نشاهد اليوم مقاطع مصورة لمشاهد من حول العالم، وقد عمَّ الهدوء، بعد تفشي «طاعون» من نوع مختلف، في سوق محلي في مدينة صينية في وسط «الأرض الأم»، وليست الولايات المتحدة، ولا الاتحاد الأوروبي الكبير، ولا بريطانيا بمعزل عن هذا الوباء. ولاحظنا وجوده نحن العرب هنا في منطقتنا وبشكل واضح؛ فالعيد ليس كالعام الفائت، ولا احتفالات الفصح وصلوات الكنائس، ولا «لمّات» رمضان. ومن بين أبرز الدول في المنطقة العربية التي كسبت ظهورًا واسعًا على شاشات الإعلام الأجنبية والعربية هي المملكة الأردنية الهاشمية. يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على أبرز القرارات الأردنية في ظل مواجهة كورونا والسياق الزماني والمكاني لتنفيذها. تعافي المصاب الأردني الأول و«الأردن خالٍ من كورونا»
متى تستأنف الآلة الاقتصادية عملها؟
أما بالنسبة للأردن، فيعتمد بنسبة 13% تقريبًا من اقتصاده المحلي على السياحة.5 لا شك أن اقتصادًا صغيرًا ناشئًا كاقتصاد الأردن سيعاني أضعاف ما عانته بالفعل اقتصادات دول كبيرة بمخزون مالي كبير يربط بعضها ببعض علاقات تجارية ضخمة.6 ومع اعتماد بلاد مثل الأردن بنسب كبيرة على المنح والمساعدات الخارجية، فإن وقع الأزمة كبير. مع توقعات محللين وخبراء اقتصاديين أردنيين بدوام تباطؤ معدلات النمو في الاقتصاد بين 8%- 10% في مرحلة ما بعد الأزمة، أي عودة الحياة الاقتصادية جزئيًّا للعمل. 7
«التأقلم»
ألمحت الحكومة الأردنية في الأول من يونيو (حزيران) إلى إجراء دراسة شاملة لخطوات ومراحل منظمة من قبل الحكومة، تعيد فيها الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها تدريجيًّا، مكوَّنة من خمس مراحل. وأعلنت قبل ذلك إعادة إقامة صلوات الجمعة في مساجد المملكة بداية من 5 يونيو وإعادة تنظيم الصلوات في الكنائس بدءًا من الأحد، السابع من الشهر نفسه. ولعل ذلك يدل على بداية مرحلة «التأقلم» مع المرض في الأردن أيضًا، وقد أعلنت دول عربية وإسلامية إجراءات مشابهة سابقًا. وقد قدمت الحكومة الأردنية بأمر رئيس الوزراء عمر الرزاز بلاغًا رسميًّا يسمح لأرباب العمل بإنهاء خدمات العاملين بالقطاع الخاص، وتخفيض أجورهم بنسب تتراوح من 30%-60% مع تزايد الضغوط المالية على أصحاب العمل: (النص من موقع رئاسة الوزراء الأردنية الإلكتروني).
يؤكد البلاغ توفير الحماية الممكنة في مثل هذه الظروف للعمالة الأردنية على وجه الخصوص، في حين ستكون مرجعية حماية العمالة الأخرى هي قانون العمل، وليس أمر الدفاع أو البلاغات الصادرة بموجبه. وتضمَّن بلاغ رئيس الوزراء ما يجيز لصاحب العمل – في القطاعات الأكثر تضررًا – الاتفاق مع العامل الذي يؤدي عمله في مكان العمل أو عن بُعد بشكل كلي، على تخفيض أجره الشهري بنسبة قد تصل حتى 30% عن كل من شهري مايو ويونيو من عام 2020، وبدون إجبار أو ضغط من قبل صاحب العمل تحت طائلة المسؤولية والعقوبات الواردة بأمر الدفاع، على ألا يقل ما يتقاضاه العامل من أجر عن الحد الأدنى للأجور، شريطة أن يبدأ التخفيض بأجور الإدارة العليا في المنشأة.
كما ستعلن الحكومة «منهجية علميَّة» تعتمدها في فترة إعادة التشغيل، للتعامل مع الأزمة الصحية الراهنة، «تتضمن خمس مراحل متدرجة لفتح القطاعات وإعادة تشغيلها، وفقًا لمؤشرات الحالة الوبائية، وأهمية القطاعات وأولويتها». (الموجز الإعلامي للحكومة الأردنية حول أزمة فيروس كورونا، تحديث: 1 حزيران 2020)
إذًا هل نحن مقبلون على «فترة التأقلم والتعايش» مع هذا المرض، الذي فتك إلى الآن بما يقارب 300 ألف إنسان؟ سيناريوهات التعايش متفرقة ومختلفة، ووحده الوقت الذي سيكشف لنا مدى فاعليتها ونجاحها، وأضرارها.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست