يروى في الاثر أن رجلًا يدعى ذو الخويصرة جاء إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام عند اقتسام غنائم معركة حنين وقال له اعدل يا محمد فإنك لم تعدل ثم انصرف فأراد سيدنا عمر بن الخطاب ضرب عنقه فقال له رسول الله أن لا يفعل لكي لا يقول الناس إن محمدًا يقتل أصحابه ثم حدث الرسول حديث الخوارج فقال يخرج من شكل هذا الرجل أناس تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وتحقرون قراءتكم للقرآن إلى قراءتهم ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وأنه لو أدركهم في زمانه لقتلهم قتل عاد، أي أنه لن يبقي منهم أحدًا.
هذه الحادثة تعتبر بدية ظهور الخوارج في الإسلام وبعد وفاة الرسول الكريم ظهروا بشكل أكبر وقاموا بقتل خليفة المسلمين عثمان بن عفان بحجج واهية كان أبرزها حرق القرآن على الرغم من فضل سيدنا عثمان بجمعه على شكله الحالي وبعدها خرجوا على علي بن ابي طالب وقاموا بتكفيره لإنه تصالح مع معاوية بن أبي سفيان بعد اقتتالهم في معركة صفين بحجة ان علي حكم الرجال ولم يحكم شرع الله لكن ما كان مشتركًا بين كل هؤلاء النماذج هو تكفيرهم للمسلمين بالمعاصي وأنهم يعجبون باقي المسلمين في عباداتهم وخشوعهم في الصلاة والتسابق في العمل لكن دينهم لا يستقر في القلب فالعارف بتعاليم الإسلام يعلم ذلك لكن من لا يفقه في الدين يعتبر هؤلاء الجماعة يطبقون الإسلام على أكمل وجه وهذا ما ساهم في الوقت الحالي في تغيير نظرة الكثير من الناس عن المسلمين وحتى من كان يرغب باعتناق الإسلام تراجع بسبب وحشية ما يفعله خوارج العصر الحديث (داعش).
هذه الوحشية في تنظيم (داعش) لم تكن نتيجة الظلم والقهر الذي يتعرض له بعض فئات المسلمين فحسب بل هو أصل عظيم من أصولهم فما حصل في عهد سيدنا علي من حادثة عبد الله بن خباب يفسر هذه الدموية الكبيرة في قلوب هذه الفئة حيث يروى أن عبد الله وهو ابن صاحب الرسول عليه الصلاة والسلام كان هو وزوجته الحبلى في الطريق وقابلوا مجموعة من الخوارج فسألوه عن هويته فعرفهم بنفسه أنه ابن صاحب الرسول سألوه عن علي بن أبي طالب فرفض تكفيره فقاموا بقتله وقتل زوجته وتمزيق بطنها وإخراج الجنين.
وفي عصرنا هذا قاتل الخوارج جميع فئات المسلمين (صوفية – سلفية – سلفية جهادئة – المرجئة – المداخلة …) وقاموا بتكفيرهم حيث إن منهجهم يقوم بتكفير كل من يخالفهم حتى ولو كان ينطق الشهادين ويصلي ويصوم وقد يتذكر العالم عمليات إرهابية قام بها تنظيم الدولة في فرنسا وبريطانيا وبلجيكا راح ضحيتها عشرات القتلى المدنيين ويضعون الإسلام مسببًا لهذه العمليات لكنهم في نفس الوقت يتناسون أن هذا التنظيم قتل عشرات الآلاف من المسلمين في مناطق سيطرته وأعدم مئات ممن تصنفهم الدول الغربية على إنهم إرهابيين ففي الوقت الحالي يكفر تنظيم داعش تنظيم القاعدة وكل من يحمل السلاح ضد الجيوش الغربية أو العربية ما لم يعلن البيعة لأمير التنظيم، بل ليس هذا فقط وصل الأمر بهم أثناء سيطرتهم على الشمال السوري والموصل أنهم كفروا كل من لا يعيش تحت ظلهم وهذا أمر لا يمكن أن يتحمله عقل بشر فليس من المعقول أن تكفر ما يتجاوز المليار ونصف مسلم حول العالم، بل وتستبيح دمائهم بحجة عدم عيشهم في مناطق لا تحكم بشرع الله.
يقول الحسن البصري في تفسير أفعال الخوارج أنهم طلاب دنيا وليس جنة كما يزعمون فإنهم لو أرادوا الصلاة والصيام والزكاة والحج وهي الأمور التي تنفع المسلم في الآخرة فلن يمنعهم منها أحد لكنهم طلاب مناصب ومكاسب دنيوية. واختلف المسلمين عبر مر العصور على تصنيف هذه الفئة فالبعض مثل علي بن أبي طالب اعتبرهم فرقة من فرق المسلمين، لكنها ضالة وفاسقة وذهب جمهور من العلماء مع هذا الرأي ورأى بعض أهل العلم وجوب تكفيرهم لقتلهم المسلمين ولحديث الرسول عليه الصلاة والسلام عنهم حين قال يمرقون من الدين (الإسلام) كما يمرق السهم من الرمية وفي ذلك أن الإسلام ليس في قلوبهم بل كلام يتداول على ألسنتهم.
وفي كلتا الحالتين إن كفروا وأو لم يكفروا فالإسلام يوجب قتال هذه الجماعة بحسب حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي قال فيه ( والله لإن وجدتهم لأقتلنهم قتل عاد) وهذا دليل شرعي واجب على كل مسلم العمل به فنتيجة خطرهم وقتلهم المسلمين والصد عن الإسلام باسم الإسلام وكان الرسول يوجب قتالهم وقتلهم حتى آخر شخص فيهم مع أنه عليه الصلاة والسلام على الرغم من إيذاء كفار قريش له وسبه وقتل صحابته عندما تمكن منهم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء بينما قال عن الخوارج لأقتلنهم قتل عاد.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست