يعيش العالم اليوم العديد من التهديدات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وغيرها من التهديدات الأخرى، لكن المتابع لشؤون الدول يلاحظ أن جل اهتمامها منصب على معالجة ظاهرة الإرهاب التي أصبحت هاجسًا يؤرق الرؤساء والملوك والأمراء والحكام، هذا الاهتمام يتجلى في أوضح صوره من خلال القمم التي تعقد، والتحالفات التي تبنى لمواجهة هذه الظاهرة، هذا الاهتمام لا يعد حكرًا على السياسيين فقط؛ بل انتقل إلى الأكاديميين والمختصين الأمنيين في الجامعات، وصارت تعقد له المؤتمرات والملتقيات للبحث في هذه الظاهرة؛ بغية الوصول لأسبابها للحد من أخطار هذه الظاهرة.

لكن الغريب في كل هذه القمم السياسية، والملتقيات الأكاديمية هو توجهها نحو إدانة الإسلام، ولمزها للمسلمين باعتبارهم إرهابيين محتملين، خاصةً وأن معظم العمليات التي عادة ما تتم في البلدان الأوروبية من تنفيذ مسلمين، ومع كل عملية إرهابية يفتح النقاش حول موضوع الإرهاب، وتعيش مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الغليان بين المتهجمين على الإسلام باعتباره منبعًا للفكر الإرهابي، وبين الطرف الثاني الذي يحاول أن يبرئ الإسلام من هذه الاتهامات ويبين ظلمها.

وفي خضم هذا النقاش الدائر دائمًا ما تطرح أسماء مفكرين وعلماء مسلمين متهمين بالتنظير للفكر الإرهابي، وفي العادة يطرح اسم ابن تيمية وسيد قطب ويوسف القرضاوي، وهو ما استوقفني، ففي نقاشي مع أحد المتهجمين على الإسلام والشيخ يوسف القرضاوي باعتباره الراعي الجديد للإرهاب، حاولت إقناعه بكل السبل أن الإرهاب غير مرتبط بالمسلمين ارتباطًا عضويًّا، وإنما لكل أمة إرهابيوها، وسقت له من الأدلة والحوادث التي تصدق على ذلك كإرهاب النازيين والشيوعيين والأمريكيين والاستطانيين الفرنسيين، كما تناقشنا حول الحوادث التي يسميها الإعلام الغربي بالحوادث الفردية، والازدواجية في الخطاب والتعبير عن هذه الحوادث، والتي في الغالب يستخدمون فيها مصطلحات المرض العقلي والمشاكل النفسية، وغيرها من الحيل التي صارت مكشوفة للعيان.

 لكن ومع إصراره وتعنته، واكتشافي أن الرجل قد أعماه الحقد على الرجل؛ إذ صار يراه شيطانًا يمشي فوق الأرض، أدركت أن هذا الجدال عقيم، فجال في خاطري هذا النظم اللغوي أسفله للدفاع عن الشيخ القرضاوي، خاصةً وأنه كان موضوع إساءته فما كان مني إلا أن كتبت الآتي:

قال لي القرضاوي سبب دمار البلدان، وخراب الأوطان، قلت له لم هذا البهتان؟ علق عليّ بالفيديوهات وأعطاني البيان على أن القرضاوي يتآمر على قتل الإنسان، فقلت لنفسي وأخذت في الحسبان أن البحث متاح للجميع وبالمجان، وفتحت عالم الأسفار والديوان فوجدت أن القرضاوي رافق هولاكو وجنوده الشجعان في دك بغداد وقتل السكان، وكان يخبرهم أنه عمل يرضي الرحمن.

ودون أن أطيل التجوال في ذلك الزمان، انتقل إلى قيام دولة الأمريكان، وكيفية بناء هذا الكيان، فالكل يعلم أنه قام على جرائم تقشعر لها الأبدان، فالقرضاوي كان يدعو الأمريكان لذبح الهنود ذبح القطعان؛ لأن ذلك من تمام الدين والإحسان، كما كان خير معين للألمان والطليان في دمار العالم وربوع الأكوان، كما افتى من جديد للأمريكان بحرق اليابان؛ لأن ذلك من صريح السنة والقرآن. لن أطيل في الشرح والتبيان فما فعله السوفييت في الأفغان، والروس في الشيشان، غير خفي عن الأعيان، دون أن أنسى جرائم صهيون في بلاد كنعان، ومقتلة الأمريكان في بلاد النهران، فخيل إليّ أن الرجل سيد للشيطان، وفتواه تنتقل بين الأمم والأزمان، مستخدمة خاتم سليمان، ولنقل بلغة العصر أن الرجل هو السوبرمان، لكن سرعان ما أدركت أن هذا الوصف من الهذيان؛ لأني وجدت أن صاحبي يكن له الكثير من الأضغان، فتوقفت عن إعطاء البرهان؛ لأنه مصاب بعمى الألوان.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد