أكتب هذه الكلمات ولا أعلم هل سيكون لديّ متسع من الوقت بعدها أم سأكون جليسًا لعلاء عبد الفتاح ورفاقه في السجن أم لا, ولكن هذه الكلمات لا بد أن تُكتب حتى ولو دفع ثمنها، لا بد أن تُكتب لأن عدم وصف الأمور بأسمائها الحقيقية سيهلكنا جميعًا، وعند لحظة الدمار لن يكون هناك وقت لنراجع أنفسنا، فوقتها لن يكون هناك إلا البكاء على اللبن المسكوب!

السيد رئيس الجمهورية، صاحب السلطة التنفيذية والتشريعية حتى الآن، أنت ومن تعينهم مسئولون مسئولية كاملة عن كل شيء يحدث داخل أي رواق حكومي وخارجه فيما يخص الأمور العامة، لذلك فأنت متهم بتهم أبسطها التقاعس عن حماية المواطنين، ومن الواضح أن هناك تعمدًا في ذلك، لأن هناك حوادث كثيرة مكررة ولا يوجد إجراء حقيقي لمعاقبة الفاعلين!

“يا فندم دول عذبوني وكهربوني وجابوا مراتي قدامي وقلعوها وحاولوا يغتصبوها علشان أعترف”.
كلمات قالها أحد متهمي أحداث ستاد الدفاع الجوي، قالها وهو يحترق، لأن الأمر بطبيعته يزلزل المشاعر ويجعلك تصاب بشعور من الغثيان، هل هذا يمكن أن يحدث في بلد تأمل في غد مشرق؟

هل هذا يمكن أن يحدث في بلد رئيسها كل يوم يتحدث عن حربه من أجل كرامة المصريين، عن أي مصريين يتحدث؟! هل هم من فقط يأتمرون بأمره ولا يردون كلمته أم كل التعساء حملة الجنسية المصرية؟

يسبق الحادثة السالف ذكرها، حادثة مقتل محام بقسم المطرية، التقارير تقول أنه تعرض لتعذيب بخصيتيه بخلاف تهتك في الكبد وبضع أضلع مكسورة، تعاملوا معه بسادية ووحشية لا مثيل لها إلا في البلاد التي يحكمها الهمج من المتطرفين، وفي النهاية برروا أنه إخوان أو ما شابه ذلك، على أساس أن تعاملهم بانتقائية مع المتهمين أمر قانوني! والغريب أن في الخطابات الرسمية للداخلية، دائمًا يتغنون باحترامهم لحقوق الإنسان ودولة القانون، لا أعرف أي قانون هو الذي يحكم تصرفاتهم، لكن الأكيد أنه قريب من قانون الغاب!

سيناء تقع فريسة بين أيدي مجموعات متطرفة لا تعرف شيئًا إلا سفك الدماء، وصورًا تبث لسيطرة كاملة للدواعش على مناطق عدة هناك، والدولة تقول أنها تحقق انتصارًا يومًا تلو الآخر، لا نعرف أين الحقيقة ولا يوجد خطط حقيقية لحل الأزمة بجانب العمليات العسكرية، لا خطط تنمية ولا أفكار جديدة تستوعب المساحة الضخمة الواقعة عليها سيناء، ما نعرفه فقط هو الجنود الذين يستشهدون برصاص الإرهاب، سيدي الرئيس نريد أن نعرف حقيقة الحال بسيناء؟ نريد أن نعرف الحقيقة قبل أن نستيقظ على يونيو67 جديد!

يكثر الكلام عن منح الخليج، واستثمارات الخليج، وفي الفترة الأخيرة نشبت الحرب في اليمن بقيادة سعودية لأسباب تراها المملكة مقنعة لشن الهجمات، وفي الآونة الأخيرة كثر الكلام عن تدخل بري بمعاونة مصرية، نريد أن نعرف سيدي أين نحن من حرب اليمن؟ وهل سيكون لأموال الخليج ضغط على قرارنا فيما يخص التدخل البري؟ عزيزي لا تجعلنا ندفع ثمن انحيازاتك السياسية من دماء أبنائنا، فعدم إعلان الأمور بوضوح أمام الشعب في حد ذاته جريمة؟!

سيدي رئيس الجمهورية أنت متهم أمامي بالتقاعس عن حماية المواطنين والتستر على المجرمين الذين يهينون كرامة المواطنين حتى ولو كانوا متهمين، سيدي لا يفرق معي هل تعلم بما يحدث أم لا، لكن الواقع يقول أن تكرار الحوادث والانتهاكات باسم الأمن القومي يدل على أنك تتعمد تقاعسك هذا وليس عن جهل بما يحدث، وإن كان هناك من ينصحك أن الضرب بيد من حديد سيضع البلاد على طريق التنمية والإصلاح، فهذه ليست بنصيحة بقدر كونها دفعة إلى الهاوية، الناس قد يصمتون الآن لشعورهم أن الأمور عادت إلى الوراء، لكن متى تسنح الفرصة سينقضون ليهدموا آخر ما تبقى من مسمى الدولة، عدم إدراك لهذا في حد ذاته جريمة!

سيدي أنت متهم أمامي بإخفائك أشياء مهمة تمس حياتي كمواطن، فيما يخص الوضع في سيناء وحرب اليمن ومنح الخليج، قد يقنعنا أحدهم أن من مصلحة الأمن القومي أن لا نعرف، ولكن في عالم كثرت فيه المصادر أصبح زمن التعتيم ماضيًا لن يعود، فما لن تقولوه لنا سنعرفه من غيركم، فزمن احتكار المعلومات لا ولن يعود!

الواقع يقول أن لدينا رئيسًا يمتلك كل الصلاحيات وكل السلطات، وينتج قوانين تقيد الحريات وغير دستورية وفي عهده حدثت جرائم تعذيب وقتل داخل السجون وخارجها، والإرهاب يحتكر سيناء، وحروب نشارك بها دون معرفة كافية بتفاصيلها، ووعود نهايتها نفس نهاية علاج الإيدز بالكفتة، فالعقل يقول أنه متهم حتى لو أخفينا هذا كثيرًا لكنه متهم وسيظل متهمًا حتى لو أنكرتم هذا!

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد