ربما حان الوقت في إحلال السلام كبديل إجباري للعنف والحرب والاضطهاد، فحال الواقع لا يشجع أكثر من هذا ووقف الحرب ضرورة حتمية لا مفر منها. الجميع اليوم ينتظر بفارغ الصبر إعلان انتهاء الحرب ووقف الاقتتال في كل جبهاته وكون الحرب دمارًا للأمة والحياة وتعطيلًا لكل عمل يراد عمله يجب أن تنتهي ويحل الأمن والسلام لينعم الجميع ويعوض ما لحق به من أذى ومخاطر لا تحصى.

على صناع السلام ودعاة السلم من أبناء الوطن العربي أن يكونوا سباقين للمطالبة في إنهاء حرب اليمن الظالمة كونها حربًا عبثية بامتياز ولا منتصر فيها الكل خاسر ومحاولة الإصرار على استمرارها سوف تعزز من بقائها سنوات طويلة.

نحن شعب يؤمن بفكرة السلام والتسامح نحتاج إلى أصوات حرة تقف معنا في وجه هذه الحرب التي دمرت كل شيء كان يبدو جميلًا في الوطن. محايدون منذ أن انطلقت شرارتها نحاول أن لا نحسب أنفسنا لطرف ما في هذه الحرب سيئة الذكر فقط لنكون بعيدين عن المشاركة في المحسوبيات لطرف عن طرف، وفضلنا أن نحايد لأجل الوطن والأرض حتى نكون خيط أمل حين يحتكم أطراف الصراع للحوار والعقل والمنطق ويرضون بالتصالح دون وضع شروط تعجيزية تقضي على بوادر الأمل الذي نسعى نحن ومن ينشد السلم ويؤمن به مبدأً عبره يتم إصلاح الشعوب التي أنهكتها الحرب والأزمات المتلاحقة.

أنا وغيري من اليمنيين وأبناء وطننا العربي نطالب بالسلام وإحلاله، ونطالب بالعدالة والمساواة الاجتماعية كوننا نعلم علم اليقين أن الحرب تعني لنا دمارًا وخرابًا وتشردًا ومجاعة وجهلًا ونزوحًا وفقرًا مدقعًا حتى الثمالة، لهذا أردنا أن نناشد دون كلل أو ملل بإنهاء هذه الحرب التي جاءت لتدمر وتمزق وطن الإيمان والحكمة وتجعله وشعبه في وضع لا يحسد عليه.

سبل السلام كثيرة وليس من الصعب سلوكها ما دام هناك عقول حرة تعشقه وتطالب به للجميع أن يكونوا دعاة لمطالبة إحلاله في وطن هو وأبناؤه بحاجة لمبادرة سلام جديدة تخرجنا من براثن عبث فوضى الحرب وتراكماته التي لم تخلص بعد.

كان الأمل ببعض الدول الشقيقة التي حاولت جاهدة وتشكر بخمد نيران حرب اليمن كدولة سلطنة عمان وبعض جهود دولة الكويت التي رحبت بجولة حوار جمعت أطراف الحرب على طاولة واحدة، وسرعان ما انتهت دون تحقيق السلام الذي كان يراهن على نجاحه عند أغلب فئات الشعب اليمني التواقة للسلم والأمن والأمان، كون الجميع قد كان انصاع للحوار وأبجدياته.

لكن بفعل العمل بالمكابرة واتخاذها وسيلة لتحقيق انتصارات زائفة فشلت جميع جهود إحلال السلام لليمن، ومن ثم رجعت الحرب تتصدر المشهد بعد أن كانت التهدئة العامة قد سادت أرجاء أماكن الجبهات، ولولا تعنت المتصارعين لكانت الحرب اليوم انتهت وحصل التوافق بين كل المتخاصمين.

هناك نخبة شبابية تحمل أفكارًا حرة وتحب أن تكون لها بصمة تذكار في نشر لغة السلام والتسامح على نطاق يتعدى جغرافية البلد حين تجد من يؤمن بفكرتها ويعزز من تحقيقها محتاجة فقط لأضواء إعلامية حرة تساهم في إيصال أهداف ورسالة الحلم إلى نطاق واسع من الناس حتى يعلموا ما مدى ضروريات أن يحل السلام داخل وطن مصغر نطاقه جغرافية اليمن. وطن العرب وأصل الحضارة، الوطن الحامل في طياته إرث الأمة العربية برمتها لهذا السبب يجب على النخب العربية المثقفة وبالذات النخبة الشبابية أن تشارك حتى ولو بكلمة أو مقالة عابرة تذكر من نسي موطن الإيمان والحكمة بأنه اليوم يعاني من ويلات الحرب وضراوتها، وحان الوقت للتخلص من كل هذه العشوائية التي ألحقت به كوطن مستقل له سيادته وعزته.

ليس من العيب أن يشاركنا الكل في إيصال رسالتنا للعالم بأن هناك أناسًا ما زالت تطالب بالسلم والسلام، وما هذه الافتراءت المنتشرة سوى أكاذيب تريد أن تعلم الجميع بأن موطن اليمن قد أصبح موطنًا للأشباح والحرب الأهلية، كل هذه خزعبلات روجت لها وسائل إعلامية لا تحمل شرف المهنة غرضها الترويج لإعلاناتها المنبثة حتى ولو كان ذلك على حساب كرامة وعزة الشعوب.

نعم الحرب تكون قد صنعت بعض الاختلال ونوعًا من الانفلات الأمني، لكن هناك ما زال تحفظ ببعض الأعراف القانونية المعمول بها في أي دولة والتفريط ليس بوارد.

يمكن أن يصنع السلام في اليمن أرضًا وإنسانًا – بعد أن فقد – بتضافر جهود من يحب أن يكون مشاركًا في صنع الأمل والسلام وما أكثر المبادرين لصنع خير كهذا.

اليمن وفي ظل تفاقم الأزمة واشتداد مآسيها ربما هي اليوم بأمس الحاجة للغة حوار تفرض السلام والاستقرار شرطًا أساسيًا، وهو المطلوب لتهيئة خارطة طريق تخلو من التعقيد والنكوص، فالمرحلة الحالية تتطلب أناسًا يفهمون أسس الحوار البناء الذي من خلاله تتم عملية التصالح والتصافي بين من ثاروا على بعضهم البعض.

لنا في ظل هذه التوترات أن نناشد ونطالب بحقوقنا من إحلال الأمن والسلام داخل أراضينا لكي ننعم بحياة تسود فيها معاني الحب والوئام والتصالح، لا نريد الحرب، ولا نريد عبث الفوضى أن تسيطر على طبيعة الواقع لأن ما حدث إلى الآن يعتبر كارثة بحق الإنسانية جمعاء وبحق الوطن، فالجميع تأثر ولا يزال من هذه الحرب المنبوذة التي حلت دون سابق إنذار، فالكل دون استثناء نابذ لها ولا يريد أحد أن يكون طرفًا مشاركًا في خوض معاركها.

اليمنيون هم وحدهم اليوم يدعون إلى التصالح ويحتاجون إلى أصوات حرة من أبناء الشعب العربي الواحد أن ينضموا إلى ما يناشدون من أجله، وهو أن يحل السلام في ربوع وطنهم الجريح الذي مزقته الحرب الأهلية وجعلته وأبناءه مهجرين ونازحين ولاجئين منسيين لا عين تنظر لما يعانونه. وحدهم يصارعون قهر الحرب وقسر التهجير.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد