هناك القليل من المصطلحات، أدت إلى الكثير من الاختلاط والارتباك عند الناس مثل مصطلح الليبرالية. على الرغم من أن هذا المصطلح لم يستخدم بشكل واضح حتى القرن التاسع عشر، إلا أن الأفكار الكامنة وراء “الليبرالية” يمكن أن ترجع إلى القرن السابع عشر، من المفكرين مثل توماس هوبز، وجون لوك، اللذان استخدما هذا المصطلح، في كتبهم وفلسفتهم السياسية.

المعنى الكلاسيكي للمصطلح يصف الموقف الذي يعطي اﻷولوية لحرية الفرد خصوصًا من الناحية الإقتصادية، وهذا يعني حماية حق الفرد في استخدام ممتلكاته كما يشاء، وخصوصًا لكسب المال. فمن تلك الرؤية للمصطلح، فإن الحكومة تقدم الحد الأدنى من الشروط التي تساعد على ممارسة هذا الحق، مثل القانون والنظام. مثل هذه الحكومة أو الدولة تعرف باسم دولة “الحد الأدنى-Minimal State”. كان الشعار الشهير بين الليبراليين من الوقت “دعه يعمل دعه يمر” الذي يطلب من الحكومة أن تترك المواطنين وشأنهم.

أما اليوم عادة ما تتساوى الليبرالية مع الدعوة للديمقراطية، نظرا لتأكيد “الليبرالية” على حقوق الفرد السياسية، بما في ذلك حرية التعبير. وبقي على حاله، حتى منتصف القرن العشرين، كان معظم الليبراليين ضد الديمقراطية، فقد رفضوا رأي “المحافظين” عندما قالوا: إن التقليد والهرم الاجتماعي يجب أن يكون لهم الأولية على حرية الفرد. لكنهم لم يؤمنوا أن كل أفراد المجتمع يستحقون كل الحقوق! .. فلقد ظن ليبراليو القرن السابع عشر أن المرأة ينقصها عقل كامل. وأصروا أيضا أن الفقراء لا ينبغي أن يعطى لهم حق التصويت، لأن الفقراء من وجه نظرهم كانوا سيصوتون لصالح سياسيين سيصادرون ممتلكات الأغنياء.

حيث أن آدم سميث اعترف علنًا أن الحكومة “هي في الواقع وضعت من أجل الدفاع عن الأغنياء ضد الفقراء أو أولئك الذين لديهم بعض الممتلكات ضد أولئك الذين لديهم لا شيء على الإطلاق”.

ما الذي يجعل هذا المصطلح أكثر تشوشا هو أنه في الولايات المتحدة يستخدم مصطلح “الليبرالية” لوصف وجهة نظر “يسار الوسط”. بينما في أوروبا، محجوز هذا المصطلح لأنصار الحزب الألماني الديمقراطي الحر (FDP) الذي يتبع الليبرالية الكلاسيكية ويعتبر في ألمانيا “يمين الوسط”، أي عكس ما يقع في الولايات المتحدة.

ثم هناك “الليبرالية الجديدة” (NeoLiberalism)، وهي وجهة النظر الاقتصادية السائدة منذ عام 1980. إنها قريبة جدا من الليبرالية، ولكن ليست تماما نفس الليبرالية الكلاسيكية اقتصاديًا، فالليبرالية الجديدة تدعو إلى “دولة الحد الأدنى” من الكلاسيكية ولكن مع بعض التعديلات، الأهم في تلك التعديلات، أن الليبراليين الجدد يقبلون احتكار البنك المركزي لاحتكار مطبعه المال، في حين يعتقد الليبراليون الكلاسيكيون إنه يجب أن تكون هناك منافسة في إنتاج المال. من الناحية السياسية، الليبراليون الجدد لا يعارضون علنا الديمقراطية، كما فعل الليبراليون الكلاسيكيون. ولكن العديد منهم مستعدون للتضحية بالديمقراطية من أجل الملكية الخاصة والسوق الحر.

ومن المعروف عن الليبرالية الجديدة أيضًا، وخاصة في البلدان النامية، أن الليبرالية الجديدة هي “إجماع واشنطن”، مع الإشارة إلى أن أكبر منظمات اقتصادية في العالم تدافع وتدير منظومة “الليبرالية الجديدة”، وكل تلك المنظمات ترتكز في واشنطن العاصمة، وهي وزارة الخزانة الأمريكية وصندوق النقد الدولي (IMF) والبنك الدولي كما يقول الاقتصادي ها جون شانج في جامعه كامبردج.

 

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد