوب المفعم بالأخطاء اللغوية قبيل اكتشافي بأن الكاتب ظلَّ أميًّا حتى بلغ العشرين من عمره، الصدمات المتتالية في الرواية صادقة، أما الجمالية التي استخلصتها بالنسبة لي فأتت مع النهاية.. تحديدًا مع الجملة الأخيرة من الرواية، والتي أتت لتجعلني أنظر للعمل بمجمله بعينٍ أخرى غير التي باشرت من خلالها المطالعة».

وهناك مغاربة الفرانكفونية (أي المتحدثين بالفرنسية) ويكتبون بها، مثل إدريس الشرايبي، بنسالم حميش، عبد الفتاح كيليطو، وقد جرى إقصاؤهم كما العادة، وكما نفعل مع كل من لا يكتب بالعربية مع احتفاظنا بتقديرنا لهم في مقالات أخرى.

[5] محمد زفزاف

انظر إلى عبد الله العروي بصفته مفكرًا أكثر من كونه أديبًا، وإني عرفته أولًا قبل أن ألحقه بثانيًا، وهو يمزج بين النشاطين في تجربته الأدبية، وقد كنت سأدرجه هاهنا متشرفًا بحضوره، لولا أن آثرت الكاتب الأكثر إمتاعًا منه في مقابلة بين الروائي عبد الله العروي والقاص محمد زفزاف من المغرب.

القصاصون لهم حضور دائم في مقالاتي وقوائمي ومحمد زفزاف هو رائد القصة القصيرة في المغرب، وهو قاصٌّ ممتع بحق يخرج بقصص يحاول فيها أن يعبر عن تلك المشاعر المختلطة العميقة والمعقدة، واليومية رغم ذلك، والتي لا نستطيع الإمساك بها، بئست محاولاتنا من أجل تحقيق ذلك، وزفزاف يقتطع أجزاء من حياته أثناء كتابة قصصه، ليتمكن من تمرير مثل هذه التجارب الشعورية إلينا.

[6] موسى ولد ابنو

مدينة الرياح والمدينة الغائبة في آخر بلاد المغرب حيث موريتانيا، وقد كنت أحسبها ضمن بلادنا العربية في جنوب أفريقيا، واسم واحد يتردد هناك في الأروقة الأدبية؛ موسى ولد ابنو، أو هذا هو ما نعرفه عن تلك البلاد البعيدة والغائبة عنا في الأدب وفي مناحٍ ثقافية عديدة، ولكنها حاضرة هنا بأديبها الكبير، يوجد بالطبع كتاب كبار من موريتانيا مثل أحمد ولد عبد القادر ممن قد نستدعيهم في مقال آخر.

شاب وثني يبيعه والده لأحد القوافل مقابل حفنة من الملح وتتبع الرواية مسيرته مع القافلة.

مدينة الرياح رواية من الواقعية السحرية ينسبها البعض إلى أدب الخيال العلمي فيما أراه أنا نوع من التمحك لزيادة التجارب الضئيلة في هذا الدرب بعمل أو اثنين، وإن كان أدب الفانتازيا غني لدينا، يمكن أن نتغنى بأمجاده فيه بالعصر القديم والحديث، وإليه تنسب مدينة الرياح.

[7] فيصل الأحمر

«قطعت الرواية الجزائرية شوطًا مهمًّا في التجريب في مختلف أشكال الكتابة موضوعاتيًّا، لكن رواية الخيال العلمي تكاد تكون منعدمة، ما عدا بعض المحاولات الفردية على غرار ما يبذله فيصل الأحمر في هذا المجال؛ فلا نكاد نعثر على كثير أو قليل من التجريب في رواية أو قصة الخيال العلمي، ويرجع ذلك في تصوري إلى عدة عوامل نذكر منها أن الرواية الجزائرية كانت تهتم دومًا بمناقشة المشاكل الوطنية العميقة، وتعمل على تطبيب الجروح التاريخية للفرد الجزائري مما حدا بها أن تعمل على تصفية إشكاليات ما بعد الكولونيالية». [خرائط العوالم الممكنة في الاقتراب من الخيال العلمي العربي / اليامين بن تومي / تحرير فيصل الأحمر، دار فضاءات للنشر، ص215].

وقد ذكرنا من كتاب الفانتازيا المغربيين ممثلًا عن الواقعية السحرية، يأتي الثاني؛ كاتب معروف ومشهور وإن لم ينصف حقه في أدب الخيال العلمي؛ وهو فيصل الأحمر، وكان يمكن أن نذكر مواطنه الجزائري الأكثر شهرة واسيني الأعرج، لولا أنني فضلت التركيز على واحد من المهمشين في هذه الفقرة، واسيني سيد الفانتازيا في الجزائر؛ الأحمر رائد الخيال العلمي هناك.

وهو كما جاء في الفقرة السابقة ربما أول كاتب جزائري يكتب رواية خيال علمي عربية، لا تنسب الريادة إليه بحكم الأسبقية في الكتابة فحسب، بل لأنه أخرج عملًا مميزًا من خلال روايته العظيمة أمين العلواني، ولنا فيها مراجعة لم توفها حقها يمكن الرجوع إليها، كما أنه لا يتوقف عند حدود الخيال العلمي روائي وقاص ودارس وباحث فيه، بل تناولت رواياته وتشكلت وفقًا للأنواع الاجتماعية / السيرية / التاريخية المعتادة؛ على رأس تجاربه تلمع روايته العظيمة الثانية؛ ضمير المتكلم، وقد خصصنا لها مراجعة هي الأخرى.

بالإضافة إلى روايتيه العظيمتين، وعدة قصص سباقة في الخيال العلمي، كتب فيصل الأحمر ما يمكن أن يشكل به رواية ثالثة عظيمة في مسيرته الأدبية، وأقصد هنا مجموعة رواياته السير ذاتية، بالإضافة إلى تجربة رابعة تستحق النظر في رواية حالة حب.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد