نحن اليمنيين نعيش في متاهة تغيير الواقع، ونعاني من حالة توهان لا تمكننا من استقراء الأحداث التي نمر بها، وعلى رأسها التردي الاقتصادي الذي تمر به بلدنا، وكل ما نملكه هي محاولة التكيف مع المرحلة الراهنه، ولم ندرك بأن التضخم الاقتصادي قد غير حياتنا، وما زاد الطين بلة إلا إفرازات القالب الديني، والإسلام السياسي الذي يتحكم بنا كوجه كذوب للأزمة الاقتصادية الخفية التي تعصف بنا.
الجميع بدون استثناء يسعون وراء مصالحهم التي هي تحسين حالتهم الاقتصادية، وجمع الثروات، وامتلاك الأموال والنفوذ سواءً قبل الحرب الأهية اليمنية، أو بعدها، وتبعات ذلك بأن اليمنيين فقدوا القدرة على التخطيط لحياة أبنائهم، بل لايعرفون إن كانوا سيبقون في منازلهم أم لا، فقسوة الاحوال الاقتصادية مزقت المجتمع اليمني إلى أشلاء، ولذلك يغرق المجتمع اليمني في غيبوبة الضياع، فيحين وسائل الاعلام تسوق الأوهام لهذا الشعب المكلوم. الإحساس الكاذب بالأمان بدأ ينقشع عن سماء اليمنيين، بعد انكشاف الدعاية السياسية، والتلاعب بالبيانات لكل الاطراف المشاركة في الأزمة اليمنية.
خدع اقتصادية خفية: مؤامرات، ودسائس افتعال الأزمات في اليمن تعد جريمة منظمة تدار بالموازاة، والتوأمة في كل مكان في اليمن، لتعد عنوانًا عريضًا للأزمة الاقتصادية الخفية، والحرب في اليمن.
لقد عجزت السلطات الشرعية اليمنية في وقف تدهور الاقتصاد اليمني، ومن الأهمية بمكان أن تكون هناك حلول لهذه الظاهرة لكي لا يستغل المغرضون، ومثيرو الفتن تراجع الوضع الاقتصادي، واندحار الطبقة الوسطى للتسبب بما لا يحمد عقباه سياسيًا.
الطبقة المتوسطة في اليمن والتحولات الاقتصادية
يعد عامنا هذا عام 2018 عامًا صعبًا، وفي انتظار اليمنيين ما هو الأسوأ، يعبر عن ذلك شريحة باتت تقترب منخط الققر، وهي التي تتأثر من القرارات الاقتصادية، وتمثل ما نسبته 54.3% من اليمنيين، وما يميزها في اليمن بأنها تعاني اليوم من تلاشي النمو في الدخل، وتنامي البطالة، خصوصًا بعد انقطاع الأجور والمرتبات. التضخم في اليمن نابع من زيادة أسعار المحروقات بناء احتكارها، وارتفاع أسعار المواصلات، والمواد الغذائية، وضعف القوة الشرائية، وبذلك فإن الضغوط الواقعة عليها، أي الطبقة المتوسطة لا شك ستؤدي إلى انزلاق الكثيرين منها نحو الفقر مع ذهاب المدخرات، وهذا الحاصل اليوم.
ما هي أسباب انحدار المعيشة في اليمن؟
أزمة سياسية طاحنة تمربها اليمن، والتي تجعل الموقف المالي الصعب الذي تواجهه الحكومة فيمفترق طرق، نظرًا لتوغل، وتغول شبكة فساد تتحكم بالخدمات، وتعرقل وصولها، فضلًا عن حمايتها من قبل قيادات سياسية، وكلها تصبح جريمة منظمة، ومثال ذلك دولة، والتي تحولت إلى اللا دولة، نظرًا لأنها تستعين بعصابات، ما يقود إلى أن الساسة، والمسوقون في اليمن يتربعون عرش لوبي التحالفات الزائفة من أجل تنظيم السوق، والتلاعب به بما يحقق مصالحهم. بالفعل لقد تدهورت قدرة البلاد على تعبئة الموارد المالية الضرورية في الأسواق المحلية، والخارجية على حد سواء، وفشلت في المحافظة على القدرة الشرائية، وسط تنامي الاقتصاديات غير الشرعية عصية السيطرة، وهي المنبع غير القانوني للعمليات الاقتصادية المشبوهة في اليمن.
وليس هناك من أسباب أدت إلى هذا الوضع الكارثي إلا سببان رئيسان وهما:
1-انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي: بفعل انخفاض صادرات اليمن النفطية، والغازية، والسمكية، والزراعية… إلخ، والتي كانت المورد الرئيس من العملة الصعبة.
2. المضاربة في السوق السوداء ( الموازية): حيث تباع العملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار في السوق الموازية بسعر أعلى بكثير من السعر الرسمي، حيث وصلت إلى أكثر من ثلاثة أضعاف.
أهم الإجراءات الضامنة اللازمة لسلامة الاقتصاد اليمني
لعلاج المشكلة لابد، وعلاج المسببات الرئيسة، عبر خفض الطلب على الدولار، وهنالك طريقتان: إما خفض الطلب الاعتيادي، أو خفض الطلب الإجرامي (المضاربة) وعن سبق الإصرار، والترصد، وبالتالي يتوجب شن حرب ضروس ضد السوق السوداء في اليمن، وتقليص الفجوة بين أسعار الصرف للدولة، والسوق السوداء، وتعزيز موارد الدولة من الدولار، وكذلك زيادة القوة الشرائية للطبقة الوسطى عبر رفع الأجور، والمرتبات، ودفعها لكل المناطق اليمنية. بل يتوجب اتخاذ إجراءات صارمة مرافقة لعملية التحفيز المالي، والتي على رأسها احتكار بيع الدولار من قبل السلطة الشرعية، أي البنك المركزي عبر قرارين جريئين:
الأول : وقف الواردات كمرحلة أولى تستمر مدة ثلاثة أشهر، ومن ثم خفضها بعد استئناف عمليات التوريد لاحقًا عبر قنوات البنك المركزي اليمني في عدن، بحيث لا تتعدى واردات المشتقات النفطية، والحبوب، والمواد الغذائية الأساسية.
الثاني: إغلاق كل حسابات البنوك، والصرافات العاملة في اليمن لشهر كامل، ومن ثم تضييق الخناق على الصرافات بعد إعادة تشغيلها كإجراء احترازي لاحقًا.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست