تتجه أنظار العالم إلى السويد في شهر أكتوبر من كل عام، حين يتم إعلان أسماء الفائزين بجوائز نوبل في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والاقتصاد، بالإضافة لجائزة نوبل للسلام، والتي يعلن عنها بالنرويج في نفس الوقت، حيث يلقى الإعلان عن جوائز نوبل من كل عام اهتمامًا واسعًا نظرًا لأهمية الجائزة عالميًا باعتبارها أرقى جائزة يمكن الحصول عليها في هذه المجالات.

نبذة عن جوائز نوبل

ألفرد نوبل هو مهندس وكيميائي سويدي، بعد قيامه باختراع الديناميت في عام 1867م، أوصى بكل ثروته التي جناها من الاختراع إلى جائزة نوبل التي سُميت باسمه، لتمثل إرثًا أدبيًا وماليًا تركه نوبل بعد وفاته عام 1896، وهي تُمنح للذين قدموا أعمالًا عظيمة مفيدة للبشرية خلال العام المنصرم، حيث أعلن نوبل، حين وقّع وصيته الأخيرة سنة 1895، أن الجزء الأكبر من ممتلكاته يجب تحويله إلى صندوق للاستثمار والأوراق المالية الآمنة، وأن تكون المؤسسات الأربع في السويد والنرويج التي تمنح الجوائز هي: “أكاديمية العلوم السويدية”، و”معهد كارولينسكا في ستوكهولم”، و”الأكاديمية السويدية”، و”لجنة نوبل النرويجية” والمكونة من خمسة أشخاص تُنتخب من قبل البرلمان النرويجي.

 

 
قامت هذه المؤسسات عام 1900 بإنشاء مؤسسة نوبل، وهي مؤسسة خاصة ترتكز على وصية ألفريد نوبل، وتعمل على إدارة ممتلكات ألفريد نوبل الواردة في وصيته، ويبلغ مجموعها 31 مليون كرونة سويدية أو ما يعادل 4.7 مليون دولار، 3.3 مليون يورو.

 
مُنحت أول جوائز نوبل عام 1901 للفيزيائي “فيلهلم كونراد رونتجن”، الذي اكتشف الأشعة السينية التي تستخدم كل يوم في مراكز الرعاية الصحية حول العالم، وتنقسم جائزة نوبل لجائزة مادية وميداليات فخر وشهادات يتسلمها الفائزون من يد ملك السويد في مأدبة ضخمة تقام في ستوكهولم يوم نوبل، 10 أكتوبر من كل عام، أما جائزة نوبل للسلام فتُقدم في أوسلو، عاصمة النرويج، في اليوم نفسه. جدير بالذكر أن في كل عام وفي الأسابيع القليلة قبيل الإعلان عن الفائزين بالجائزة، تتسابق وسائل الإعلام العالمية ولا سيما العربية في التكهن بأسماء الفائزين بهذه الجوائز، ولكن أسماءهم تبقى سرًا إلى لحظة الإعلان الرسمي.

هذه التكهنات تعكس اهتمام العرب وغيرهم بجائزة نوبل، ولكن من غير الممكن أن تصدر عن مصادر موثوقة، حيث تبقى جميع وثائق فترة التأهل سرًا لا ينشر إلا بعد مرور 50 عامًا من إعلان الفائز لكل عام، بحسب مؤسسة نوبل.

ومن المعروف أن حصة العرب من هذه الجوائز شملت ستة جوائز: جائزة نوبل للسلام للرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، جائزة نوبل للأدب للكاتب المصري الكبير نجيب محفوظ عام 1988، وجائزة نوبل للكيمياء للعالم المصري أحمد زويل عام 1999، وجائزة نوبل للسلام لرئيس السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات عام 1994، ولرئيس منظمة الطاقة الذرية الدولية، المصري محمد البرادعي 2005، وموخرًا مُنحت جائزة نوبل للسلام للناشطة اليمنية توكل كرمان 2011.

في الكيمياء

مُنحت جائزة نوبل في الكيمياء للعلماء السويدي “ليندال توماس” والأمريكي “بول مودريش” والتركي “عزيز سنجر” على بحوثهم في مجال اكتشاف الآليات التي تستخدمها الخلايا لإصلاح الحمض النووي DNA.

وقالت لجنة نوبل في حيثيات قرارها أن الجائزة قُدمت لأعمالهم حول “ترميم الحمض الريبي النووي” الذي قد تصيبه بعض العوامل مثل الأشعة فوق البنفسجية بأضرار، حيث توصل الفائزين إلى تحديد الطريقة التي ترمم فيها الخلايا الحمض الريبي النووي المتضرر، والطريقة التي تحفظ بها البيانات الوراثية، والتي قد تساهم في تطوير علاجات جديدة لأمراض السرطان.

ورأت اللجنة أن هذه الأبحاث قدمت خلاصات مهمة جدا تشكل أساسا في فهم آلية عمل الخلية الحية، وتساهم في تطوير علاجات جديدة لأمراض السرطان.
وتبلغ قيمة الجائزة 8 مليون كرونة سويدية لكل منهما مقابل البحث الذي قدموه بعنوان “دراسات ميكانيكية في إصلاح الحمض النووي”، وشرحوا فيه كيفية إصلاح الخلية للحمض النووي من أجل درء الأخطاء التي قد تحدث في المعلومات الوراثية.

في الفيزياء

منحت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم جائزة نوبل لعام 2015، للبروفيسور الياباني “تاكاكي كاجيتا” والكندي “آرثر ماكدونالد”، بعدما تمكنا من إثبات أن للنوترينو كتلة. والنوترينو عبارة عن جسيم كهربائي أصغر من الذرة، وينشأ نتيجة تفاعلات ذرية، كتلك التي تصنع وهج الشمس، وهو جسيم كثير الوجود في الكون.

وكانت نظرية سابقة تقول إن النوترينو ليس له كتلة، لكن تجارب أجريت بشكل منفصل في مختبرات تحت الأرض قامت بها فرق بقيادة كاجيتا في اليابان وماكدونالد في كندا، فندت تلك النظرية، وقالت الأكاديمية إن الاكتشاف غير مفهوم العلماء لعمل المادة، والتاريخ وبنية الكون ومستقبله.

في الطب

مُنحت جائزة نوبل في الطب أو الفيزيولوجيا للصينية “تو يويو” والأيرلندي”ويليام كامبل” والياباني “ساتوشي أومورا”، لقاء تطويرهم آليات أدت إلى علاج أمراض الطفيليات، بما في ذلك الملاريا.

طور “ويليام سي كامبل” و”ساتوشي أومورا” عقارا جديدا لمكافحة العدوى التي تسببها طفيليات دودة الراكون الدائرية. وتقاسمت الصينية يويو تو الجائزة مع الاثنين بفضل اكتشافها علاجا للملاريا. وقالت لجنة نوبل إن هذه الجهود غيرت حياة مئات الملايين من الأشخاص المصابين بهذه الأمراض. ويؤدي مرض الملاريا، الذي ينتقل عن طريق البعوض، إلى وفاة أكثر من 450 ألف شخص سنويا حول العالم، فيما يواجه مليارات آخرون خطر الإصابة بهذا المرض المميت. وتؤثر الطفيليات الدودية على ثلث سكان العالم وتسبب عددا من الأمراض من بينها عمى النهر وداء الخيطيات اللمفاوية.

وبعد تحقيق تقدم محدود على مدى عقود، كان العقاران الجديدان وهما “افرمكتن” لعلاج عمى النهر وداء الخيطيات اللمفاوية، وعقار “ارتيميسينن” للملاريا بمثابة طفرة كبيرة.

في الآداب

أعلنت الأكاديمية السويدية المانحة لجوائز نوبل فوز الأديبة سفيتلانا ألكسيفيتش من روسيا البيضاء بجائزة نوبل للآداب عن “كتاباتها متعددة الأصوات التي تمثل معلما للمعاناة والشجاعة في زماننا”، وتصل قيمة الجائزة إلى ثمانية ملايين كرونة (972 ألف دولار). وتعد ألكسيفيتش، البالغة 67 عاما، كاتبة سياسية عرفت بانتقاداتها لحكومة بلادها،وأول صحفية روسية تفوز بالجائزة. ومن أشهر أعمالها المترجمة للإنجليزية: أصوات من تشيرنوبل، تاريخ شفاهي للكارثة النووية في عام 1986، و”أولاد في الزنك” وهي شهادات مباشرة من الحرب السوفياتية الأفغانية.

 

وقال بيان الأكاديمية السويدية “لقد عمقت ألكسيفيتش فهمنا لمجمل هذه الحقبة عبر وسائل منهجها الاستثنائي، بصنعها بعناية كولاج من الأصوات البشرية”.

نوبل للسلام

 
منحت جائزة نوبل للسلام لهذا العام للرباعي الراعي للحوار في تونس، إلى المنظمات الأربع التي قامت بالوساطة في الحوار الوطني في تونس تقديرا “لمساهمتهما الحاسمة في بناء ديمقراطية متعددة بعد ثورة الياسمين في العام 2011”. وتشمل هذه المنظمات: “الاتحاد العام التونسي للشغل”، و”الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية”، و”الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين”، و”الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان”،
وتبلغ قيمة الجائزة ثمانية ملايين كرونة سويدية (972 ألف دولار) وستقدم في أوسلو في العاشر من ديسمبر/كانون الأول.

وذكرت اللجنة بأن الوساطة الرباعية “أطلقت عملية سياسية بديلة وسلمية في وقت كانت فيه البلاد على شفير حرب أهلية”. ووصفت هذه الوساطة بأنها كانت “حيوية” وأتاحت لتونس الغارقة في الفوضى “إقامة نظام حكم دستوري يضمن الحقوق الأساسية لجميع السكان بدون شروط تتصل بالجنس والأفكار السياسية والمعتقد الديني”.

من جانبها، رحبت الأمم المتحدة الجمعة بفوز رباعي الحوار الوطني التونسي بجائزة نوبل للسلام، ووصفت الأمر بأنه دفعة للنشطاء الذين يقودون جهود السلام. وقال أحمد فوزي كبير المتحدثين باسم المنظمة الدولية في جنيف في إفادة صحفية مقتضبة “نحتاج إلى مجتمع مدني لمساعدتنا على دفع عمليات السلام قدما.” وأضاف “هذا مثال رائع. أعتقد أن تونس إحدى الدول العربية التي أبلت بلاء حسنا منذ ما يعرف بالربيع العربي والانتفاضات في هذا الجزء من العالم”.

بدورها، أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني الجمعة أن الوساطة الرباعية في الحوار الوطني في تونس التي حازت جائزة نوبل للسلام “مثال على كيفية الخروج من الأزمات في المنطقة”.

وتابعت موغيريني على تويتر إن “منح جائزة نوبل للسلام للوساطة الرباعية في الحوار الوطني في تونس يكشف السبيل للخروج من الأزمات في المنطقة وهو الوحدة الوطنية والديمقراطية”. كما قال الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، إن جائزة نوبل للسلام تكرس نجاح العملية الانتقالية إلى الديمقراطية في تونس.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد