ثبت علميًا أن للموسيقى تأثير قوي على الدماغ حيث تظهر الأبحاث الحديثة أن الموسيقى يمكن أن تساعد في العديد من جوانب الدماغ، بما في ذلك تقليل الألم وتخفيف التوتر والذاكرة وإصابات الدماغ. في كتاب قوة الموسيقى، تقول إيلينا مانز، «لقد وجد العلماء أن الموسيقى تحفز أجزاءً من الدماغ أكثر من أي وظيفة بشرية أخرى». دعونا نلقي نظرة على بعض الطرق التي يمكن أن تساعد بها الموسيقى في شفاء وتحفيز الدماغ البشري.
تقليل الآلام
«أعتقد أن الموسيقي في حد ذاتها شفاء. إنه تعبير متفجر عن الإنسانية. إنه شيء تأثرنا به جميعًا. بغض النظر عن الثقافة التي ننتمي إليها، يحب الجميع الموسيقى». – بيلي جويل
وجدت دراسة أجريت سنة 2014 أن الموسيقى كانت مفيدة لمرضى الألم العضلي الليفي. وأظهرت الدراسة أن الاستماع إلى الموسيقى الهادئة التي يختارها المريض «يقلل الألم ويزيد من الحركة الوظيفية بشكل كبير». ويعتقد الباحثون أن الموسيقى تخفف الألم لأن الاستماع إليها يؤدي إلى المواد الأفيونية – وهي مسكنات الألم الطبيعية في الجسم. في دراسة أجريت عام 2013، عانى الأشخاص الذين تناولوا عقار نالتريكسون المانع للأفيون من متعة أقل أثناء الاستماع إلى أغنيتهم المفضلة؛ مما يشير إلى أن الموسيقى تنشط إطلاق المواد الأفيونية المهدئة للألم.
تخفيف التوتر
اعتمادًا على نوع الموسيقى التي تستمع إليها، يمكن للموسيقى الهادئة أن تخفف التوتر عن طريق خفض مستويات الكورتيزول، وهو الهرمون الذي يتم إطلاقه استجابة للتوتر.
توضح دراسة أجريت عام 2013 وجود صلة بين الموسيقى وانخفاض التوتر لدى مرضى غرفة الطوارئ للأطفال. «في التجربة التي أجريت على 42 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 3 و11 عامًا، وجد باحثو جامعة ألبرتا أن المرضى الذين استمعوا إلى الموسيقى الهادئة أثناء إدخال الحقن الوريدي أفادوا بألم أقل بشكل ملحوظ، وأظهر البعض ضغوطًا أقل بشكل ملحوظ، مقارنة بالمرضى الذين لم يستمعوا إلى الموسيقى وفقا لجمعية علم النفس الأمريكية».
ذاكرة
زادت الدراسات التي تربط الموسيقى بتذكر الذاكرة منذ أوائل القرن العشرين، عندما ظهر البحث لأول مرة. الاستماع إلى موسيقى معينة يمكن أن يعيد عقلك عقودًا إلى الوراء في لحظة. في منشور سابق نشرناه على المدونة بعنوان «دراسات تثبت أن الموسيقى تعزز نشاط الدماغ لدى مرضى الزهايمر»، استشهدنا بالفيلم الوثائقي Alive Inside، الذي يروي كيف أيقظت الموسيقى المرضى الذين يعانون من فقدان الذاكرة. قال طبيب الأعصاب أوليفر ساكس: «الموسيقى تثير المشاعر، ويمكن أن تجلب العاطفة معها الذاكرة.. يعيد الشعور بالحياة عندما لا يستطيع أي شيء آخر ذلك».
أجريت دراسة عام 2014 على 89 مريضًا يعانون من الخرف، حيث تم تعيين المريض ومقدمي الرعاية بشكل عشوائي إما لمجموعة تدريب على الاستماع للموسيقى لمدة 10 أسابيع، أو مجموعة تدريب على الغناء لمدة 10 أسابيع، أو رعاية منتظمة. وأظهرت النتائج أنه «مقارنة بالرعاية المعتادة، فإن كل من الغناء والاستماع للموسيقى تحسن الحالة المزاجية والتوجيه والذاكرة العرضية البعيدة وبدرجة أقل الانتباه والوظيفة التنفيذية والإدراك العام. كما عزز الغناء الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة العاملة ورفاهية مقدم الرعاية، في حين كان للاستماع إلى الموسيقى تأثير إيجابي على نوعية الحياة».
نوبة أو إصابة دماغية أو سكتة دماغية
تم الإبلاغ عن أن أدمغة مرضى الصرع تستجيب للموسيقى بشكل مختلف عن الأشخاص الذين لا يعانون من الصرع. «الأشخاص المصابون بالصرع يتزامنون قبل حدوث النوبة. ومع ذلك في دراستنا، تزامن مرضى الصرع مع الموسيقى دون التعرض لنوبة»، قالت كريستين شاريتون، من مركز ويكسنر الطبي بجامعة ولاية أوهايو. أوضح شاريتون أن الإجهاد يسبب حدوث النوبات، وأضاف: «من خلال الاستماع إلى الموسيقى، أفاد العديد من المرضى أنهم شعروا بالراحة».
أظهر مرضى السكتة الدماغية الذين استمعوا إلى الموسيقى في المراحل المبكرة بعد السكتة الدماغية تحسنًا في التعافي وفقًا لدراسة أجريت عام 2008. اقترح مؤلف الدراسة تيبو شاركامو، أن يبدأ المرضى في الاستماع إلى الموسيقى بعد فترة وجيزة من السكتة الدماغية، حيث تحدث العديد من التغييرات خلال الأسابيع والأشهر الأولى من الشفاء. «وجدنا أنه بعد ثلاثة أشهر من السكتة الدماغية، تحسنت الذاكرة اللفظية من الأسبوع الأول بعد السكتة الدماغية بنسبة 60 في المائة لدى مستمعي الموسيقى»، قال شاركامو.
في عام 1973 تم تطوير علاج قائم على الموسيقى يسمى علاج التنغيم اللحني لمساعدة الناجين من السكتات الدماغية أو الأشخاص الذين يعانون من الحبسة الكلامية على التواصل مرة أخرى. الغرض من العلاج هو تحويل الغناء إلى كلام، على الرغم من أن هؤلاء المرضى غير قادرين على التحدث الا انهم غالبا ما يكونون قادرين على الغناء بنفس الطلاقة والوضوح اللذين كانا قبل ظهور المرض.
نحن نعلم بالفعل أن الموسيقى التي تمنحنا القشعريرة تساعد على إطلاق هرمون الدوبامين – هرمون يفرز في الدماغ يعبر عن النشاط والسعادة – وهناك دراسة منفصلة وجدت أن الأشخاص الذين يستمعون عن قصد إلى الموسيقى المتفائلة حسّنوا مزاجهم وسعادتهم في أسبوعين فقط. عندما تم توجيه مجموعة منفصلة للاستماع إلى موسيقى مختلفة لا تعتبر إيجابية، لم يشعروا بنفس تأثير تحسين الحالة المزاجية. لذا في المرة القادمة التي تكون فيها أزرق اللون (مكتئبًا)، قم بوضع أغنية تجعلك تبتسم.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست