لقد أصبح دارجًا بين السياسيين تناقل الفهم الصحيح لصيغة الطريقة المعتمدة بين إسرائيل وإيران في حماية المصالح المشتركة في الشرق الأوسط وخاصة في العراق وسوريا.
ومن المفترض وبناءً على ما أوردته إدارة أوباما أن الاتفاق النووي بين إيران والدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا (دول 5 + 1) سيمنع الجمهورية الإيرانية من الحصول على سلاح نووي وسوف يحرص على أن يكون البرنامج النووي الإيراني سلميًا لا شية فيه.
لقد زعم كبار السياسيين والمتخصصين في الدفاع وشريحة واسعة من الشعب الإسرائيلي أنهم قلقون إزاء «التهديد الإيراني» للأمن القومي الإسرائيلي. وبينما تتفق النخب السياسية والدفاعية أن هذا التهديد هو أمر حقيقي، فإنها تختلف على طبيعة هذا التهديد وكيفية الاستجابة له. ويرى كبار الساسة أن الرد العسكري عن طريق مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية هو الحل الأنسب، ولكن لم يحدث شيء من هذا القبيل على مدى سنوات إطلاق تلك المزاعم. ومع ذلك، فإن القائمين على قانون تمديد العقوبات على إيران ومختلف كبار القادة العسكريين فضلوا الطريقة الدبلوماسية، أي استخدام السياسة الدولية حزمًا لمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية.
ضع في الاعتبار – سيدي القارئ – أنه على الرغم من المبالغة في بعض الأحيان، فإن التهديد الإيراني لإسرائيل هو أمر ملفق تمامًا. على مدى العقود القليلة الماضية، كثفت إيران تدخلها في لبنان، عن طريق تسليح الميليشيات الشيعية التابعة لـ«حزب الله» مع الآلاف من الصواريخ وغيرها من الأسلحة لاستخدامها «ضد» إسرائيل. وعلى العكس من ذلك، عرضت إيران دعمًا مماثلًا لبشار الأسد لتلعب دورًا عسكريًا في الحرب الأهلية التي عصفت هناك منذ عام 2011. لقد هددت القيادة الإيرانية إسرائيل تهديدًا مباشرًا مشيرة إلى أنها سوف «تمحوها عن الخريطة»، ووضعت إيران نفسها بصورة العدو الرئيسي لإسرائيل في المنطقة لجذب انتباه وعواطف الدول الإسلامية الأخرى.
وبدلًا من الذهاب نحو إسرائيل «لتحرير القدس» توجهت القوى الشيعية المعبأة من قبل إيران في لبنان إلى المناطق السورية لارتكاب المجازر وخاصة ضد السنة المناهضة لنظام بشار الأسد وهي تصب في مصلحة إسرائيل بشكل واضح دون أن تحمل قواتها سكينًا.
وفي جميع الحالات تبقى مزاعم التهديد الإيراني نحو إسرائيل باطلة وليس لها وجود ولا مبرر. فبعد ما يقارب سبعين عامًا من إنشاء إسرائيل، وجود إسرائيل لم يعد في خطر وأصبح أمنًا قوميًا لبعض الدول العظمى في العالم، وشهد المجتمع الدولي بأكمله أن سوريا هي التي تم «محوها عن الخريطة» وليست إسرائيل.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن إيران تربطها علاقة وثيقة مع المجتمعات الشيعية في لبنان والعراق بل وفي أماكن أخرى في الشرق الأوسط، مع دعمها المستمر لميليشيات وجماعات إرهابية على النحو المذكور، ولم تكن هناك أوامر لتنفيذ عملية عسكرية منذ إعلان العداء الإيراني على إسرائيل. ومؤخرًا، فإن خطوات طهران الأمنية في المنطقة بما في ذلك الملف النووي كانت تبدو دفاعية ولا تعني لإسرائيل أي شيء، بينما كانت هجومية بشراسة تجاه دول معينة في الشرق الأوسط خاصة دول الخليج العربي، وشعارات «الموت لإسرائيل» لا تفعل شيئًا سوى إيقاد غضب الشارع الإيراني، ولا تمس تل أبيب بمقدار شعرة.
في عام 2002، وصفت الولايات المتحدة كلًّا من العراق وإيران وكوريا الشمالية بـ«محور الشر»، وفي عام 2003 أعقاب الغزو الأمريكي للعراق الذي أطاح بسيادة الدولة، لم يكن من المستغرب على الإطلاق أن حاولت إيران وكوريا الشمالية تدعيم نظامهما الأمنيين، بما في ذلك الأنشطة النووية وتطوير الأسلحة الجديدة وعرض القوى العسكرية في العلن وإنشاء أنواع مختلفة من الميليشيات.
من بين الأمور الأخرى، يمكن لإسرائيل أن تتبنى نهجًا أكثر واقعية تجاه إيران. ومن شأن هذا النهج أن يعترف بمصالح إيران في الشرق الأوسط والذي يحمي المصالح الإسرائيلية في المنطقة. إن كلًا من إسرائيل وإيران لديها مكاسب متبادلة من ضعف وتفكك الدول العربية مثل العراق وسوريا، بداية من ظهور الجهات الإرهابية الفاعلة وصولًا إلى التدخل العسكري الكامل من قبل القوى الخارجية في المنطقة، وكان آخرها روسيا.
بعد عقود من الخوف المزعوم المتبادل والعداوة والشعارات الزائفة بين إسرائيل وإيران، ربما يكون الوقت قد حان للتعايش والتوافق بين البلدين بعيدًا عن الكواليس الخفية.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست
علامات
إيران