هذا ما صرح به ملك المغرب أخيرًا عندما غضب من السيسي، ذكرنا تصرفه هذا بذكريات الطفولة عندما كان يغضب أحدنا أثناء اللعب فيأخذ ركنًا ويقول: “والله لن ألعب معكم”، فإذا استمر اللعب أصر في مضايقتنا، وقد ينضم إلى الفريق الخصم من الشارع الآخر (تركيا مثلاً).

غضب ملك المغرب من تصرفات السيسي الأخيرة فراح يعلن على الملأ بأنه منقلب على الشرعية، بعد عامين من تأييد الانقلاب!!!

الآن يعلنها أن ما حدث في 30 يونيو كان انقلابًا عسكريًّا!

الآن؟! وقد اعترفت من قبل وكنت من المهنئين؟!

ولكن غضبته كانت أشد من تأييده، وذلك لاتفاق السيسي مع الجزائر ودعمه للبوليساريو، وسرعان ما عبر الملك محمد السادس عن غضبته وبقوة من خلال قنوات التلفزيون الرسمي، فكانت نشرة الأخبار في القناة الأولى مخصصة لذلك، واصفة 30 يونيو بالانقلاب، والسيد الرئيس محمد مرسي بالرئيس الشرعي، ولم تكتف القناة الأولى بذلك، بل تحدثت عن تزوير الانتخابات.

والحق يقال إنها لم تتعرض بالحديث عمن رقصوا أمام اللجان، ولم تتحدث عن المرونة التي تمتعوا بها وقتئذ، وللإنصاف فهي لم تتحدث أيضًا عن المشاعر الفياضة التي أغدقتها بعض النساء على أبواب اللجان، فقاموا بتقبيل الناخبين.

أما القناة الثانية فعرضت تقريرًا عن انهيار مصر اقتصاديًّا في عهد السيسي، والحق يقال أيضًا إنها لم تتعرض لكونه نحسًا أو فقرًا أو شيئًا من هذا القبيل. ولكن عدة أمور وجب الانتباه لها واستخلاصها من هذه الواقعة:

1- جميع الحكومات تعلم أن ما حدث يعد انقلابًا وليس ثورة.

2- الاعتماد على الحكومات في تحرير الشعوب أمر من المستحيلات السبعة، لأن الحكومات مواقفها تتغير لا حسب مصلحة الشعوب، ولكن حسب مصلحتها. ومثال على ذلك الموقفان القطري والمغربي، حيث تغيرا بين مؤيد ومعارض.

3- الشعوب وحدها هي التي تملك مفاتيح الخلاص من هذه الكوابيس التي كتمت على صدورنا.

4- عرابو الانقلاب ومنفذوه وقفوا عند انقلاب عبد الناصر ولم يتحرك بهم الزمان بعد ذلك، تسمرت أقدامهم بصمغ عربي أصيل في المكان والزمان ذاته.

فالاتفاق مع الجزائر سمة الانقلابات المصرية فيما يبدو، فقد فعلها عبد الناصر من قبل وتعاون مع النظام الجزائري وخاض معارك ضد المغرب، بالرغم من أن السيسي قابل السادات إلا أنه ضرب بذلك عرض الحائط ويأبى إلا أن يسير على خطى عبد الناصر.

ولكن محمد السادس انتبه أخيرًا لذلك، ويبدو أن صغر سنه جعله يستوعب الدرس القديم بالمقارنة بالهيكل الذي تحنط عقله قبل جسده بسنوات، وسواء ثبت محمد السادس على موقفه أم غَيًره فإنه لا يؤثر كثيرًا في ثورتنا.

العالم يحاول أن يقلل خسائره عند سقوط الانقلاب، ويضع السيناريوهات المختلفة. ثورتنا مستمرة، الشعب المصري ثائر، والحكومات هي التي تتخبط بين قبول ورفض. الشعب يقرر مصيره وفق مصلحته، أما الحكومات فتقرر مصير الشعوب وفق مصلحتها.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد