من خلال الدراسة الاستقصائية تبين أن الدول ذات الاقتصادات الناجحة تعتمد على الاكتفاء الذاتي، وتقوم بالتركيز على الإنتاج، أي على الصناعات المنتجة، وليس الصناعات المستهلكة؛ لأن الصناعات المنتجة تدر عائدًا يستخدم هذا العائد في دعم مشروعات أخرى، كما أن الإصلاح الاقتصادى يرفض أي نوع من الاقتراض من الدول الخارجية أو المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كما فعلت ماليزيا.
الإصلاح الاقتصادي الحقيقي لابد أن يكون الهدف منه وصول الدولة لمكانة تعليمية وصناعية ومستوى تكنولوجي لتحظى بمكانتها في مصاف الدول المتقدمة.
المستوى التعليمي
الرقي بمستوى التعليم والنهوض بالعملية التعليمية، هو الذي يخرج الكوادر لبناء اقتصاد الدولة، وبالنسبة للصناعة لابد القيادة السياسية أن تضع نصب عينيها أن تكون متقدمة صناعيًا، تنتج السيارات والطائرات والهواتف الذكية، ويتم ذلك عن طريق إرسال البعثات للخارج واستخدام الخبراء للتدريس والتدريب بالداخل، أي ربط الدولة بالخارج حتى تكون على دراية بما وصلت إليه الدول الأخرى من مستوى تكنولوجي.
التجربة الماليزية
من أبرز الأمثلة على ما قامت به ماليزيا حيث قامت بتصنيع السيارات عام 1983 بعد استقلالها في عام 1957 عن بريطانيا، وجميعنا يعلم أن أي استعمار في أية دولة على مر العصور يسلب ثرواتها، فكيف استطاعت ماليزيا – هذا البلد الذي لم يمض على استقلاله إلا 26 عامًا – أن تبدأ في تصنيع السيارات؟ والسر هنا يكمن في الإرادة السياسية متمثلة في مهاتير محمد رئيس الوزراء، فقد اتخذت ماليزيا من اليابان قدوة لها في هذا المجال وحذت حذوها في التصنيع (كتاب التجربة الماليزية للدكتور محمد صادق إسماعيل).
النمور الآسيوية
من أكبر الاقتصادات الناجحة على مر التاريخ هونج كونج، وسنغافورة، وتايوان، وكوريا الجنوبية، تعتمد النمور الأربعة الآسيوية على التكنولوجيا والعولمة اللذين يساعدان على ازدهارها، قامت هذه الدول بالتركيز على التصنيع وشيدت مجمعات صناعية كبرى، وعمل مناخ استثماري جيد من خلال تقديم الحوافز للمستثمرين، كما قامت بتطوير التعليم وجعلت التعليم إلزاميًا على شعوبها.
فنجد هونج كونج ركزت على الخدمات المالية، فأصبح لديها بورصة مزدهرة تأسست عام 1891 وتبعتها في ذلك سنغافورة، كان لرؤوس الأموال الأجنبية الأثر البالغ؛ حيث قامت هونج كونج في استغلاله لدعم المشروعات الكبرى والمتوسطة، كما طورت البنية التحتية، وتعتبر هونج كونج واحدة من أغنى دول العالم.
النمر الثاني سنغافورة، تعد سنغافورة أعلى نمر آسيوي في الناتج المحلي بسبب الاستثمارات الأجنبية الهائلة، فتعتبر مركزًا عالميًا للتجارة وأكبر صراف عالمي للعملات.
ثالث دولة في النمور الآسيوية تايوان، بسبب موقعها المجاور للصين سارت معها جنبًا إلى جنب في قارب التقدم والرقي، فتم إنشاء ناطحات سحاب وشبكات قطارات عالية السرعة، وتأسيس نظام تعليمي مميز.
آخر النمور الآسيوية هي كوريا الجنوبية، لطالما عرفها العالم بأنها بلد زراعي فأخذت على عاتقها أن تغير المعروف، فقامت بتبني مشروعات الصناعة الحديثة مثل الروبوتات والإلكترونيات وتطوير البرمجيات.
أهم الأسباب التي جعلت النمور الآسيوية الأربعة تمتلك هذه المكانة الاقتصادية العالية أنها تتمتع بحكومات رشيدة، من أهم أولوياتها مكافحة الفساد كما تجنبت البلاد الديون، وعملت على بناء احتياطات كبيرة من رؤوس الأموال.
الاستقرار السياسي
من أهم العوامل التي تؤدي إلى تقدم ونهضة الدول هو الاستقرار السياسي، فعدم توافره يودي إلى تخلف وتأخر المجتمعات، فإذا كانت الدولة في حالة حرب أو ثورة أو الدول المجاورة لها كذلك فإن ذلك يودي إلى هروب رؤوس الأموال المحلية إلى الخارج عوضًا عن رؤوس الأموال الأجنبية، وعدم القدرة على جذب استثمارات أجنبية جديدة، وبالتالي عدم الحصول على الدعم الكافي للمشروعات الوطنية والاستثمارية، نجد ذلك واضحًا في مصر؛ حيث إنه إبان ثورة 25 يناير هربت الاستثمارات الأجنبية إلى الخارج، وتحاول الدولة منذ عام 2014 جذب الاستثمارات الأجنبية مرة أخرى.
خفض نسبة البطالة
خفض البطالة أو تقليل عدد العاطلين عن العمل يعد موشرًا جيدًا للحكم على الإصلاح الاقتصادي، وهل هو إصلاح حقيقي أم مزيف، من خلال إنشاء شبكة تصنيع ضخمة لاستيعاب الأعداد الهائلة من العاطلين، لأن الشباب الذين هم في سن العمل لابد من النظر إليهم على أنهم ثروة أو مورد يجب استغلاله، بدلًا عن التعامل معهم على أنهم عبء على الدولة، فنجد دولة مثل الصين يتجاوز تعداد سكانها الـ2 مليار، ومعدل البطالة بها منخفض جدًا، ويمثل 3.95%، فقد استطاعت الصين أن توفر 10.97% فرصة عمل في 2017. نجد في مصر معدل البطالة انخفض إلى 10.6% بعدما كان في الأعوام السابقة 16%.
خفض معدل التضخم
يعرف معدل التضخم بأنه نسبة التغير في أسعار السلع الاستهلاكية، في 10 سبتمبر (أيلول) 2018 أن معدل التضخم 8.8% وهو معدل جيد؛ لأنه في الأعوام السابقة كان قد وصل إلى 30%، ونلاحظ دولة مثل الصين معدل التضخم بها يتراوح بين 1.5% الى 2%، يمكن خفض معدل التضخم عن طريق الرقابة كما قال الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي، وتغول دور جهاز حماية المستهلك، كما أكد نافع أن ارتفاع الأسعار سببه احتكار السلع من قبل التجار، وخاصة السلع الاستهلاكية التى يعتمد عليها المواطن بشكل أساسى في حياته اليومية.
كما أكد أن القيام بإجراءات تقشفية وفرض ضرائب على السلع يؤدي إلى رفع معدلات التضخم، بسبب ما تفعله الضرائب من ارتفاع في الأسعار، كما أن توفير الحكومة للسلع أو المنتجات التي يقوم القطاع الخاص بإنتاجها، فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض أسعارها، وبالتالي يؤدي ذلك حتمًا إلى انخفاض نسبة التضخم. (اليوم السابع).
ملخص عن المادة
هذه المادة اقتصادية، تهدف إلى إيضاح بعض الطرق والوسائل للتقدم والنهوض بالدول والاستشهاد بالعديد من التجارب الدولية الناجحة في تطبيق مبادئ الإصلاح الاقتصادي، وكيفية تطبيقها لمساعدة المسئولين على اتخاذ القرارات الصالحة التي تخدم الصالح العام في الدولة.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست
علامات
اقتصاد