سؤال يدور في ذهن كثير من الاقتصاديين اليوم، بل حتى في أذهان كثيرٍ من الناس، لا سيّما بعدما ظهرت البنوك الإسلامية وشركات التأمين التكافلية وعديد من المؤسسات التي أسلمت عملياتها المالية، مما دفع كثيرين إلى التساؤل ما الاقتصاد الإسلامي وإلى أين يتجه؟ وما مصيره؟
لا يخفى على ذي لب وبصيرة أن يدرك قوة الأنظمة الاقتصادية الغربية وسيادتها وعلى رأسها النظام الرأسمالي، فقد آمن به كثير من الاقتصاديين، حتى المسلمين منهم وقدسوه ومجدوه لمّا شاهدوا ما عِند هذا النظام من تطور صناعي وتكنولوجي وحضاري حتى، ولًمَسوا الاستقرار والأمان فيه، وقد انتشر هذا النظام حتى عُمل به في البلاد الإسلامية منها والعربية.
وبناءً على ما سبق فقد نظر الأغلب إلى أن المستقبل لهذا النظام، والسيادة ستكون له بلا منازع لِما حققه من تطور في ضُروب الحياة والإنسان، وقد أصبح هذا أمرًا واقعًا على المسلمين اليوم، فإما أن يقبلوا بهذا النظام على ما هو عليه أو يلجؤوا لنظام بديل أوجده لنا ربُ العزة منذ قرون مضت يضمن لنا حياةً كريمة وعدالة اجتماعية.
والقارئُ لعجلة الاقتصاد في الغرب وما تتعرض له من أزماتٍ كانت آخرها أزمة العقارات في أمريكا عام 2007 والتي ما زالت تعاني من آثارها لهذا اليوم، ومن قبلها أزمة العرض والطلب عام 1927 في أمريكا، وغيرها كثير من الأزمات التي واجهت الدول التي تطبق النظام الرأسمالي، وخير مثال عليها أزمة كوريا وأزمة الأرجنتين… إلخ، فلا يخفى عليه أن الخلل قابعٌ في أصل هذا النظام وحتى إن المطبقينَ له خالفوا أُسس نظامهم ليحلوا مشاكلهم الاقتصادية، فأمريكا لجأت لدعم الشركات والبنوك ماليًا لتحل أزمتها عام 2007 وهذا يتناقض مع أسس ومبادئ النظام الرأسمالي وهو الحرية الاقتصادية وعدم تدخل الدولة بالاقتصاد.
فهذا النظام إلى زوالٍ بلا شك وسينهار عاجلاً أم آجلاً، وهذا قول كثير من المتنبئين وعلماء الاقتصاد حول العالم وذلك لما يحويه من تناقضات وأزمات لأنه صنع البشر.
والاقتصاد الإسلامي ما هو إلا تطبيق لقواعد خالق الكون، فأنّى له بخطأ أو زلل، أو نقص أو انحراف، حاشا لله.
فقد نقل علماء الاقتصاد الإسلامي اليوم فقه المعاملات المسطور إلى حيز التطبيق المنظور، ويشمل هذا التطبيق ما نراه اليوم من بنوك إسلامية في كثير من البلاد الإسلامية والعربية وحتى البنوك الغربية بدأت تدرك نمو هذا النظام وتطوره فلجأت إلى فتح نوافذ للتعامل الإسلامي في بنوكها.
ما نحتاجه الآن هو أن نقنع العالم نحن كمسلمين بهذا النظام الرباني الخالي من الخلل والزلل والمضاد لكل أزمة مالية متوقعة والشامل للعدالة والنزاهة، وأنه يتماشى مع جميع دول العالم في كل زمان ومكان وتحت أي حكم، وأنه قادر على استيعاب كل الأنظمة المصرفية والقوانين المالية في العالم وتحت كل الأيديولوجيات.
ولتحقيق هذا في رأيي لا بد أولاً من سيادة المسلمين أنفسهم وأن يكون لهم كلمتهم وشأنهم في العالم ليسود اقتصادهم، فقد عُرِف النظام الرأسمالي بعدما عُرِفت أمريكا، ولمعرفة الاقتصاد الإسلامي وَجب أن يسود المسلمون أولاً، وهذا وعد الله والله لا يخلف وعده.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست