نجحت الثورة الشعبية في السودان الشقيق مثلما نجحت ثورة 30 يونيو (حزيران) في مصر. ولكن هل يتكرر سيناريو ما حدث في مصر في السودان. فمن الواضح أن سيناريوهات ما بعد الثورة يتكرر حرفيًا مثل ما حدث في مصر. فها هو البشير يتم التحفظ عليه في مكان آمن مثلما تم التحفظ على د. مرسي في مكان لا يعلمه أحد أثناء ثورة 30 يونيو. وتم اتخاذ إجراءات مشابهة لما تم اتخاذه في مصر كتعطيل الدستور على سبيل المثال.
ولكن السؤال هنا هل تنجح السودان في تخطي عقبات ما بعد الثورة أم تتعثر بعدها؟ فالمقارنة بين البلدين لا تتشابه فيها الظروف. فدولة بحجم مصر لها جيش قوى استطاع أن يعبر بها من الأزمة رغم الصعوبات التى واجهته، وبرغم طول المدة التى استطاع فيها الجيش المصري أن يجتاز التحديات إلا أن هناك بعض العراقيل لا زالت موجودة كاستمرار العمليات الإرهابية حتى الأن على الأراضي المصرية والتي لم تقتصر على سيناء فقط، بل تمتد إلى مناطق أخرى من الجمهورية المصرية.
أما في السودان فهناك القبائل والعشائر مثلما يتواجد في ليبيا وهو ما ساعد على تأجج الصراع بها إلى الآن دون حل. فإلى أى الجانبين سوف يسير السودان، مثلما حدث في مصر أم مثلما يحدث في دولة ليبيا. على الأرجح أقول إن الأمور في السودان سوف تسير مثلما سارت الأمور في ليبيا وليس مصر.
فالصراع سوف يشتعل وتحدث الأزمات المتتالية وربما تحدث مجاعات في السودان نتيجة للحروب التى قد تنشأ هناك نتيجة للصراع على السلطة بين القوى المختلفة داخليًا في السودان ونتيجة للصراعات الدولية التى قد تحدث أيضًا نتيجة لتدخل بعض الدول في الشأن الداخلي السودانى مثلما يحدث في ليبيا تمامًا حيث تحولت ليبيا إلى ساحة للصراعات الدولية في شأنها الداخلي.
هذا بالإضافة إلى أن القوى الإخوانية، سواء داخل السودان أو على مستوى التنظيم الدولي لها، لن يهدأ لها بال إلا إذا اقتسمت و أخذت نصيبها في التورتة الخاصة بالسودان، وقد يلعب الإخوان دورًا هامًا في تأجيج الصراع في السودان من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب للجماعة. كما أن أمريكا ستراقب الوضع في السودان عن كثب وذلك لضمان أمن جنوب السودان تلك الدولة الوليدة حديثًا والتي انفصلت عن السودان منذ سنوات برعاية أمريكية حفاظًا على النفط الجنوب سوداني.
فمن المؤكد أن أمريكا لن تترك السودان يسير بشكل يهدد أمن وسلامة جنوب السودان أو يُحدث صراعًا بين الشمال والجنوب مما سيستتبعه من تهديد للنفط في جنوب السودان. هذا بالإضافة إلى دولة أخرى مثل إثيوبيا لن تسمح بسودان قوى قد يهدد أمنها وسلامتها في حال نشوب صراع على المياه في وادي النيل.
إذًا فهناك أكثر من دولة من مصلحتها ألا يسير السودان أو شمال السودان في طريقة نحو تحقيق ذاته وآمالة في أن يكون دولة قوية كما يريد الشعب السوداني. فالآمال التي يَحلُم بها الشعب السوداني قد لا تتحقق وقد تتحول إلى كابوس ويندمون فيه على أيام حكم البشير. مثلما نجد الآن من يترحمون على أيام المخلوع مبارك وأيام الأخ القائد معمر القذافي.
لكن ما أستطيع أن أقوله للشعب السوداني الشقيق: إن الحرية لها ثمن، ولا توجد حرية بلا ثمن. وطالما حَلُم الشعب السوداني بالحرية، فعليه أن يدفع ثمنها مثلما دفع المصريون ثمنًا للحرية من دمائهم وأرواحهم في ثورة 25 يناير المجيدة. كما يجب عليهم ألا ييأسوا من تحقيق حلمهم في العيش بحرية وبحياة كريمة تَصون أرواحهم وحياتهم.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست