إنّ مجالات سوق العمل كثيرة، ولكلّ مجال خصائصه ومميزاته فإذا كنت موظفـًا أو رائد أعمال ستحكم عليك طبيعة عملك حتمًا اتباع أساليب معينة أثناء أداء مهامك اليومية، أمّا إذا كنت قد اخترت العمل الحر أو العمل بشكل مستقل فعليك الالتفات لمجموعة من النقاط والنصائح التي ستعينك في عملك المستقل مهما كانت طبيعته، وتساعدك على تحسين إنتاجيتك، وتقديم خدماتك بشكل رائع.

بناءً على خبرتي لأكثر من عشر سنوات في العمل المستقل، سواء كموظف مستقل أو صاحب عمل يوظف المستقلين، وبعد إنجاز عشرات المشاريع عبر منصات العمل المختلفة، سواء عبر الإنترنت، أو عبر التعاقد مع مؤسسات أخرى، قمت بكتابة هذا الدليل السريع الذي يتضمن خلاصة تجربتي، ويقدّم ما أعتقد أنّه النصائح الخمس الذهبية للنجاح في العمل المستقل.

أولًا: الترويج الناجح لخدماتك

يهتم الناس بأن ترى نتيجة عملك لا أن تسمع ماذا تريد أن تعمل، تقول القاعدة السحرية «أرني عملك، ولا تحدثني عنه»؛  لذلك فإنّ مهمتك الأولى كموظف مستقل يطمح لأن يستمر في المستقبل في هذا المجال هي: أن تخبر الآخرين ما الخدمات التي تقدمها؟ من أنت؟ وما مهاراتك؟ لا يمكن تحقيق ذلك بدون بناء ملف شخصي واضح بسيط يستطيع الجميع فهمه، ولا بدّ أن ترفقه بأمثلة عن أعمالك سواء أكنت مصمم ويب، أم مصمم جرافيكس، أم مترجمًا… إلخ.

ليكن ملفك الشخصي واضحًا للآخرين، سواء كان ذلك عبر المواقع المتخصصة بالعمل الحر المستقل، أو عبر موقعك الشخصي الخاص بك، أو حتى لو كان الأمر مجرد صفحة فيسبوك أو غيرها من وسائل التواصل الاجتماعية.

بعد إنشاء ملفك الشخصي، وإبراز أمثلة عن عملك، ننتقل للخدمات التي تود الترويج لها، والتي تود تقديمها. إنّ النصيحة الذهبية هنا، أنّه يجب أن تكون تلك الخدمات واضحة ومفهومة، يجب أن تكون خدماتك محددة، قابلة للقياس، قابلة للتحقيق، واقعية، ومحددة بزمن، لا تقل مثلًا، أستطيع أن أصمّم لك موقعًا رائعًا، بل قل أستطيع أن أصمم لك موقعًا باستخدام منصة وورد بريس مثلًا وبذلك، تكون محددًا، وحتى هذا لا يكفي فلا بدّ أن توضّح الأبعاد الأخرى للموقع. كمثال آخر، لا تقل أقدّم خدمة الترجمة من العربية إلى الإنجليزية، بل قل أقدم خدمة الترجمة من العربية إلى الانجليزية مع تحديد الكمية والسعر، مثلًا كل «س» كلمة بتكلفة «ع» دولار خلال «ص» يوم، أي حددّت بشكل واضح الكمية والسعر والزمن، والأهم أن يكون بإمكانك إنجاز المهمة خلال الزمن المقترح.

ثانيًا: قوة الانطباع الأول

بعد بناء ملفك الشخصي، وعرض خدماتك، يأتي التحدّي التقليدي، ألا وهو جذب العميل الأول، وهنا يأتي دور قوة الانطباع الأول، هناك كثيرون غيرك والذين يقومون بالمهمة نفسها التي تقوم بها أنت، وهنا يجب التركيز على ما يميزك بشكل كبير، ويجعلك تتفوق عليهم.

تشير العديد من الدراسات أن الشخص يقوم باتخاذ قراراته في وقت لا يتجاوز ثوان معدودة، ولذلك عند عرض خدماتك على صاحب العمل عليك الالتفات لعدد من النقاط المهمة، وذلك لكسب انطباع قوي إيجابي خلال تلك الثواني السريعة.

إليك تلك النصائح لكسب انطباع أوليّ إيجابي:

  • اختر كلماتك بعناية، لا تستخدم العاميّة في مراسلاتك، أو في تقديم عرضك، دقّق نصوصك، وجملك سواء كانت بالعربية أو الإنجليزية، واكتب بإتقان، لن يقبل العميل الحجّة التقليدية، أنّني كنت على عجلة من أمري فلم أنتبه للأخطاء الإملائية، فهي دليل إهمال في نهاية المطاف، كيف يمكنه أن يثق بإنجازك لعمله، وأنت لم تبذل أبسط جهد للرد عليه دون أخطاء إملائية؟
  • راسل صاحب العمل، بمراسلة أدبية تحمل قيمة مضافة.
  • عند الحديث مع رب العمل لا ضير من إرسال مثال عن العمل أو اقتراح تقديم نموذج مجاني.
  • احذر من الإلحاح، أرباب العمل لا يستجيبون للإلحاح.
  • افهم المهمة بدقة، عليك الإحاطة بكل جوانب المهمة، وكيفية أدائها قبل مراسلة رب العمل.
  • لا تتعجل، خذ وقتـًا للإحاطة بالمهمة، وفهمها قبل مراسلة ربّ العمل.

ثالثـًا: التسعير وبيع الخدمات

يُعدّ التسعير إحدى المشكلات التي تواجه الموظفين المستقلين لتقدير كلفة بيع خدماتهم، وخاصة في مواقع العمل الحر المستقل المختلفة، فالتسعير هنا يتخذ أسلوبًا مختلفـًا عن آلية التسعير التقليدية، وإليك نصائحي:

  • ابدأ بسعرٍ متواضعٍ بداية الأمر لتكسب الزبائن وتجذبهم لخدماتك، وبالتالي تحصل على تقييماتهم الإيجابية، وخاصة في حال كنت جديدًا في سوق العمل، أو جديدًا في منصة العمل.
  • قارن دومًا أسعارك مع الآخرين، ووضّح القيمة المضافة التي تقدمها لعملائك مقارنة بهم.
  • لا تلق الأسعار جزافـًا بحيث تكون أعلى بكثير أو أقل بكثير مما يناسب المهمة.
  • احذر التقدير الزمني الخاطئ للمهمة، إذ أنّه عند اتفاقك مع الزبون على السعر لن تستطيع تغييره بسهولة في حال أخذت المهمة أكثر من الوقت أو الجهد المتوقع لها.
  • ضع بعين الاعتبار إضافة هامش للتعديلات، سيطلب الزبون تعديلات على مهمتك بعد إنجازها، هذه سنّة الحياة، خذ ذلك بعين الاعتبار أثناء التسعير.

رابعًا: قوة التقييمات

لا يختلف اثنان على كون التقييمات الإيجابية عاملًا مهمًا في استمرارك في عالم العمل المستقل، ولذلك عليك السّعي إليها سواء على المنصات العالمية، أو بشكل شخصي، ولتحصل على التقييمات الإيجابية، اتّبع النصائح التالية:

  • رضا الزبون هو البوصلة، عليك التأكد دومًا أنّ الزبون راضٍ، وبالتالي لا تنه مهمتك إلا عندما تتأكد ان المهمة تمت على أتمّ وجه، لأن الزبون الراضي هو مفتاحك لزبائن أكثر، ومفتاحك لكي يطلب خدمتك مرّة أخرى.
  • ابن سمعة طيبة فهي وسيلتك للحصول على عمل وزبائن.
  • حافظ على زبونك، كلفة الوصول لزبون جديد تعادل حوالي خمسة أضعاف كلفة التعاون مرة أخرى مع زبون قديم.
  • اطلب تقييمك الإيجابي من ربّ العمل، لا تخجل من ذلك، قم بطلب تقييم لعملك من زبونك حين يكون راضيًا عن النتيجة.
  • تجنّب التقييم السلبي، حاول حل المشكلات مع زبونك حتى تتجنب التقييمات السلبية، إنّ تقييمًا سلبيًا واحدًا يؤثر على أكثر من 20 تقييمًا إيجابيًّا، إن لم يكن 100.
  • إذا اضطّر الأمر، اعمل مجانـًا لتحصل على التقييم الإيجابي، التقييمات الإيجابية ستبني لك سمعة جيدة وبالتالي ستحصل على عمل أكثر.

خامسًا: التسليم الناجح

لا يمكن الكلام عن النجاح في العمل المستقل دون الإشارة لأهمية تسليم الخدمة الناجح، وتقع معظم الخدمات بمشاكل عند التسليم، إليك أهم النصائح:

  • التزم بالوقت المحدّد المطلوب، انتبه للوقت لإتمام المهمة لذلك احرص على أن تقوم بتسليم المهمّة بالوقت الصحيح وألّا تتأخر.
  • أخبر صاحب العمل بتحديثات الحالة للمهمة المطلوبة أولًا بأول، أبقه على اطلّاع بآخر ما وصلت له في مهمتك، ولا تغب عنه طويلًا.
  • قم بالتعديلات إن طُلبت، وتوقع دائمًا التعديلات.
  • حدد موعدًا لوجودك على منصة العمل لتسهيل التواصل مع ربّ العمل.
  • وضّح المهام التي تم تنفيذها بدقّة.
  • تأكد من أنّ كلّ شيء على ما يرام قبل إنهاء المهمة.
  • لا تعط عذرًا واهيًا في حال تأخرك.

سواءً كنت تعمل حاليًا في العمل الحرّ المستقل، أو كنتَ طامحًا لدخوله، أتمنّى أن تكون النصائح السابقة مفيدة لك، وأن تكون دليل نجاح لك.

 

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد