تقوم شركات الموضة العالمية، وكذلك شركات عالم الغذاء والدواء، وكل الشركات التي تروج لسلعة ما، بعمل ما يُسمى إثارة الرغبة؛ وإثارة الرغبة هي المرحلة التي تسبق مرحلة اتخاذ قرار الشراء من العميل؛ هذا ما تحتاجه، ذاك ما ينقصك، هذا للفحولة، ذاك للجمال، هذا للقوة، ذاك للرشاقة.
لسعادة الشريك؛ اشترِ منتجنا، لسعادة طفلك؛ اشترِ منتجنا، للتفوق الجامعي، لتحسين المزاج، للتخلص من الألم، للنجاح في العمل؛ اشترِ منتجنا.
لن يخبرك أيّ منهم بالمخاطر والأضرار واحتمالات الفشل التي ربما تصحب منتجهم، ولو فعلوا سيكون اضطرارًا، وبعد فوات الأوان، باندماج منتجاتهم في حياتك، وصعوبة التخلص منها؛ لأنهم فقط يريدونك أن تشتري.
فشركات المحمول لن تخبرك بأضراره، وشركات التدخين لن تخبرك بمصائبه، وشركات السكر والحلوى لن تتطرق إلى المخاطر الطبية لمنتجاتهم على الأطفال والكبار، حتى شركات الخمور والمسكرات، ستخبرك فقط بأنها معتقة، ويجب أن تُقدم باردة.
وهذا هو ما تقوم به الشركات ورجال الأعمال الذين يديرون عالم الإباحية حول العالم؛ إثارة الرغبة، وتقديم منتجاتهم بعين واحدة، وهي العين التي يشتهيها الزبون ويتخيلها.
لن يخبروك بما تفعله تلك المنتجات بعقول مشاهديها، ولن يخبروك بالتدمير الذي تحدثه منتجاتهم في المجتمع ككل، ولن يخبروك بالتشوه الذهني الذي يصيب جمهورهم اجتماعيًّا وماديًّا وسلوكيًّا، لن يخبروك كيف يدار هذا العالم على وجه الحقيقة؟ هم فقط يخبروك بما تود سماعه، وما تشتهيه في خيالك.
من أين تأتي الإباحية بأفكارها؟
الأفكار الإباحية تتغذى من موردها الأصلي وهو الزبون؛ والزبون هو حكايات المجتمع السرية حول الجنس، تلك التي يزينها كثير من التهويل والفحش المتعمد، وإبراز العضلات،ونكات ونزوات وتجارب المراهقين، وخيالاتهم الجنسية، والانحرافات الجنسية التي حدثت، وتحدث كل يوم في المجتمع، مثل زنا المحارم، والتحرش، والاغتصاب، والسقطات الجنسية لبعض المنادين في الظاهر بالحشمة والعفة، هذه الحكايات المخترعة التي تأتي من أصل حقيقي حول فئات معينة من الناس مثل المطلقات، والأرامل، والممرضات، والخادمات، أو علاقة المدير بالسكرتيرة، أو المدير عمومًا بالعاملات؛ أو حول فعل ما مثل مواقعة البشر للحيوانات، أو التلصص على الجيران، والمحارم أحيانًا.
وأحيانًا الفانتازيا مثل الإشاعات التي انتشرت في بداية الألفية حول النظارة التي تظهر ما تخفيه الملابس، تلك التي يرتديها رجال الحراسات الخاصة، أو مجرد إرادة تشويه شخص أو فئة ما، أو الروايات والقصص والأدب الفاحش قديمًا وحديثًا، الذي استمد ويستمد إلهامه مما ذكرناه في السابق.
وغير هذا كثير، هي مصادر للإلهام لدى شركات الإنتاج، وطلبات يسعى القائمون على تسليع الإباحية والبشر معًا، إلى تنفيذها لإرضاء شرائح مختلفة من الزبائن.
لماذا النقاب؟
ربما لم يلتفت المنتج الإباحي للحجاب عمومًا، والنقاب خصوصًا باعتباره منتجًا مطلوبًا يجب التركيز عليه، إلا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).
نعم! كانت هناك مشاهد في أفلام هوليود حول العربي الأحمق القذر، المحب للجنس، المتزوج من أعداد كبيرة من النساء اللاتي يقودهن الشبق الجنسي إلى إقامة علاقة مع أي أحد، وكل أحد خلاف أزواجهن؛ لكنها كانت حالة لا تجد لها صدى كبيرًا على الأرض، أو متابعًا، بل تمر في إطار الكوميديا، وتختفي باختلاط الغربيين بالعرب والمسلمين.
أما بعد الحادي عشر من سبتمبر، فقد أصبح هناك حالة من تركيز الضوء على المسلمين، ومحاولة مجموعة من صناع القرار حول العالم تشويه الإسلام والمسلمين على كل صعيد، وتنشيط كل وسيلة ممكنة للنيل من المسلمين والتحرش بهم.
ولأن النقاب في الغالب هو أعلى درجات الحشمة في عيون الناس؛ ولأنه يدل في الغالب على مدى إيمان من ترتديه بالحشمة والستر والالتزام بأقصى درجاته، ولأن سقوط من ترتديه فيما يخالفه يعني سقوطه أو سقوط شيء من هيبته، ولأن الحجاب عمومًا والنقاب خصوصًا ضد الإباحية رمزًا وفعلًا، ولأن الحرب على المسلمين وتشويه صورتهم والتحرش ضدهم قد بدأت؛ فقد استُخدم الحجاب والنقاب باعتبارهما علامة تجارية جديدة في عالم البورنو.
تمهيد الطريق
ككل الأشياء الجميلة في حياتنا، تبدأ رائعة، ثم تظهر مجموعة ما تتصرف فيها بنوع من الاستهتار يقود إلى نوع من الامتهان لهذا الذي كان بالأمس جميلًا وراقيًا لا يمارسه إلا النُخبة.
كانت هناك شريحة ممن ارتدين النقاب، يبدو أن بعضهن لم يفهمن شروط النقاب، والبعض الآخر تعمد ارتداء النقاب بتلك الطريقة المخلة.
فبعد أن كان النقاب سابغًا ساترًا، فصرت ترى منتقبة يظهر من أسفل نقابها أصباغ وجهها، وكحل عينيها للعيان، وأخرى ترتدي نقابًا على ملابس ضيقة، في مخالفة صارخة لمعنى الحجاب عمومًا والنقاب خصوصًا، وثالثة ترتدي نقابًا فيه كذا وكذا؛ كل هذه الأمور جعلت الشك يسري إلى النقاب والمنتقبات، وصار السؤال: لماذا ترتدين النقاب على هذه الحال إذًا؟
ولم يكن هذا السؤال؛ لأن المجتمع يرفض امتهان الحشمة والستر، أو كسر قواعد لبس النقاب، أو شروطه؛ لأن كثيرًا ممن يلوكون في شأن هذه النوعيات من المنتقبات، لا يؤمنون بالنقاب أصلًا على أي وصف كان، لكن هذه المخالفات الصارخة لأمر هو في الأصل مصمم لستر كل الزينة جعل منه مسخًا ومُسخة بين المؤمنين به، والرافضين له على حد سواء.
ولأن المجتمعات تهوى التعميم؛ لأنه أسهل في الحكم، صارت كل المنتقبات على درجة واحدة؛ فكلهن قبيحات يسترن قبحهن بالنقاب، وكلهن يتعمدن إظهار عيونهن لإغراء الرجال، وكلهن يرتدين النقاب لممارسة الفاحشة في الخفاء.
وراحت تسري بين الناس حكايات وقصص عن فلانة المنتقبة، زوجة فلان الملتحي، التي كان يأتيها عشيقها في لباس منتقبة حتى اكتشف الزوج الخدعة بالصدفة.
والأخرى التي فرت مع عشيقها، وتركت أولادها الصغار، والثالثة التي اكتشف زوجها أنها تشاهد أفلامًا إباحية في السر، والرابعة، والخامسة… إلخ.
كما لو أن المنتقبات لسن شريحة من المجتمع بكل ما فيه من تقوى أو فجور، وكما لو أن المنتقبة ليست بشرًا يخطئ ويذنب ويتوب ويعود، وكما لو أن الأصل في الذنوب أنها تمارس في العلن، وكما لو أن المنتقبة إما أن تفعل كل الصواب أو لا تفعله أبدًا، وكما لو أن الخطيئة مثل الزنا، أو مشاهدة الفواحش تُلغي الأصل وتزيله، وهو ضرورة الستر، وكما لو أن الذي استتر بمعصيته حتى اُكتشف أمره هو المخطئ، وأن الذي فضحه ونشر أمره بين الناس هو المصيب.
وبمثل هذه الأفعال والحكايات والنميمة المجتمعية، وبحب إشاعة الفاحشة الذي انتشر في تلك المجتمعات الفارغة، وبتلك الصورة المسخة للنقاب الذي ترتديه بعضهن على تلك الصورة المعوجة، ولعدم قدرة المجتمعات المسلمة الحديثة على تحديد الحد الفاصل بين الجد والهزل في التعامل بين الرجال والنساء.
راحت تسري بين المجتمع رسائل مبطنة ومخزنة في الذاكرة المجتمعية، يشب عليها الصغير، ويشيب عليها الكبير، مفادها؛ إن كثيرًا من المنتقبات لا يريدون الحشمة بارتداء النقاب، بل تريدن الاختباء به خلف أمر ما، وهو الجنس في الغالب، وهذا انطباع سيتلقفه صانع تلك المواد الإباحية، الذي له أذرع ومعينون وأعين تعيش بيننا، وتنقل له أحوالنا، وحكايانا، ورغباتنا إن لم ننقلها نحن له طواعية عبر مواقعه وصفحاته؛ ليركز عليه حين إنتاجه لهذا المحتوى الجديد، مضيفًا إليه ما يأتي به خياله، وخيال معاونيه، بما يعزز به هذه الصورة في ذهن المتلقي؛ ليجعلها الصورة الوحيدة التي سيصحبها المشاهد والمتلقي لتلك المواد عن المنتقبة والنقاب دائمًا وأبدًا.
وإذا كانت المنتقبات يبحثن عن مثل هذا الأمر بتلك الكثافة وهذا النهم، فما بالك بمن دونهن ممن تتساهل في أمر الحشمة أو الستر؟
وهذه رسالة ثانية وتمهيدية لحالة تفكيك كل القيم والرموز، تلك التي يعمل عليها القائمون على تلك التجارة التي يعجز كل وصف عن وصف حقارتها وسوئها.
التركيز على الصورة الذهنية
لو نظرنا جيدًا حين يركز مخرج ما على ممثل ما للقيام بدور الشرير أو المقاتل أو الرومانسي أو العاهرة، سيؤدي هذا إلى ترسيخ هذه الصورة عن هذا الشخص في عيون المشاهدين، خصوصًا مع تكرار قيامه بهذه الأعمال، رغم أن الجميع يعلم أن ما يتم هو تمثيل محض، وأنه ربما تكون شخصية الممثل الحقيقية مخالفة تمامًا لتلك المعروضة على الشاشة.
وبالرغم من هذا العلم والتأكد، تنطبع تلك الصورة الذهنية الوحيدة عن هذا الممثل أو الممثلة في عيون المشاهدين، لدرجة أن بعضهم اعتدى بالضرب وحاول قتل بعض الممثلين الذين قاموا بأدوار الشر رغم معرفته بأن كل هذا مجرد تمثيل.
وهذا ما يحدث تمامًا في صناعة الحجاب الإباحي، أو الحجاب المدنس.
فيتم التركيز على توحيد تلك الصورة الذهنية، فبعد تكرار التركيز، بالدفع بآلاف المقاطع حول منتقبات يقمن بممارسة الجنس؛ إما بشكل يبدو في الظاهر عفويٍّ تلصصيٍّ، أو عن طريق حالة اختيار شخصي من المنتقبة لأسباب تتعلق بالجنس نفسه، أو مشاكل زوجية، أو المال، والذي يتعزز بالإنتاج التمثيلي الذي يعلم الجميع أنه تمثيل.
وبعد إنشاء آلاف الحسابات للذباب الإلكتروني خاص بمنتقبات يبحثن عن المتعة الحرام، أو يعملن في الدعارة لن يرى المتابع والمتلقي لمثل هذا الإنتاج أي منتقبة سواء كانت بنقاب جيد أو رديء إلا في صورة تلك العاهرة التي يتابعها ويشاهدها.
فتتأكد لديه الصورة السابقة التي رسمتها الحكايات والرغبات بالحق والباطل باعتبارها أصلًامؤكدًا، وأن جميعهن يخفين بنقابهن ما لا يبدينه للناس.
فيبدأ في رحلة البحث بين المنتقبات على مواقع التواصل، وعلى أرض الواقع عن تلك العاهرة المنتقبة أو المحجبة.
لأن عقله صار يخبره بأن آلاف المقاطع التي شاهدها وآلاف الحسابات التي يتابعها هي أمر شائع فيهن ولا شك، فلا يمكن أن يكون هذا النوع من المحجبات قليلًا أو بسيطًا، وكل هذه الميديا، والمقاطع الخاصة بفحشهن تملأ آلافًا، بل ملايين الصفحات على الإنترنت.
ذباب «تَدَعّر النقاب»… كيفية بدأ الحكاية؟
الترويج البعيد
بعد انتشار الكثير من الإنتاج المرئي عن ذلك النوع الداعر من المنتقبات أو المحجبات، أو بمعنى آخر التأكيد الرسمي لوجود المحجبات العاهرات، يقوم عدد من الأشخاص رجال أو نساء لا يمكن التحديد، بعمل حسابات وهمية كثيرة على «تويتر» وهو الرائج في هذا الشأن تحمل هذه الحسابات في البداية صور تعريفية لمنتقبات يرتدين نقابًا جيدًا، تبث فيها دعاية خاصة بالقرآن والأحاديث وبعض الحكم، وكثير من الكلام حول العفة والنفرة من الاختلاط بالرجال، والتحذير الملفت من عدم مراسلة الرجال لها على الخاص.
ثم يبدأ أصحاب هذه الحسابات الوهمية في عمل متابعة للكثير من المنتقبات الملتزمات في الحقيقة، فيتبادل معها الطرف الآخر المتابعة.
تروج هذه الحسابات وتبدأ كثير من المنتقبات وغير المنتقبات من المهتمين بالشريعة والدين عمومًا بمتابعتها بعمل «فولو» نظرًا لما تبثه من خير ودعوة.
الدعاية الكثيفة
تُنشئ في ذات الوقت الكثير من الصفحات الاحتياطية التي تحمل اسمًا دينيًّا، أو صفة دينية، أو حتى أسماء مجردة لأشخاص يبدون من صور ملفاتهم أنهم متدينون، صفحات بعضها لا ينشر أي محتوى على الإطلاق، وبعضها ينشر محتوى إباحي صرف، وبعضها الآخر ينشر محتوى مُشْكل أخلاقيًّا، جنبًا إلى جنب مع الآيات والأحاديث والحكم؛ وكل هذه الفوضى مقصودة حتى يشك المتابع في الجميع.
الصفحات المنقلبة وحالة الفوضى
بعض الصفحات التي ذكرت أنها تبث في البداية عن قصد آيات وأحاديث ودعاية دينية، ويتابعها كثير من المتدينين والمتدينات، تنقلب على هذا المحتوى بعدما يصير لديها عدد كبير من المتابعين إلى نشر المحتوى الإباحي الصرف بكل أشكاله وألوانه بشكل مفاجئ، مع الإبقاء على الاسم الديني، وصورة الملف، وخلفيته المحتشمة، وهو مقصود؛ فلك أن تتخيل صفحتك وقد امتلأت فجأة بهذه المواد من دون أن تتابع حسابًا إباحيًّا واحدًا.
يحدث هذا لمتدينات ربما لم يشاهدن مثل هذه المواد في حياتهن، ولم يسمعن بها أبدًا، ويحدث لعائدات تائبات عن مثل هذه الأمور وغيرها، أو مراهقات في مقتبل العمر، يستطلعن العالم، ويبحثن عن الغامض والغريب والمختلف، وتخيل أيضًا وَقْع هذا على من سمع من قبل عن حكايات المنتقبات العاهرات.
صفحات أخرى يقوم أصحابها بعمل تلميحات إباحية غير صريحة بين وقت وآخر، بصفتها نوعًا من اختبار ردة الفعل، فتأتيها ردود إباحية متوقعة من شريحة من متابعيها، فتقوم بسبهم وسب تحرشاتهم اللفظة، ثم بعد فترة قصيرة تبث تلميحًا آخر أسوأ من الذي قبله، وهلم جرًا، لكنها تُبقي على المحتوى الديني ولا تنقلب مثل سابقتها.
صفحات أخرى لا تنشر محتوى مُشْكلًا ولا محتوى إباحيًا، بل تبقى وتستمر على المحتوى الديني والعفيف، لكن تجد بأن الغالب الأعم من الصفحات التي تتابعها أو من متابعيها هي صفحات إباحية محضة.
كل هذه الفوضى من صفحات مُشْكلة وأخرى منقلبة، وثالثة لمنتقبات ومحجبات أغلب من تتابعهم، أو يتابعوها صفحات إباحية، تُسقط أو تُعرِّف بعض من الشريحة المستهدفة على الإباحية؛ تمهيدًا لإسقاطهم في وحلها، وتؤكد للباحثين عن الحجاب المدنس أنه موجود، وأن أسطورة العاهرة المنتقبة حقيقة، بل وشريحتها في ازدياد.
وهذا يؤكده حالات التحرش التي تحدث لمنتقبات، وأحيانًا حالات اغتصاب، والتي وثقت شيئًا منها في إحدى مقالات سلسلة: النبي وحروب السيطرة.
فالفاحش الذي يبحث عن طريقة لتعرية المستورة، ولمس المتبرجة، والزنا أو اغتصاب من يشتهيها، قد وجد من يوهمه، ويؤكد له بهذه الصناعة، أن المنتقبة والعاهرة تبحثن عن شيء واحد لكن بلباس مختلف، فلتجرب مع الجميع، فهناك الكثيرات ممن ينتظرن لمساتك بشوق على أرض الواقع، وستحظى ولا شك بواحدة.
مَنْ وراء هذه الحسابات؟
يظن الكثيرون أن هذه الحسابات يديرها مجموعة من العصاة أو الباحثين عن العلاقات المحرمة هنا وهناك، والحقيقة أن من يقف خلف هذه الحسابات هي شركات كبرى ورجال أعمال، وربما دول تدفع المليارات في إدارة هذه الحسابات وبث هذا المحتوى.
شواهد
كثير من هذه الحسابات مشتركة في كثير من الصفحات الإباحية ذاتها بل هي الغالبة على صفحات المتابعة لديهم، وليس في صفحة أو اثنتين؛ مما يعني أنه متابع لهذا المحتوى، وليس عاصيًا يقع ويتوب، أو حتى متدين يخشى أن يفتضح أمره.
هذه الصفحات تجدها جميعًا في الغالب، يتابع بعضهم بعضًا، ويعلق بعضهم لبعض، ويروج بعضهم لبعض على الأصل الموهم، وهو المحتوى الديني في الظاهر والمحتوى الإباحي في مرحلة الانقلاب للإباحية، فهم في الحالتين متابعون ومروجون.
هذه الصفحات تنقلب فجأة من محتوى ديني محض إلى محتوى إباحي محض، مع الاحتفاظ بذات الاسم وصورة الملف المحتشم، بل وأحيانًا بالأحاديث والمنشورات الدينية.
غالب من يتابع هذه الصفحات هي حسابات إباحية، ولا يمكن أن يكون غالب متابعيك من أصحاب المحتوى الإباحي، رغم أن كل ما تنشره ديني، ويدعو للاحتشام والعفة إلا بترتيب بينك وبينهم، وإلا فمن أين عرفوك؟ وما الذي جذب كل هذا العدد إليك وإلى محتواك العفيف؟ هذا النوع من الحسابات ليست حالات فردية أو حتى مئات، بل آلاف لهم نفس الطريقة، ونفس
النسق، ونفس النهج في التحول والعرض والتلاعب، وهذا لا يمكن أن يكون صدفة أبدًا، أو بدافع شخصي محض.
فكرة الذباب الإلكتروني السياسي وتأثيراته؛ تخبرك بأن هذه طريقة معروفة في عوالم التجارة الإلكترونية؛ للتأثير على الأرض أيًّا كان نوع التجارة، والجنس من روائج التجارات، وأكثرها انتشارًا وتأثيرًا حول العالم.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست