في حوار لي مع صديق سألته عن كيفية استقبال العام الجديد، وقعت إجابته على قلبي وعقلي مثل الصاعقة، فرد قائلًا سأذهب في بداية العام إلى أي مكان للترفيه، أو ربما أحضر حفلة للمغني الفلاني المشهور، فطرحت السؤال مرة أخرى رغبة مني أن يحدثني عن خطط، أو أهداف، أو رؤية مختلفة، أو حتى نية للتجديد، فضحك ضحكة هستيرية شديدة، فطرحت السؤال على صديق آخر فكانت إجابته لا تختلف كثيرًا عن سابقه، ومن هنا جاءت فكرة المقال.
علينا أن نستغل كل فرصة تأتي إلينا، أو بداية فترة جديدة أو عام جديد حتى نصلح من شأننا، ومن ثم نصحح مسارنا ونضع خطة وخطوة جديدة لحياة أفضل، فلتمسك الآن ورقة وقلم وتكتب وتدون ما تراه يستحق التدوين، واكتب إلى آخر ما ترى أنك تحتاج إلى تسجيله. ولتبدأ مثلًا بنقاط الضعف والقوة خلال العام المنصرم، وتقييم جوانب القصور والخطأ، حتى تتمكن من وضع خطة للتغيير، وكيف يمكن أن تستثمر أيامك لكي تجعل العام الجديد نقلة في حياتك، وادرس وخطط وتحرك وفقًا لخطة مدروسة؛ لكي تعود إليك بثمار ونتائج إيجابية.
ولا تغفل علاقاتك الاجتماعية مع أهلك، وأقربائك، وأصدقائك، ودائرة معارفك حتى تتمتع براحة نفسية، ويعمك السلام الداخلي والهدوء، وهذا الأمر قد يتطلب بعض التنازلات كأن تقدم اعتذارًا لشخص ما، أو رد كرامة أو مكانة شخص ربما أسأت إليه في الماضي، فلا تترد وافعل ذلك بكل جرأة وشجاعة، وهذا هو البداية الحقيقة للتغيير، والبداية السليمة حتى مع من أساؤوا إليك حتى تبدأ فعلًا بداية لنفسك، قبل أن تكون للآخرين.
إن أول الخطوات التي لا بد أن تبدأ بها عامك الجديد هي عملية تحديد الأهداف للفترة المقبلة، فهي خطوة مهمة للتفكير في مستقبل مثالي، ولتحفيزك دائمًا نحو كل تصوراتك ورؤيتك الإيجابية من بداية العام، فعن طريقها تحدد أين أنت الآن؟ وتدرك جيدًا مواطن القصور والنقص التي تريد معالجتها، كما أن وضعك للأهداف يساعدك على اختيار أين تركز مجهودك، فلتبدأ من الآن وضع وتحديد أهدافك، ولتضعها على عدة مستويات:
- المهني: إلى أي مستوى تريد أن تصل في عملك؟ هل يمكنك أن تصبح أكثر سعادةً ونجاحًا في عملك؟ هل تريد أن تكون أكثر التزامًا بالمواعيد؟ هل تريد أن تصبح أكثر تنظيمًا وترتيبًا؟
- الأكاديمي والتعليمي: هل تريد تحسين مهارة معينة؟ هل تريد أن تدرس لغات جديدة؟ هل تريد أن تحصل على درجة دراسات عليا (ماجستير – دكتوراه – دبلوم).
- الاجتماعي: هل تريد تحسن علاقاتك القرابية مع أهلك وأصدقائك؟ هل تريد تحسين طريقة تعاملاتك مع الآخرين؟
- الطبي أو الصحي: هل تريد ممارسة رياضة معينة؟ هل تريد أن تتوقف عن التدخين؟ هل تريد أن تقلل من وزنك؟ هل تريد عمل تحاليل وفحوصات طبية للاطمئنان على صحتك؟
- المادي والمالي: هل تريد أن تحسن دخلك المادي؟ هل تفكر في إيجاد عمل إضافي؟
- الروحاني: هل تريد أن تحسن علاقتك بربك؟ هل تفكر في الالتزام بالصلاة والفرائض؟
وعند كتابة أهدافك لا بد أن تراعي أن تكون تلك الأهداف محددة تحديدًا دقيقًا واضحًا يمكن تحقيقها، قابلة للقياس يمكن التعرف على التغييرات أو التحسين مع مرور الوقت. وتتميز أيضًا بالمرونة، وتكون قابلة لإعادة التشكيل حسب المتغيرات، وأن تكون واقعية يمكن تحقيقها فعلًا بما يتماشى مع القدرات والإمكانات، ومحددة بوقت لإنجازها.
وقم بعد ذلك بوضع تلك الأهداف محل التنفيذ، وتحويل الأهداف الكبرى إلى أهداف صغيرة، ووضع مجموعة من الأدوات والطرق لتحقيقها مثال ذلك، إذا كنت تريد تقديرًا جامعيًّا مرتفعًا للمواد فيمكنك وضع مجموعة من الأدوات لإنجاز هذا الهدف (حضور المحاضرات، الالتزام بعمل التكليفات، القراءة والاطلاع والدوام على المكتبة، المشاركة في النقاشات داخل المحاضرات، المراجعة المتكررة، وهكذا).
فبكتابة أهدافك وأهم الأشياء التي تنوي فعلها خلال الفترة القادمة على الورق، يبدأ خلق صورة ذهنية لما تريد تحقيقه، ويزيد من نسبة تحقيقها بشكل كبير، وبعد الانتهاء من كتابتها احتفظ بنسخ كاملة لأهدافك وطرق تنفيذها في مكتبك، وفي ملفات عملك حتى تكون نصب عينك وأمامك دائمًا.
ومع بداية العام ابدأ بالتنفيذ فورًا لخطواتك وأهدافك المدروسة، ولا تنتظر الإلهام، وابذل قصارى جهد لتغيير وتجديد حياتك.
وكل عام وأنتم بخير.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست