ألقى د. عدنان إبراهيم خطبة بتاريخ 23 مارس (آذار) 2018، تحت عنوان جحيم هوكينج، حاول فيها جعل الباطل حقـًّا والحق باطلًا كما عودنا في سنوات الأخيرة، كانت هذه الخطبة عبارة عن لا أمانة مع الله، ومع الرسول، ومع الحقيقة، ومع أبي حامد الغزالي، وليكمل السلسلة الطويلة من تناقضاته الكثيرة ضمنها حوارًا افتراضيًّا بين الله وستيفن هوكينج الله يستمع وهوكينج يلقي الأعذار.
الجدير بالذكر أن مضمون هذه الخطبة يتناقض تناقضًا صارخًا مع خطبة أخرى لدكتور عدنان إبراهيم تحت عنوان هوكينج من الإيمان إلى الإلحاد، على يوتيوب، ألقيت بمناسبة إعلان هوكينج إلحاده، وليس غريبًا أن يتناقض د. عدنان مع نفسه؛ فقد عودنا على ذلك، حتى إن أحد الكتاب الظرفاء أطلق عليه لقب إمام التناقضات، وهو حقًّا كذلك.
ما يهمنا هو هذه الأعذار التي قدمها د. عدنان إبراهيم، وما هو نصيبها من المنطق، إن كانت أصلًا أخذته في الحسبان أو جعلته مرجعًا لها، وما قول شريعتنا الحنيفة في مثل هكذا كلام.
أتى د. عدنان إبراهيم باقتباس لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي من كتابه فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة لكي يبرر تصريحه بأن هناك احتمالًا لدخول هوكينج الملحد الجنة، والكلام الذي قاله أبو حامد الغزالي لا ينطبق على ستيفن هوكينج بالمرة.
أول دليل على أن كلام حجة الإسلام لا ينطبق على ستيفن هوكينج، هو أن أبا حامد كفر الفلاسفة بقولهم بقدم العالم في كتابه تهافت الفلاسفة، رغم أن قضية حدوث العالم من عدمه لم تكون محسومة كما هي الآن في زمان هوكينج، ورغم أنهم يملكون أدلة قوية ومحترمة إلى حد بعيد على استحالة حدوث الكون، وهذا غير موجود لدى هوكينج؛ بل قد ثبت حدوثه وأقيمت عليه الحجة تامة كاملة.
الغزالي قال بكفر الفلاسفة، رغم إنهم يقولون إن الكون مصنوع لله، ويؤمنون بالله وبملائكته وكتبه والقدر خيره وشره، واليوم الآخر، وبالبعث وبالصراط وبالحساب، وبنبوة محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام- فما بالك بقوله فيمن يعتقد اعتقادًا وثنيًّا سفسطائيًّا، وهو أن الكون خلقته قوانين الفيزياء التي لم يكن لها وجود قبل الكون، بل وجدت بوجوده، وما بالك فيمن يعتقد أن الله غير موجود والصراط كذلك، ويكفر بنبوة محمد والقرآن وبكل ما أخبر به النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام-.
والدليل الثاني على ستيفن هوكينج غير داخل في كلام أبي حامد الغزالي، هو أن الغزالي يرى أن الكون يخبرنا عن الله وعن بعض صفاته، كما أخبرنا د. عدنان إبراهيم نفسه في مكان ما على اليوتيوب، والغزالي خاصة، والأشاعرة عمومًا، جعلوا من حدوث الكون دليلًا قاطعًا على وجود الله، واليوم الكل يسلم بحدوث الكون وخروجه من الليس إلى الأيس كما عبر الفيلسوف الإسلامي الكندي؛ فالقول بأن حجة الإسلام قد لا يرى أن هوكينج داخلًا قطعًا إلى نار جهنم، لا أمانة واضحة مع أفكار أبي حامد.
قال عدنان إبراهيم لعل الله -يمكن أن الله يوم دينونة- يسأل ستيفن أنت كفرت بالله، الإله الذي كفرت به ما هو؟ يرد هوكينج: يا ربي الذي علمته وأنا صغير أن الإله أقنوم في ثالوث، وهذا الأقنوم الذي اسمه يسوع ارتكبت باسمه مذابح مروعة عبر التاريخ ومجازر وحروب صليبية، وقتل الناس، وتنصير شعوب وثنية، ذبح الناس في العالم الجديد باسم يسوع، وقالوا هذا الرب لم يعجبني هذا الشيء، وكفرت بهذا الإله، سيقول له الله: ربما لست أنا هذا الإله الذي كفرت به، وحق أنك كفرت به.
ونحن نقول لعل الله يقول له هل حقًا لم تعرف الفرق بين تعاليم عيسى التي تقول:
(متى 5: 44): «وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ».
وهو الذي سأله أحد أتباعه: «كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟«
فقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ».
هل حقًّا لم تعرف الفرق بين هذه التعاليم، وبين تعاليم الكنيسة التي تحرق الأحياء، وتطارد المهرطقين بدون رحمة، ولعل الله يقول له كفرت بالمسيحية بسبب الجرائم لكنك اعتنقت الإلحاد، وأتباعه ارتكبوا جرائم أسوأ من جرائم الكنيسة بمراحل، الحرب العالمية الأولى والثانية مثال على ذلك، أليس من قام بها هتلر الملحد وموسيليني الملحد؟ أليس هناك جرائم من النوع نفسه قام بها لينين الملحد في روسيا؟ ألم تحرق الأحياء وتغرق الأطفال وتقصل رؤوس الأبرياء في الثورة الفرنسية؟ ألم تكن تعلم أن قادة الثورة الفرنسية كانوا ملاحدة؟
ولعل الله يقول له ألم أقل لأبناء آدم في العالم «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ فقالوا بَلَى شَهِدْنَا» ألم أجعل العالم وما فيه آيات على وجودي أليس العالم وما فيه من إبداع محكم دليلًا على قدرتي؟
يقول عدنان إبراهيم أن هوكينج سيقول يا رب أنا آمنت بالإنسانية، آمنت بوحدة الجنس البشري، أنا إنجليزي، قومي وحكومة بلدي السابقة هي من أقامت دولة العدوان، وسرقت أرض شعب، وحقوق شعب، لكن حين عرفت مظلومية هذا الشعب نصرتهم في أكثر من واقعة وأكثر من مرة.
ونحن نقول لعل أبا حامد الغزالي يقول له: ها أنت قد أصبحت إلهًا تخلق قيامة غير التي خلقها الله، وهذه القيامة الجديدة تنسخ القيامة التي قررها رب العزة، وأنا سائلك سؤالًا لو أنا قاضٍ قدم له رجلًا بتهمة قتل أو أي تهمة أخرى، وقال الكلام نفسه الذي قلته أنت هاهنا، وحكم هذا القاضي ببراءة المتهم ألن يكون قد خدع هذا القاضي، ولو فرضنا هذا القاضي قد قام بتغيير القانون الذي وضعه، ألن يكون هذا التغيير صفة نقص لأن القانون الأول يدخل النار غير أهلها؛ لأنه بتغييره القانون اعترف أن هناك ما هو أفضل، وفي تبرئتك اعتراف بأنك غير مستحق العقوبة.
وهكذا تكون أثبت أن في رب العزة نقص، والناقص لا يكون إلهًا، أو لعل حجة الإسلام أبا حامد الغزالي يقول لو دخلت أنت الجنة، حتى المشركين، عليهم أن يدخلوا أيضًا لأنهم أشركوا مع الله آلهة أخرى، فقط أنت نفيته بالمرة، ولعل حجة الإسلام أبا حامد الغزالي يقول يوم القيامة لله كما قال د. عدنان إبراهيم عن إلحاد هوكينج في خطبة عبقرية، الإلحاد شيء من لا شيء، بالنسبة لهوكينج لديه مشكلة نفسية مع الله، وأنا أرثي له في بداية الوثائقي «وثائقي التصميم العظيم» أثبت أن عنده مشكلة نفسية وصرح بهذا في البداية والنهاية؛ لأنه رفض أن يسلم بأن هناك إلهًا رحيمًا ومحبًا، وكذا خلقه معاقًا إذن فالأسهل لا يوجد إله.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست