المزيد من “بوتر”، ومن منّا لا يريد المزيد من هذه السلسلة الساحرة! السلسلة حققت أعلى نسبة مبيعات لسنوات متتالية، وكتاب هاري بوتر وحجر الفيلسوف من أعلى عشرة كتب مبيعًا على الإطلاق. كما تحولت لسلسلة أفلام لا تقل شهرة، وإن كانت أقل سحرًا وخيالاً من الكتب.

 

جوانا كاثلين رولينج بالطبع حصدت ثروة طائلة بمعنى الكلمة، فهي أحد مُنتجي أفلام هاري بوتر، بالإضافة إلى حقوق الطبع والملكية لكل ما يتعلق بشخصيات عالمها السحري الأيقونية، وليس الكتب فقط.

 

هذا النجاح الضخم والشعبية الهائلة التي حققتها سلسلة “بوتر” جعلا من الصعب عليها إنتاج أي عمل آخر يماثلها في النجاح، فظننا أن هذه السلسلة هي *Swan song الخاصة بها. لكن عام 2012 أصدرت أول عمل (للكبار adult fiction ) كتاب “casual vacancy أو مكان شاغر ” أي بعد مرور خمسة أعوام كاملة على صدور آخر جزء لهاري بوتر، وحقق نجاحًا كبيرًا في بداية إصداره لكنه لم يتعد بحال القفزة القياسية التي حققها (هاري بوتر ومقدسات الموت) الذي سجل أعلى معدل بيع لكتاب في التاريخ، بحسب جريدة الديلي تيليجراف.

 

وأعلنت المؤلفة مؤخرًا أنه سيتم تحويل كتاب The magical beasts and where to find them إلى فيلم سينمائي بواسطة شركة وارنر بروذرز Warner Bros.، وستكون على الأرجح ثلاثية من الأفلام أيضًا (جشع شركات الإنتاج على غرار الهوبيت). وهو عن كتاب أصدرته بنفس الاسم عام 2001، متعلق بعالم هاري بوتر السحري، حيث يتحدث عن الوحوش السحرية ومن المفترض أنه كان من مراجع هاري المدرسية. ليس هذا الكتاب الوحيد الذي تنشره رولينج عن عالم هاري بوتر – مع إصرارها أنها لن تصدر جزءًا آخر للسلسلة – ففي عام 2008 أصدرت كتاب حكايات الشاعر بيدل Tales of Beedle the bard، ويحكي قصص خرافية سحرية (قراء السلسلة يعرفون بالطبع أن حكاية مقدسات الموت الأصلية كانت من ضمنها).

 

السر الغامض لروبرت جالبرايث
في عام 2013 نشرت دار نشر Sphere كتاب من نوع أدب الجريمة اسمه (The cuckoo’s calling) لمؤلف يدعى روبرت جالبرايث وحقق مبيعات متواضعة نسبيًّا، غير أن مبيعات الكتاب قفزت من أربعة آلاف نسخة إلى أعلى قائمة موقع أمازون الشهير فجأة!

 

السبب في هذا التغير المفاجئ : أنه تم نشر حقيقة روبرت جالبرايث، فهو لم يكن سوى اسم مستعار لرولينج نفسها! وهكذا بالطبع تلقى النقاد الكتاب بشكل مختلف وكذا الجمهور، ووصل سعر النسخة الموقعة من رولينج إلى مبلغ يتراوح من أربعة إلى ستة آلاف دولار.

 

يبدو أن رولينج أرادت اختبار الكتاب مبدأيًّا، فكما تروي “بي بي سي”، أنها أرسلت الكتاب لأكثر من دار نشر تحت هذا الاسم المستعار دون أن تشير إلى هويتها الحقيقة.

 

هذا الكتاب هو الجزء الأول لسلسلة تدعى (Cormoran Strike) وهو تحرّ خاص. وصدر جزؤها الثاني The Silkworm عام 2014، الذي لقي في بدايته نجاحًا أعلى من الجزء الأول، حيث إنه قد صار من المعروف أن كاتبته هي “ج. ك. رولينج”.

 

لكن يبدو أن الكبار كانوا يفضلون رواياتها للصغار أكثر من مؤلفاتها للكبار أنفسهم!

 

موقع Pottermore
على الرغم مما ذكرنا أعلاه من أعمال كتبتها رولينج بعد سلسلة بوتر، لكن أيًّا منها لم يحقق نجاحًا مقاربًا لأرقام مبيعات أجزاء سلسلة هاري بوتر القياسية.

 

لذلك من الطبيعي أن تظل رولينج في عباءة هاري (ليست عباءة الإخفاء هذه المرة!) وعلى سبيل هدية العام الجديد لقراء هاري بوتر (المعذبين بعد انتهاء السلسلة)، قامت رولينج بنشر جديدها في عالم هاري بوتر حصريًّا لموقع بوترمور.

 

الموقع هو fansite، لكن رولينج تدعمه وتنشر فيه على فترات متباعدة لمحات جديدة من القصص، وهوامش عن شخصيات لم تنشرها من قبل.

 

وهو موقع تفاعلي ظريف، خاصة لمحبي السلسلة، حيث يتيح لك فرصة التجول في ذلك العالم السحري واختيار عصاك السحرية المناسبة لك، بل والمشاركة في مراسم اختيار البيت المناسب لك sorting hat ceremonies بعدما تقوم بالتسجيل فيه Sign up، وهو مجاني لحسن الحظ، كما يعرض مشاهد جديدة من كتب تنشرها رولينج لأول مرة.

 

كقارئة ومُتابعة للسلسلة من بدايتها، أعجبتني تلك التفاصيل الجديدة، ووجدتها متناغمة تمامًا مع ما عايشناه معها من أحداث، أي لم أشعر أنها فبركتها فقط لتجد جديدًا لتقوله، هذا يتناسق مع ما رأيته سابقًا في وثائقي مميز للـ “بي بي سي” عن هاري ورولينج، تحكي فيه كيف تبني حياة كاملة التفاصيل لكل شخصية، ولم تكن بالضرورة تذكرها كلها في القصة، لكن كان ذلك ضروري لتطور بناء الشخصيات على مدار السبعة أجزاء، والأكثر من ذلك أنها كانت ترسم تفاصيل المشاهد على الورق، مما يفسر لك دقة الوصف والتفاصيل التي تبتلعك تمامًا في نسيجها.

الجدير بالذكر أن هذه المزية انقلبت عيبًا، فاهتمامها بالتفاصيل كان ممتعًا في عالم لم نكن نعرف عنه شيئًا، أما فعل ذات الشيء في رواياتها اللاحقة في عالمنا البشري العادي كان عبئًا على القارئ، بحد تعبير الجارديان في نقدها لرواياتها The silkworm.

 

أما عن القصص الجديدة هذه المرة (هديتنا لهذا العام)، والتي تناقلت خبر نشرها الصحف بحفاوة كبيرة، فأهمها عن شخصية Draco Malfoy، على الرغم من ظهوره منذ البداية على أنه شخصية شريرة خالصة، لكن يبدو أن الأمر أعقد من ذلك، كما تروي لنا رولينج هذه المرة، فعوامل نشأته لعبت دورًا في ذلك القالب المُعد له مسبقًا، وربما تغير الأمر قليلاً مع تعرضه لتناقضات حيرته وهزت معتقداته، لكن هل كانت كافية لتغيره إلى الجانب الآخر تمامًا؟

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

(*) swan song : المقصود به العمل الأخير للفنان، وهو تعبير مشتق من مُعتقد إغريقي قديم حيث إن البجعة تغني أجمل أغانيها قبل موتها.
عرض التعليقات
تحميل المزيد