تعرف منطقة الصحراء المغربية دينامية اقتصادية بفضل المشاريع التنموية التي أعطى انطلاقتها العاهل المغربي محمد السادس بمناسبة الذكرى الأربعين لانطلاقة المسيرة الخضراء سنة 2015 من خلال خطابه السنوي بمدينة العيون حاضرة الصحراء المغربية، والذي أعلن فيه الانطلاقة الفعلية للنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية الذي يشتمل على 685 مشروعا بغلاف مالي قدره 80 مليار درهم (حوالي 8 مليار دولار)، هذا النموذج الذي سيجعل من الصحراء مركز اقتصادي وصلة وصل بين المغرب وعمقه الأفريقي، بالإضافة لذلك ساهم الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه وافتتاحه بالموازاة مع ذلك قنصلية بمدينة الداخلة تهدف لجلب الاستثمارات والتنمية للأقاليم الجنوبية المغربية، في إشعاعها وجعلها على طريق التحول إلى قطب اقتصادي جديد بالمملكة المغربية.
يرجح خبراء الاقتصاد أن تصبح الصحراء المغربية منطقة جذب للاستثمارات الكبرى بفضل فرص الاستثمار التي توفرها في قطاعات مختلفة كالإعمار والصناعة والصيد البحري والطاقات المتجددة والسياحة، بالإضافة للمشاريع التنموية الضخمة التي تقوم بها الدولة المغربية من أجل تعزيز جاذبية الصحراء المغربية.
خلال العقدين الأخيرين سارع المغرب من وتيرة التنمية في أقاليمه الجنوبية، مما انعكس إيجابًا على سكان هذه المنطقة، فمن بين مؤشرات نجاعة الاستثمارات التي قامت بها الحكومات المغربية المتعاقبة، هو تقليص من حدة الفوارق فيما يتعلق بتوزيع ثمار النمو، حيث أصبحت الجهات الجنوبية تحقق معدل دخل فردي اسمي 35 ألف درهم يفوق المعدل الوطني 240 ألف درهم، فالمشاريع التنموية الناهضة بالأقاليم الجنوبية للبلاد تعزز من اندماج هذه الأقاليم وتكاملها مع باقي أقاليم المملكة المغربية عبر تعزيز البنيات التحتية، وتحفيز الاستثمار الخاص ودعم مشاريع التنمية البشرية.
حسب تصريح لرئيس الحكومة المغربية د. سعد الدين العثماني خلال إحدى الجلسات العامة بمجلس النواب (البرلمان) أشار فيه إلى أن نسبة إنجاز النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية بلغت 70 في مائة من مجموع المشاريع المبرمجة، إذ تم الانتهاء فعليًا من 179 مشروعًا، بالإضافة إلى 336 مشروعًا في طور الإنجاز، وهناك كذلك بعض المشاريع التي لم تزل في انتظار إعطاء الانطلاقة لكي يتم إنجازها، من بين المشاريع المهمة التي تتهيأ مدينة الداخلة لاحتضانها هو أكبر ميناء أطلسي في الجنوب المغربي والذي سيتم إنشاؤه على بعد 40 كيلومتر شمال المدينة، وتقدر تكلفة هذا المشروع الإستراتيجي حوالي مليار دولار.
مدينة الداخلة تعتبر من المدن المغربية التي تتوفر على المؤهلات والإمكانات التي تجعلها ثالث قطب اقتصادي بالمملكة بعد كل من مدينتي الدار البيضاء التي تعتبر العاصمة الاقتصادية للمغرب وطنجة، فهده المدينة تفتح الشهية للاستثمار في قطاع الطاقات المتجددة بفعل موقعها البحري وطبيعتها الجغرافية التي تتميز بكتل رياح كثيفة ومقومات هائلة لإنتاج الطاقة الشمسية، لذلك تعتبر من الوجهات المفضلة لشركات إنتاج الطاقة الريحية والطاقة الشمسية، من المؤشرات على هذا الإهتمام هو تشييد الشركة الأمريكية «سولونا تكنولوجي وإي إم ويند» مزرعة رياح بقدرة إنتاجية تبلغ 900 ميجاواط في مدينة الداخلة على مساحة 11313 هكتار؛ مما يؤكد أهمية التوجه الاستثماري الأمريكي نحو الصحراء المغربية ودوره في تحويل مدينة الداخلة إلى أكبر جاذب للاستثمارات العالمية الضخمة، والذي جعل العديد من رجال الأعمال من عدة دول القيام بزيارات للأقاليم الجنوبية للمغرب، أبرزها توجه وفد من رجال الأعمال الصينيين إلى مدينة الداخلة في زيارة عمل شملت عقد اجتماع مع مسؤولي غرفة التجارة والصناعة والخدمات، والتي اطلع خلالها هذا الوفد على أهم المنجزات التنموية الكبرى التي تعيشها الأقاليم الجنوبية المغربية والفرص التي توفرها في مختلف القطاعات من أجل الاستثمار فيها.
هذا الإشعاع والاهتمام الدولي الذي أصبحت الصحراء المغربية تعيشه في الآونة الأخيرة من طرف رجال المال والأعمال، سيجعلها على طريق التحول إلى أهم قطب للاستثمار والتنمية بأفريقيا.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست