يخرج أحدهم متحدثا عن اختراعه لجهاز يعالج الإيدز والسرطان وغيره مما ابتليت به البشرية من أمراض. تخرج الدولة تبارك هذا الاختراع وتعترف بأنة حقيقي يعالج كل داء! يفشل الاختراع.. تصمت الدولة.. يصمت الشعب.. يصمت المرضى أو يتم كتم أصواتهم. تحيا مصر ويحاول الزعيم أن يجد شيئا آخر يضحك به على شعبه!

يخترع الناس أشياء لا يعرف العلم من أين جاءت وفيما تستخدم وتذهب هذه الأشياء أدراج الرياح لتكون مجرد خبر كاذب في صحيفة صفراء.

تخرج الفتاوى بتحليل كل ما حرم الله بداية من الربا حتى الزنا!

تخرج نظريات المؤامرات فى الإعلام ويصدقها الشعب! كل من له لسان يتكلم في أي شيء والشعب يصدق كل ما يسمعه في التلفاز !

تُبكِي الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي الملايين ويشاهدها الملايين ليكتشفوا أنها مجرد أشياء تحتوى على موسيقى حزينة. نذهب خلف كل ما هو ذو طابع جنسي.

تتحدث الحكومات عن تقدم وشيك وطفرة اقتصادية هائلة منذ سنوات وتموت الأجيال وتجيء أخرى ولا نجد سوى تخلف.

يزداد العالم تقدما ونحن نفكر في أشياء على غرار جدلنا حول زواج أحمد عز وزينة وهل هو شرعي أم عرفي حلال أم حرام؟! تخرج علينا عصافير الصحافة وتطير قبل أن نتمكن حتى من مشاهدتها.

تخرج الدولة بمشاريع وهمية بأرباح وهمية بدراسات وهمية وتدعو الشعب للاسستثمار فيها تحت ستار الوطنية فيذهب الشعب ليدعمها.

يخرج وزراء الحكومة بتصريحات أقل ما يقال عنها أنها عبيطة ويؤمن الشعب وراء أئمة مساجده حتى يطيل الله عمر حكامنا.

تحيا مصر ويموت شعبها قهرا وظلما.. كيف ذلك؟! فقط انظر للواقع وإن لم تستطع النظر إليه فأنت أعمى البصر والبصيرة!

تذهب الحكومات وتأتي الحكومات لتلقي المسئولية على عاتق الشعب وانفجاره السكاني الذي يلتهم كل معدلات النمو كما يقولون. مع العلم أنه في ظل تحقق معدلات نمو في 2009 تصل ل7% في الاقتصاد ظل الشعب فقيرًا. ولم يكن معدل الزيادة السكانية يزيد عن 1.3%.

تكذب الحكومة ويستعبط الشعب. يكذب الزعيم ويصفق الشعب. تحيا الدولة ويسقط الوطن فيحلم الشباب بالهجرة.

يتحدث العسكريون عن الديمقراطية. تخرج العاهرات تتحدث عن تطبيق شريعة الله في مصر. يزداد الإلحاد فنهاجم الملحدين دون نقاش. نكفر كل من يختلف معنا في الرأي.

يخرج أحدهم ليقول أن البخاري مخطئ. يتفرغ الكل ليقولوا عليه أنه مسيحي أو كافر أو “مندس” من الغرب ليهدم أصول الإسلام. مناظرات هنا وهناك. لقاءات هنا وهناك. الله لم يوفد أحدا ليتحدث باسمه.

يحاول البعض إحياء طقوس صكوك الغفران التي كانت سائدة في العصور الوسطى لكن عن طريق أنهم مندوبون للدين ويقولون أنه لا يجوز لأحد أن يتحدث في الدين إلا عن دراسة وتمحيص. بمعنى آخر استعينوا على قضاء أمور دينكم بشيوخ الأزهر لأنهم يحملون التوكيل الحصري للدين!

لا يهتم أحد، لا يبالي أحدٌ بما يحدث. من يموت من الجوع لن يفكر في البخاري أو في مسلم أو في شوبنهاور. من يموت من الجوع يريد أن يأكل.

من يقبع تحت خط الفقر وهو على رأس أولويات الحكومات المتعاقبة لن يكترث حينما تكسب البورصة ولو مئات المليارات يوميًا.

يتحدثون في الإعلام عن إرهاب. يروعون الآمنين في بيوتهم يكتشفون في كل شبر في مصر قنبلة وقبل أن تنفجر يفككها خبراء المفرقعات، أو في الأغلب يرشون عليها المياه.

والأكثر إثارة للسخرية هو إحدى المذيعات في برامج “التوك شو” تقول لمواطنة خرجت تحمل “سيخًا” من الحديد مطليًا بعلم مصر. تسألها بكل ثقة كيف جاءت لكِ الفكرة؟ فترد المواطنة أنها تحب مصر. لا أعرف ما هي العبقرية في قطعة من الحديد مطلي عليها 3 ألوان!

نعيش منذ قرون في فيلم “الحرامي والعبيط” الذي تمثل فيه الحكومة دور”الحرامي الفتوة الجدع” الذي يحمي أبناء “حارته” العبط من شرور “الفتوات والحرامية” في الحارة المجاروة. وكأن روايات نجيب محفوظ كتبها لتطبق على أرض الواقع في مصرنا الحبيبة ولكن الفتوة في القرن الحادي والعشرين أصبح أكثر تطورا فهو يعتمد على جهاز إعلامي متنقل يمكنه من زرع كل ما يرغب به داخل عقول شعبه. وعلى الأرجح فنحن نعيش بمبدأ “لما الحكومة تسرقنا أحسن ما الغريب يسرقنا”.

تستمر الدولة في استعباط الشعب ويستمر الشعب في استهبال دولته دون أن يحرك ساكنا. وبالتالي يستمر الجهل والتخلف.

تسيطر العبثية على المشهد العام في المجتمع المصري وتنهار منظومات القيم الواحدة تلو الأخرى.

وما بين استهبال الدولة واستعباط الشعب يا قلبي لا تحزن!

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد