أهلًا بكم أهل الأرض في كوكبنا الأحمر الذي تسمونه أنتم المريخ. أعلم أنكم تريدون مني أن أعرفكم على كوكبنا ولكني أخشى أن يصدمكم الواقع الذي نعيش فيه.
لكن إن أردتم؛ أقول لكم أن الكوكب الذي نقطنه، للأسف، ساد الفساد في كل منظومة وركن فيه، فالمدارس أصبحت عائقا للعلم وعاملا للجهل. والمستشفيات فيها طريقك إلى الآخرة، حتى وإن كنت مصابا بآلام في إصبعك فقط، هذا سبب جيد لملاقاة ربك. والشرطة قل عنها ما شئت فرجالها مرضى نفسيين يمارسون ساديتهم على البسطاء من أهلنا. والجيش عندنا يهتم بالحكم والمشاريع الاقتصادية لتقوية اقتصاده الخاص المنعزل عن اقتصاد الدولة لتلبية المطامع المادية لجنرالاته. وحاليًا هو مهتم بفض المظاهرات المناهضة لانقلابه على ثورة المدنيين لمصلحة نظام فاسد، أو بالأحرى لمصلحته هو الخاصة فهو انقلب على ثورة المدنيين لصالح انقلاب العسكريين القديم. وفي سبيل ذلك ترك حدود الكوكب للأعداء والإرهابيين يتلاعبون بأمننا القومي كيفما يشاؤون.
كنت منذ صغري تستوقفني آية من آيات القرآن الكريم في سورة يوسف يتحدث فيها الله سبحانه وتعالى عن القضاء، قائلًا عز من قال ” ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ”. الله تعالى تحدث هنا عن القضاء في كوكبنا معقبًا على حكم أصدر جورا على نبي من أنبيائه، فالقاضي كان يعلم علم اليقين أن “يوسف” عليه السلام بريء، ومع ذلك انصاع لضغوط السلطة التي تمتعت بها امرأة العزيز، وسجنه ظلمًا دون مراعاة منه لأي معيار من معايير العدالة.
قرأت سور وآيات القرآن بتفحص باحثًا عن آية تحدث فيها القرآن عن قضاء أي من الدول في العالم فلم أجد، ليس هنالك ذكر لقضاء أي كوكب في المجرة إلا قضاء كوكبنا الملقب بـ “الشامخ” الذي ذكر في القرآن بالذم، أما في عصرنا الحالي فيقول “الشامخ” أنه لا يجوز التعليق على أحكامه حتى وإن كان حكما بالتبرئة لمن قتل شعبا واغتال آمال وطموحات شبابه. ليس من حقك أن تناقش أو أن تهمس ببنت شفة منتقضًا الحكم. فقضاءنا شامخ وطاهر لا يسمح لك ولأمثالك من سكان الكوكب بانتقاده. هذا إجرام قانونا وسيعتبرونك مجرما مغرضا مخربا تسعى لهدم الكوكب. الحكم عندهم هو عنوان الحقيقة، والحق هو ما يقولونه فهم رسل لإله لا نعرفه.
القاعدة التي يستخدمها القضاء في كوكبنا الأحمر في معاقبتي ومعاقبتك ومعاقبة أي من يتجرأ على انتقاد قاضٍ أو حكم يصدره؛ تسمح له بمحاسبة الله نفسه! فالقرآن انتقد حكما أصدره قاضٍ، فماذا هم فاعلون؟ أيحاكمون الله ويسجنونه بتهمة إهانة القضاء أم ماذا!
القضاء في المريخ يفرض قدسية عليه وعلى كل من ينتمى إليه. يذكرنا بفرعون حينما قال “أنا ربكم الأعلى”. ولكنهم تناسوا أن لكل فرعون موسى الرادع له، والذي سيتسبب في هلاكه. فإليهم أقول: اظلموا واطغَوا كما شئتم، فمصيركم معلوم على مشانق في ميدان من ميادين الكوكب المشهورة أنتم وكل الفاسدين من الذين خانوا أبناء كوكبهم.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست