عانت حوران خلال الفترة العثمانية من الإهمال والضيق الاقتصادي، ولم تكن الدولة العثمانية تهتم ببناء المدارس والتكايا وغيرها في حوران كما كانت تهتم بولاية الشام وولاية حلب، وإذا ما راجعنا مجموعة المباني التي كانت قائمة في أقضية حوران وبصر الحرير ودرعا من لواء حوران، نلاحظ أن لواء حوران كان بحاجة للكثير من المرافق والمباني الخدمية، فلم يكن في كثير من أقضية اللواء أي مدرسة أو زاوية وتكية أو حمام أو أجزاخانة، أو قشلة أو قلعة، وأغلب المباني هي مبان متواضعة وبسيطة -يستثنى من هذا الكلام عهد السلطان عبد الحميد الثاني- والتي كانت على الشكل الآتي، عام 1316 هجريًّا :(1)

1-قضاء حوران: 25 جامعًا، 6 مساجد، 199 دكانًا، خان، 2572 خانه، 20 باغا، 5 باغجه، 1 قهوة خانه، 1 حكومت قوناغي، 2 زيار تكاه، 19 دكرمن، 2 فرون، تلغرافخانه، 2 مكاتب رسمية مسلمة، 29 مكاتب صبيانية مسلمة، ٥٥ مقبرة إسلامية.

2-قضاء بصرى الحرير: 12 جامعًا، 5 مساجد، 2305 خانه، 5 باغ، 9 كليس، 1 قشله، 1 حكومت قوناغي، 12 دكرمن، 12 فرون، 1 دبوى، 1 مكاتب صبيانية إسلامية، 2 مكاتب غير إسلامية، 22 مقبرة إسلامية، 10 مقابر غير إسلامية.

3-قضاء درعا: 3 جوامع، زاوية وتكية، 100 دكان، 1500 خانه، 15 باغا، 4 دستكاه، 1 قلعة، 1 حكومت قوناغي، 2 زيارتكاه، 1 دكرمن، 1 كيراج خانه، 6 مكاتب إسلامية رسمية، 20 مقبرة إسلامية، 2 مقبرة غير إسلامية.

بعد الاطلاع على ما سبق قمت بمراجعة جدول موازنة ولاية سورية لأرى الأمور بشكل أدق وأنقلها إليكم، فجدول الموازنة يحمل أرقام مصروفات الدولة وما تنفقه من أموال على تحسين أوضاع الولايات والأقضية وما يأتيها من واردات من الولايات والأقضية، أما ما كانت تصرفه الدولة العثمانية في ولاية سورية على لواء حوران -لنأخذ سنة 1300 هجري، كمثال عملي- كان على النحو الآتي: (2)

-داخلية: 252298
-مالية: 111021
-شرعية: 29204
-عدلية: 100020
-معارف: 4592
-فائض وبدلات: 95590
أما النافعة والضبطية والتلغراف والبركرامنتي فمصروفاتها كانت صفرًا.

وعن واردات قضاء حوران فهي على الشكل الآتي:

-ويركو: 2752942
-بدل عسكري: 41909
-أعشار: 1822292
-أغنام: 1492979
-رسومات متفرقة: 48200
-حاصلات متفرقة: 10150
أما عن التمتع والرسومات المتنوعة فقط كانت إيراداتها صفرًا.

واردات قضاء جميعها من الرسوم والضرائب وبدل العسكر، ولم تجن الدولة العثمانية أي مبالغ من ضريبة التمتع؛ لأن أهل حوران لم يكونوا تجارة وكانوا منقسمين بين الزراعة وتربية المواشي والأغنام، فحوران أرضها خصبة وهي كثيرة الزراعة كثيرة المواشي والأغنام.

أقل مصاريف الدولة العثمانية داخل قضاء حوران كانت على المعارف، في حين أنها يجب أن تكون أولوية لديهم في لواء تقل فيه المدارس والتعليم.

مصروفات نظارة النافعة سنة 1300 هجري صفر، أي أن الدولة العثمانية طوال هذه السنة لم تصرف أي مبالغ لشق طريق أو بناء جسر أو ترمير مرفق خدمي.

-عهد السلطان عبدالحميد الثاني وسعدالدين المقداد.

في أواخر العهد العثماني وفي عصر الخليفة عبدالحميد الثاني شهدت حوران نموا في اقتصادها وتجارتها، وقد أدت إصلاحات عبدالحميد الاقتصادية إلى تحسن أوضاع الحوراني، بعد أن تم بناء سكة الحديد التي ربطت بين حوران وباقي الألوية في سوريا وبين حوران وفلسطين والحجاز، حتى أن سعر القمح الحوراني ارتفع من ستة قروش إلى 15 قرشًا، وارتفعت سعر الأرض في حوران. (3)

وفي عام 1325 هجريًّا اختارت حوران ممثلها في مجلس المبعوثين العثماني -سعد الدين المقداد- والذي كان له دور كبير في لفت أنظار الدولة العثمانية لما تعانيه حوران من تردّ في اقتصادها ومعيشتها، حتى أنه سأل عن ما قدمه لخدمة أهله في حوران بعد عودته من إحدى الاجتماعات في إسطنبول فأجاب: أشكركم على تهنئتي بعودتي وجوابًا على سؤالكم بما قمت به لخدمة أهلي حوران في مجلس المبعوثين، أقول: قمت بها وأنا العاجز، وهي: تقرر في عام 1326 هجريا (4)

1-تقرر لكل من أقضية حوران مدارس ومفت لتعليم الأهالي أمور دينهم.
2-تقرر إنشاء مكاتب ابتدائية للمحال المهمة لقراءة القرآن الشريف والخط والرقوم.
3-تقرر إصلاح الجسور وتعميرها ورصف الطرق في جميع أنحاء اللواء.
4-تقرر للفلاح من الآلات الجديدة للحراثة والبذار والحصاد والدرس.
5-تقرر فتح آبار ارتوازية في المحال التي لا ماء فيها.

كما قدم مندوب حوران تقريرًا مفصلًا يشرح فيه أوضاع الفلاحين في حوران وطالب بعرض التقرير على المصرف الزراعي لدعم الفلاحين وتقسيط الديون. (5)

كما أوضح للسلطات العثمانية بأن أهالي حوران يضطرون للهجرة خارجها بحثًا عن الغذاء ولسوء المعيشة، ولكن وزير المالية جودت بيك طلب من المقداد تقريرا مفصلا عن الأمر، فرد عليه سعد الدين مستهزءًا: وفي هذه الحالة سوف ينتهي أمر أهل حوران وتتدمر المنطقة ويهاجر سكانها…إلخ.

لم تتحسن الحال مع مضي الأيام بل ساءت وانسحب النواب العرب والنائب الحوراني من المجلس وانطلقت الثورة العربية بعدها.

معاني الكلمات:

*الأجزاخانة هي: ما نسميها اليوم بالصيدلية.
*الخان: هو بيت للمسافرين والقوافل.
*باغجه: البستان والمزرعة.
*القشلة: ثنكنة عسكرية أو مركز للجيش وهي مثل الحصن أو القلعة.
*حكومت قوناغي: دائرة حكومية.
*مكتب صبياني: مدرسة ابتدائية.
*مغازه: مخزن.
*التكيه والزاوية: أماكن مخصصة للعبادة ومساعدة عابري السبيل.
*فرون: الفرن.
*المعارف: التعليم.
*النافعة: الأشغال العامة والطرق.
*ويركو: نوع من أنواع الضرائب العثمانية.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد