منذ أن بدأ عقلنا بالعمل، وبدأت الحواس تدرك ما يحيط بها من أب وأم وعائلة وأصدقاء، بدأنا نتلقن الإيمان بالله كمجرد لفظ يجب أن نحفظه ونعرفه، وبدأنا نتملى مفاهيم عن الله الخالق، الواهب، الرازق، المعطي، الرحمن، الرحيم، الجواد، وكل شيء فيه قوة وعظمة بدون أن نفكر ماذا تعني هذه المفاهيم أو الكلمات!
وإذا تم السؤال، هل أنت مؤمن؟
– بالطبع وكلي ثقة أنا مؤمن.
“الإيمان الموروث هو إيمان مستعار” للكاتب إبراهيم الكوني.
– هل حاولت أن تعرف ربنا؟
عند المحاولة في معرفة من هو الله تجد الناس صنفين:
الصنف الأول: إذا احس بشيء من التوتر والقلق في فهم شيء يتعلق بالذات الإلهية يخاف ويرجع مسرعًا إلى مفاهيمه التي ورثها من أبويه أو عائلته أو أصدقائه، يختار الجهل عن عدم المعرفة.
الصنف الثاني: يسير في رحلة ممتعة للغاية، حيث يظن الصنف الأول من الناس أن الإيمان هي المرحلة الأخيرة او المحطة الأخيرة بتعبير دقيق، لديه مشكلة هي الاستمرار في الخوف على إيمانه كأن الذي لديه إيمان معلول يحتاج إلى حماية!
الصنف الثانى على العكس تمامًا لا يحتاج إلى حماية إيمانه لأن الإيمان في الأساس عنده اقتناع.
البحث الدائم عن الله في كل الأشياء المحيطة بنا والتفكير الدائم به يعطينا قلبًا نابضًا دائما بالحياة، يحرك مياه الإيمان الراكدة في القلب، فبالبحث عن صفات الله في الأشياء من حولنا تعطينا إيمانا يسعى دائما إلى الكمال وقناعة ثابته لا تتغير عن الله وصفاته.
يقول أحد الصوفية في أحد رسائله التي يؤمن أن الله أرسلها لقلبه فيقول الله لعبده:
“ما أنا معيون للعيون وما أنا معلوم للعلوم وأنا معروف للمعارف، أنا العزيز الذي لا ينال، لا يُهجم عليَّ بذكري، ولا يُطلع عليَّ بتسميتي، كل نطق ظهر فأنا خلقته وخلقت حروفه وألَفته، انظر إليه، لا يعدو أن يكون لغة المعيون والمعلوم والمعروف، وما أنا من هؤلاء ولا صفتي مثلهم. أنا الذي ليس كمثله شيء.
أنا الله لا يُدخل إلى بالأجسام، ولا تحيط بي الحروف، ولا تستوعبني الكلمات.
يا عبد ما كل ظاهر يُرى، أنا الملك الظاهر بالكرم المحتجب بالعزة.
يا عبد أنا الظاهر ولا تراني العيون وأنا الباطن ولا تطيف بي الظنون.
يا عبد أنا الدائم ولا تُخبر عني الآباد وأنا الواحد ولا تشبهني الأعداد.
كل شيء يطلبه ما منه (الجسد يطلبه التراب) وأنا الفرد المنفرد المتفرد.
لا أنا من شيء فيطلبني ولا أنا بشيء فيتخصص بي (أنا مطلق ولست متعينًا)”.
إنها لذة، نعم لذة، لذة فهم الذات الإلهية التي تبدأ بمحطة الإيمان، فهم الذات الإلهية لا يستوعبه عقل أو عقول ولا يقدر على وصفه الكلمات، هو المنفرد في عزته وكبريائه ووصفه، في كل شيء.
فلذلك لمَ نجعلها المحطة الأخيرة رغم أنها بداية لرحلة من المتعة الإيمانية والروحانية الرائعة؟!
سؤال يجب على كثير مِنا البحث عن جواب له.
رب أسألك أن تغفر لي إن زلت كلماتي وأخطأت، ربِ لا تجعلنا من الذين يجادلون فيك بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست