الكثير منا لا يعلم عن تركيا إلا من خلال ما يرونه في الدراما التركية، أو من خلال الإعلام المصري الذي ركز على تركيا بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة وخاصة بعد الاحتدام الحاصل حاليا بين الدولتين بسبب المشاكل السياسية.
ولكن لنتطلع سويا إلى بعض المعلومات والحكايات الطريفة من المجتمع التركي والتي لا يعلم عنها الكثير.
1- القهوة المالحة:
تخيل أنك تذهب لخطبة الفتاة التي أحببتها، وعندما يقدم لك أهلها القهوة كضيف، وتبدأ في شربها تشعر بمرارتها من كثرة الملح الموضوع بها! ماذا سيكون رد فعلك؟
يُحكى أنه في إحدى الحفلات، بعد انتهاء الحفل أتى شاب غير وسيم لكنه مقبول إلى فتاة في قمة الجمال داعيا إياها لتناول فنجان من القهوة والجلوس على نفس الطاولة معه، فنظرت إليه الفتاة غير راغبة في الموافقة على عرضه، ولكنها وافقت فليس عندها ما تخسره. وكان الشاب متحمسا جدا وغير قادر على الكلام بشكل طبيعي من فرط جمالها وحبه لها. ففكرت الفتاة في ترك هذا الأبله وحيدا والذهاب، وأثناء تحضرها لذلك نادى الشاب النادل و طلب منه “ملحا” ليضعه في قهوته! فنظرت الفتاة والحاضرون كلهم إليه بتعجب وقالوا له: أتضع في قهوتك ملحا؟! وظنوا فيه الجنون، فقال لهم: أتيت من مدينة تطل على البحر وكان بيت عائلتي قريبا من شاطئه، وقد اعتدنا منذ صغرنا طعم الملح يدخل في أفواهنا عند السباحة، ولهذا لم نعد نرى طعمه لاذعا كما ترونه.
ولذا فقد اعتدت مع أهلي شرب القهوة المالحة، وكلما أشربها الآن أتذكرهم فهم لا زالوا يشربونها مالحة، بالفعل اشتقت إليهم. وذرفت عيناه دموعا بسيطة. تأثرت الفتاة بحكايته وقالت في نفسها: شاب كهذا يهتم بعائلته ويحبهم ويفتقدهم لهو شاب صالح وزوج رائع جدير بأن أُكمل حياتي معه. وتقابلا بعد ذلك كثيرا ودامت المقابلات إلى أن جاء وقت الزواج وتزوجا وظلا يعيشان معا فترة طويلة في سعادة. وكانت طوال تلك المدة تعد له القهوة المالحة دوما ليشربها ويتذكر طفولته، إلى أن جاءت لحظة وفاة الرجل وبعد وفاته ترك لزوجته جوابا يخبره فيها: ” حبيبتي، سامحيني! لقد كذبت عليك، في حياتي كلها لم أكذب عليك إلا مرة واحدة!
أتذكرين يوم الحفل و القهوة المالحة؟ لقد كنت أكذب عليكي! لم أعتد شرب تلك القهوة أبدا في حياتي وكانت المرة الأولى التي أشربها فيها معك! لقد كنت متوترا جدا وقلقا عندما كنت أجلس معك وعندما طلبت النادل كنت أريد منه سكرا ولكن التوتر جعلني أقول ملحا بدلا من السكر، ولخوفي من أن ينظر الناس إلي بنوع من السخرية؛ اختلقت تلك الحكاية حتى لا يظنون فيّ الحماقة، وكنت أريد دوما أن أخبرك بالحقيقة ولكنني خفت أن تتركيني فغيرت رأيي، وتحملت شرب القهوة المالحة طيلة عمري بدون أي ندم على ما فعلته، لأنني أحبك، والآن أخبرك لأنني سأموت، فلا داعي للخوف، حبيبك!”
بللت زوجته الجواب بدموعها، وكانت تلك حكاية القهوة المالحة!
ما علاقة تلك القصة بالمجتمع التركي؟
توجد عادة طريفة لدى الكثير من العائلات التركية، ليست الجاهلة أو القروية فحسب بل حتى بعض العائلات المثقفة والطبقات المتمدينة، تقدم القهوة المالحة للعريس المتقدم لترى رد فعله على تلك القهوة، فإذا شربها فهذا دليل على أنه سيتحمل زوجته ويصبر عليها حتى وإن أخطأت. وإن لم يشربها كان هذا دليلا على عدم صلاحيته للزواج من الفتاة لأنه غير صابر ولن يتحمل أخطاء الزوجة لاحقا.
القصة معلومة للجميع هنا وحين ذهابك إلى الفتاة التي تحبها فأنت تعلم أنك ستتجه إلى شرب تلك القهوة ومن المؤسف أنه من عدة أشهر تعرض شاب للوفاة نتيجة شربه لهذه القهوة فرحم الله من كان قتيل حبه! وحمدا لله على عدم تواجد تلك العادة في مصرنا الحبيبة! رجاء من الفتيات القارئات للمقال، أرجوكن لا تقومن بتجربة هذا مع من يتقدمون إليكن، إحنا غلابة والله.
2- أكثر من 20 عرقا يعيشون في دولة واحدة سويا!
هل تعلم أن في تركيا يعيش أكثر من 20 عرقا سويا على نفس الأرض؟
بالرغم من الأغلبية الساحقة للتُرك بنسبة 74.5، طبقا للاحصائية الأخيرة المنشورة بجريدة راديكال، إلا أنه يتواجد أيضا الأكراد بنسبة 17.7 وتتوزع النسبة الباقية على: اللاز، العرب، التركمن، التتار، الشركس، الظاظا، الفارسيين، الأذريين، الأرناؤوط، العلويين، الجورجيين، البوشناك، الأرمنيين، الرومن، اليوروك، الأرد،ا ليهود، الأباظة، الكازاك، الروس، الصرب، الأوزبك، الأويجور، الكافكاس، البلغار، وبالطبع تتوزع تلك الأعراق بنسب قليلة باعتبارها أقليات.
ولكنني أتخيل إذا كانت تلك المجموعات تعيش في مصر، فكيف كان سيكون وضعنا يا ترى؟
3- الجمبري المحرم!
ولأن الأتراك يتبعون المذهب الحنفي، فطبقا لإحدى الفتاوى يُحرم بعض الأتراك أكل الجمبري والاستاكوزا وبلح البحر إلخ! فأي حيوان يعيش في البحر، عدا الأسماك، غير جائز أكله في مذهبهم، وهذا يراه الكثير من الأتراك لذا لا تُفاجأ إن لم تجد الكثير من الجمبري في غير المناطق السياحية بتركيا، ومع ذلك يراه البعض جائزا و يراه البعض مكروها، لكن بوجه عام فمن الصعب أن تجد الجمبري هنا يُباع كانتشاره في مصر وإن وجدته فستجده غاليا جدا جدا، كم أفتقد الجمبري!
وطبقا لاتباعهم المذهب الحنفي فهنالك الكثير من الأشياء المثيرة للاهتمام لاختلافها عما اعتدناه في مصر.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست