لا شّك أن السوريين ينتظرون بحّرقة وألم مؤتمر الأستانة المرتقب، وما يمكن أن يحققه من آمال طال انتظارها! سأحاول الابتعاد عن التشّاؤم والنظرة السوداوية، لكن الثّابت أن مؤتمر الأستانة سيولد ميتًا، ولن يرضي ـ في أي حال من اﻷحوال ـ تطلعات السوريين. والشواهد على ذلك كثيرة.

عام 2012 كانت تصريّحات المسؤولين الروس تقول بأنهم لن يسمحوا بحكم سني في سوريا، على الرغم من أن الطائفة السّنية تشكل أكثر من ثلثي الشعب السوري، في تلك الفترة لم تكن «داعش» قد أبصرت النور، وحجة مكافحة اﻹرهاب كانت واهية جدًا لانعدامه، كان خط الثورة واضح المعالم، يتمثل في جملة أهداف ومطالب محقة، كالعدالة الاجتماعية، والحرية، والمساواة، وتعدد الأحزاب، والقوى السياسية، والابتعاد عن الفكر الشمولي.

بعد تدخل روسيا بأشهر فرضت هدنة روسية- أمريكية في سوريا وبدأ الالتزام بوقف إطلاق النار، كما أوهمت روسيا السوريين والعالم في تلك الفترة أنها بدأت بسحب جزء من طائراتها، كما تفعل روسيا اليوم.

استطاعت روسيا في تلك الفترة التفرد بالقرار ومحاصرة بعض المناطق وإجبارها على التسليم، داريا، المعضمية، خان الشيح. إفراغ المناطق المذكورة من سكانها هدف مشترك روسي إيراني. إيران تسعى لتغيير ديمغرافية سوريا، وروسيا لن تسمح بوصول السنة للحكم بحسب تصريحات مسؤوليها.

السؤال ماذا يمكن للأستانة أن يقدم للسوريين؟

مؤتمر الأستانة لن يأخذ بقرارات جينيف، وستعتبره روسيا نقطة بداية لمفاوضات جديدة، يفرض فيها الروس شروطهم، ولا أستبعد أن يكون بقاء اﻷسد في السلطة من المسلمات، ولا يجوز التطاول على رئيس الجمهورية في مؤتمر يرعاه حلفاؤه الروس واﻹيرانيون،

هي كلمة للتاريخ، لا يمكن لمن دمّر حلب، ويقصف وادي بردى، قبيل المسّاعي لحل سياسي، وضمن الهدنة المزعومة، أن ينصف الشعب السوري، وبالتالي فلن يكون اﻷستانة أكثر من مؤتمر مصالحةٍ وطنيةٍ تنقله وسائل إعلام النظام والروس، بأن مجموعة من المسلحين سلموا أنفسهم للجهات المختصة في الأستانة، وتمت تسوية أوضاعهم جميعًا.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد