كم عدد المرات التي خدعت فيها بسبب المغالطات المنطقية؟ في ظل هذا الانتشار الكبير للمعلومات والأخبار عن طريق وسائل التواصل الاجتماعية مثل «الفيس بوك، ووات ساب» والحرب الإعلامية، والكثير من النقاشات؛ وجب التحذير من المغالطات المنطقية حتى لا تنخدع! يستخدمها الكثير من الكتاب. ثمة من يستخدمها وهو يعلم أنه يستخدم مغالطة منطقية، ومنهم من يستخدمها بدون أن يعلم أنها مغالطة منطقية. فأنا هُنا سأحاول توضيح بعض المغالطات المنطقية، الذي تكلم عليها الدكتور/ عادل مصطفى، في كتابه المغالطات المنطقية التي ذكر فيه أكثر من 25 مغالطة منطقية؛ سأكتفي بذكر ثلاث منها وهي: مغالطة القدح الشخصي، الألفاظ المشحونة، التأسي بالنخبة.

الشخصنة أو القدح الشخص، وهذا يعتبر الأكثر إشاعة في الاستخدام، حيث نرى الكثير من الكتاب أو حتى في المناقشات يلجأ البعض لهذه المغالطة، وهو أن يبدأ الكاتب بالتقليل من الشخص أو سبه وشتمه، أو الدخول في شخصية الشخص وذكر ماضيه، بدون الدخول في صلب الموضوع، وهنا يتم تهيئة القارئ على أن هذا الشخص من العيب أخذ كلامه، وإلا ستكون معك نفس الصفات. ونحن نعلم أن الشخصية، الظروف، أفعال لن تكون لها علاقة بصحة أو خطأ الفكرة. مثال: بعد أن قام كريم بعرض أدلة دامغة ومتسقة على صلاحية نظام التعليم أكثر نفعا، توجه سمير إلى الجمهور متسائلاً إن كان من المنطقي التسليم لكلام رجل تافه، ومدان سابق، ولا يعرف أصله. قال الدكتور عادل «يقتلون الرسول بدلًا من تفنيد الرسالة» فمن الواجب أن نكون فطنين جدًا، ونفرق بين القدح الموجه للشخص والفكرة أو الموضوع المطروح للنقاش.

الألفاظ المشحونة، وهي استخدام بعض الكلمات التي تظهر أنها بريئة جدا، وهي خطيرة جدًا، مثلًا، «يَدّعي السيد كريم أن التصدير سوف يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. (لاحظ أن كلمة «يدعي» تفترض ضمنًا أن ما يقوله السيد نبيل كاذب أو باطل)». وهذه الكلمات لها تأثير سحري على المسامع حيث يقوم العقل بترجمتها فورا أن كريم كاذب! فعندما تبدأ النقاش حول فكرة معينة أكاد أجزم أن الطرفين يسعيان في البداية إلى إثبات أنه يقف إلى جانب الحق المطلق!! يقول الدكتور عادل «تَبْدأُ حِواراتُنا غَالِبًا بوضْعِ أُسُسٍ مُتَوَهَّمة، وفَرْضيَّاتٍ مُسَلَّمٍ بِها؛ سَعيًا مِن أحَدِ الطَّرفَيْنِ إلَى إِثْباتِ نَظَرِيَّتِه، وصِحَّةِ مَا ذهَبَ إلَيهِ في مَسألةٍ مَا، ويَذهَبُ الكَثِيرُ مِنَّا إلَى التَّعاطِي مَعَ هذِهِ الفَرْضيَّاتِ الَّتي رُبَّما تَكُونُ استِنتاجًا خاطِئًا أوْ مِن وَحْيِ خَيالٍ مَحْض، دُونَ تَفْنيدِها أَوِ الوُقوفِ عَلَى صِحَّتِها أَوْ أَصْلِها، فنَرَى أَنفُسَنا وقَدْ وَقَعْنا أَسْرى لبَعضِ المُغالَطاتِ المَنْطقيَّة، الَّتي تَجعَلُ مِنكَ خاسِرًا عَلى طُولِ خطِّ الحِوارِ» وهنا يجب أن نركز على الكلمات المستخدمة، ونحاول قدر المستطاع أن لا نقع بالفخ المصطنع لنا ونبدأ بالتفكير بنفس الطريقه التي يريد لنا الكاتب أن نفكر بها.

التأسي بالنخبة، وهنا يبدأ البعض بذكر كبار الشخصيات أو أشخاص مسؤولون، مشهورون قبل أن يضع فكرته ويقول هؤلاء يدعمون هذا الموضوع أو هذا الاتجاه. حتى يخبرك بطريقة غير مباشرة طالما وهؤلاء يدعمون هذه الفكرة إذا يجب عليك الاتباع. «الحقيقة ليست ديموقراطية، إنما تستند الحجة على دعائمها المنطقية لا على عدد مؤيديها». الدكتور عادل. مثال: «كثير جدًا من المثقفين يؤمنون بأن هذا الحزب هو الأصلح للبلد» لا شك فعلاً كذلك فهؤلاء العقول الكبيرة لا يمكن أن تُجمع على باطل. يجب أن تجعل عقلك يشتغل وتفكر ما إذا كانت الفكرة المطروحة تتعارض معك أنت، ولماذا؟ أو أنك فقط متأثر بقول الجمهور، أو بقول شخص من الأشخاص.

«إن التفكير النقدي والعلمي ليس شيئًا فطريًا نأتيه بالطبيعة ونعرفه بالسليقة؛ وإنّما هو عمل حِرفي يتطلب حِذقًا ومهارة. ليس من الصحيح أن لدينا قدرة طبيعية على التفكير الواضح والنقدي بغير تعلم وبغير مُمارسة. ولا ينبغي أن نتوقع من غير المُدرَّب أن يُفكر تفكيرًا واضحًا أكثر مما نتوقع منه أن يُجيد لعب التنس أو الغولف أو العزف على البيانو». من كتاب المغالطات المنطقية.

بعض النصائح الذي قد تساعدنا على اكتساب مهارة التفكير النقدي:

“فكر بنفسك لنفسك. («افهمْ لي ذلك من فضلك» هو نموذجٌ لطلبٍ مُستحيل!).

-اكتسب القدرة على وضع رأيك على محك التحليل والنقد، مثلما تفعل مع آراء غيرك.

-لا تُصدِّق كُل ما تسمع، ونصف ما ترى!

-كُن على استعداد للتخلّي عن رأيك إذا ما تبيّن خطؤه.

-تعلم كيف تستنبط الافتراضات المُبطنة وراء الرأي، وتضعها موضع النقد.

-لا تُسقط رغباتك على الأشياء ولا تجعل من أمانيك معيارًا للحق.

-لا تجعل من درجة حرارة الاعتقاد معيارًا لصوابه…».

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد