أمر عاهل المملكة المغربية محمد السادس بإرسال مساعدات إلى مسلمي الروهينجا النازحين ببنغلاديش. حيث يتعرض مسلمو الروهينجا، بإقليم أراكان في دولة ميانمار ذات الأغلبية البوذية، لمعاناة إنسانية مريرة. وذلك أمام صمت وتواطؤ دولي عن هذه الجريمة الشنعاء، التي جعلت قلوب المسلمين في بقاع العام تتعاطف مع معاناة هذه الأقلية المسلمة بدولة ميانمار.
فقد أعلنت عدة دول دعمها لأقلية الروهينجا منذ بدء موجة الاضطهاد الأخيرة. وعلى رأسها دولة تركيا التي وزعت مساعدات على أكثر من 45 ألف شخص من لاجئي هذه الأقلية. وكان قد دعا وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إلى حل دائم لأزمة الروهينجا المسلمين في ميانمار. وقال إنهم يعيشون في «سجون مفتوحة» منذ سنين وذلك قبل زيارته لبنغلادش من أجل مناقشة الأزمة.
وقال تشاووش أوغلو إنه سيزور المنطقة الحدودية لتقييم الاحتياجات الإنسانية هناك، مضيفًا أن تركيا ستوفر أيضًا سيارات إسعاف ومعدات أخرى. وقال «لن نترك هؤلاء الأشخاص لوحدهم هنا. وعلى أي حال علينا إيجاد حل دائم للمشكلة في راخين… سبق ووقعت أحداث وأمور وحشية هناك. مات العديد من الناس أو اضطروا لترك منازلهم». وتابع قوله «زرت راخين قبل عامين أيضًا، وهم يعيشون في سجون مفتوحة يغمرها الوحل بكل ما تحمله الكلمة من معنى. من غير المقبول أن يعيش الناس في مثل هذه الظروف في هذا العصر».
كما تبحث تركيا سبل التعاون مع بنغلايش لأجل إنشاء ملاجئ لائقة لهذه الأقلية المسلمة، التي تعاني الويلات من العصابات البوذية بميانمار، بتواطؤ مع النظام الحاكم هناك، الذي لا يلبث في كل مرة يعطي تفسيرات ومبررات واهية للعداء الذي تلقاه أقلية الروهينجا. و تفيد أرقام الأمم المتحدة بلجوء 370 ألف شخص إلى بنغلادش، أغلبهم من الروهينجا، منذ أواخر أغسطس هربًا من العنف الذي يستهدفهم في بورما.
وأيضا كانت الأمم المتحدة قد أعلنت، في وقت سابق، فرار 1000 من الروهينجا إلى بنغلادش منذ نهاية أغسطس، حسبما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية في خبر عاجل لها. واستقبل أحد المستشفيات في بنجلاديش أعدادًا كبيرة من مسلمي الروهينجا، المصابين في انفجارات ألغام أرضية عسكرية، وذلك أثناء فرارهم من العنف والاعتداءات التي يتعرضون لها في ميانمار.
وبهذا الصدد قالت رئيسة ميانمار سان سو تشي «إن أزمة ولاية راخين فيها تضليل إعلامي كبير»، في إشارة منها إلى الأزمة الإنسانية التي يعانيها مسلمو الروهينجا.
ولقد انضمت المملكة المغرب لقائمة الدول الداعمة لأقلية الروهينجا حسب بلاغ لوزارة الخارجية المغربية. حيث ذكر البلاغ أن هذه المبادرة الإنسانية تهدف إلى دعم جهود دولة بنغلاديش في مواجهة موجة تدفق لاجئي الروهينجا المسلمين، القادمين من ميانمار. مبرزًا أن المساعدات تتكون من خيام وأغطية ومواد غذائية أساسية وأدوية ضرورية نقلت عبر القوات المسلحة الملكية المغربية.
وجدير بالذكر أن قضية معاناة الروهينجا لها امتدادات وجذور تاريخية قديمة، بدأت مع تأييد مسلمي بورما لباكستان في انفصالها عن الهند بالأربعينيات.
والتاريخ يذكر إن قيادات المسلمين وقتها اتفقوا مع محمد علي جناح بالانفصال عن بورما وضم إقليم أراكان لباكستان، ومن يومها ينظر البورميين للروهينجا (كانفصاليين) وخونة، إضافة أن عوامل اللغة والدين والعرق زادوا مع تلك الرؤية مشاعر مركبة من الكراهية والاحتقار تجاه مسلمي الروهينجا. ويظل السؤال المطروح هو، هل ستظل هذه الأقلية تعيش لاجئة تحت رحمت المساعدات الدولية؟ إلى متى سيظل المجتمع الدولي يتغابى ويغض الطرف عن الاضطهاد اللاإنساني الذي تتعرض له هذه الأقلية فقط لأنها مسلمة؟
وفي الأخير ندعو من هذا المنبر كافة الدول الإسلامية للوقوف مع إخوانهم في هذه المحنة.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست