جميعنا نعرف القنوات والشبكات الإعلامية العربية المهمة والتي كانت لوقت طويل متشابهة برؤيتها للمشهد السياسي العربي. إلى أن تم فرض الحصار على قطر من قبل كل من السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، وقررت الأردن خفض العلاقات الدبلوماسية مع قطر، في ذلك الوقت قطر التي تلقت فيه دعمًا لاحقًا من قبل تركيا.
ودخلت هذه الدول في صراعات مختلفة بالمنطقة، وحروب بالوكالة لتشتعل حرب إعلامية في ذات الوقت بين الشبكات، والقنوات الفضائية المدعومة من قبل كل طرف.
والاختلاف بطريقة نقل الأخبار ومهاجمة النظام السياسية لكل دولة في الطرف الآخر، وهنا نتساءل ما مدى مصداقية الإعلام العربي في الوقت الراهن؟ ما هي الجهة التي تنقل الخبر الصحيح؟ من هم المجرمون الحقيقيون؟
لنأخذ الوضع في ليبيا خلال الشهور الماضية.
ليبيا التي تشهد صراع بين قوتين إحداهما في الشرق البلاد يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومدعومة من قبل كل من مصر، والإمارات، وروسيا، وفرنسا. وطرابلس والغرب تقودها حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج المعترف بها دوليًا والمدعومة من قبل تركيا التي ترى في ليبيا بوابة اقتصادية مهمة تلج من خلالها إلى العمق الأفريقي وتحقق أهدافها في شرق المتوسط.
تطور الصراع تدريجيًا ووصل إلى تصويت البرلمان المصري بالإجماع لصالح إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا «ومكافحة العناصر الإرهابية الأجنبية».
مع استمرار إرسال تركيا مساعداتها العسكرية إلى حكومة الوفاق.
لتبدأ وسائل الإعلام التابعة لكل من مصر والسعودية إتهام تركيا بإرسال المرتزقة السوريين للقتال ضد الجيش الليبي «بقيادة حفتر» الذي بلغ عددهم 11 ألف مقاتل إضافة إلى تقديم تقارير صحافية عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل أعضاء موالين لتركيا.
في الجهة الأخرى رد الإعلام التابع لقطر بإعلان اتفاق بين تركيا وليبيا «حكومة الوفاق» على فتح مراكز تدريب لبناء جيش محترف في ليبيا.
واتهام الإمارات بأنها تقوم بتدريب مواطنين يمنيين وإرسالهم للقتال في ليبيا.
ولنذهب إلى اليمين التي لا تختلف كثيرًا عن ليبيا في صراعاتها الداخلية اليمن التي تشهد صراع بين الحكومة الشرعية ممثلة بحكومة عبد ربه منصور هادي التي تم دعمها من قبل السعودية الدعم الذي وصل إلى التدخل العسكري، وفي الطرف الآخر الحوثيين المدعومين من قبل إيران.
وتنطلق هنا أيضًا حرب إعلامية حيث أتهمت وسائل إعلام تابعة للإمارات قطر بأنها تدعم الحوثيين، وأن هناك أدلة على ممارسة السلطات القطرية الخطف والترحيل القسري للمواطنين اليمنيين داخل قطر. في ذات الوقت يستمر انتقاد دور السعودية في اليمن من قبل وسائل إعلام تابعة لقطر.
ومصر التي تشهد استقرار سياسي مقارنة بدول المنطقة. أيضًا تعيش حالة من الحرب الإعلامية، حيث الإعلام الحكومي الذي يستمر بتمجيد عبد الفتاح السيسي وإنجازته وتصوير الإخوان المسلمين، وقطر، وتركيا، بأنهم العدو الأكبر والأخطر لمصر، وفي المقابل يستمر انتقاد حكم العسكر.
من قبل وسائل إعلام تابعة للجهة الأخرَ ونشر تقارير عن السجون المصرية وحجم الانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان داخلها.
وهكذا يستمر الأمر مع كل حدث يحصل داخل أية دول.
الأمر لا يقف هنا فقط حيث كل قناة خصصة برامج خاصة عن مدى فشل وإجرام طرف الآخر وبرامج عن أكاذيب وسائل الإعلام في الطرف الآخر.
هنا تحديدًا نعلم بأنه قد فقد الإعلام العربي الكثير من مصداقيته ودوره المتمثل بنقل صوت الشارع العربي وهمومه والحافظ على مبادئه.
وخسر ثقة جمهوره وخاصة النخبة المثقفة.
وتبقى الأصوات الحر التي لا تتبع أي طرف تحاول نقل الحقيقة والحفاظ على أخلاقيات العمل الصحافي في ظل انعدام شبه كامل لحرية الرأي والتعبير في أغلب الدول العربية.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست