أين كان الشعب الفلسطيني بعد نكبة 1948؟ ما الذي فعلهُ هذا الشعب بعد هذه النكبة؟ وكيف عاش؟ كانت هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة سائدة على ألسنة كافة أبناء الأمة العربية بعد حدوث نكبة فلسطين، بل لم يتوقف الأمر عند الأسئلة فحسب، بل وصل إلى اتهام الشعب الفلسطيني بتوقفهّ عن المقاومة بعد النكبة واستسلامه، ولكن هل كانت هذه هي حقًّا الحقيقة؟!
بكل تأكيد لا، فلم تكن هذه هي الحقيقة، إذ عمدت الكاتبة آسيا عبد الهادي إلى كشف الستائر عن الحقيقة، وذلك من خلال روايتها «الحب والخبز».
وقد قام الأستاذ عبد العزيز السيد بتقديم رواية الحب والخبز بمجموعة من أصدق العبارات؛ إذ وضح أن الكاتبة آسيا عبد الهادي قد عاشت طفولتها في وسط الصبار، ولم تسلم من أشواكه القاسية، وقد عاشت هذه التجربة القاسية بكافة تفاصيلها، والتي خلقت بداخلها جرحًا عميقًا ظل موجودًا بفوائده طوال العمر، إذ ظلت مختزنة هذا الجرح بداخلها، لا يمحوه الزمن، أو الهناء والنعيم الأسري.
وأهم ما يميز رواية الحب والخبز أنها جاءت بصورة موضوعية متمازجة، إذ تفجر بها كم هائل من المشاعر الإنسانية المضغوطة، وذلك عن طريق رسم صور دامية، وقص قصص ومعاناة لا مدى لها عاشها الفلسطينيون أثناء القيام بعمليات التهجير القمعي لأبناء فلسطين، وهذا بجانب ما أبداه الشعب الفلسطيني سواء كانوا شيوخًا أو أطفالًا أو نساءً من مواجهات وتضحية وتحدٍ لعدوهم اللدود، إلى الحد الذي جعل العدو الإسرائيلي يشعر بالذهول من مدى تمسكهم بأرضهم، والقيام بالدفاع عنها حتى الرمق الأخير، ولم يخشوا من سقوط آلاف الضحايا والجرحى، وفقد وتشرد الكثيرين.
وعلى الرغم من كل ذلك لم يستسلم الشعب الفلسطيني الذي لا يُقهر ولا يذل، فلم تمض إلا أشهر قليلة واستطاع أن يُلملم جراحه في الكهوف والمغارات، ويعض على الألم، ويمسح على بؤر الأمل المختزن في أعماق الروح، إذ تحول هذا الليل الحزين إلى عباءة تنطلق من تحتها مجموعات متناثرة من هنا وهناك، تتجه نحو الغرب، تحاول بكل ما لديها من قوة أن تثأر من العدو الصهيوني، واستمر ذلك حتى قامت السلطات من الجانبين بإحكام السيطرة على خطوط الضياع، والتي قامت الجريمة برسمها، وقامت اتفاقية الهدنة بتأكيدها.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست