في هذه الأيام يتم الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة نوبل لهذا العام. وتعد جائزة نوبل إحدى أهم الجوائز العالمية المرموقة التي يحلم بنيلها الكثيرون في المجالات العلمية والثقافية المختلفة.
وتتكون الجائزة من ثلاثة أشياء، وهي شهادة يًسلمها ملك السويد شخصياً (عدا جائزة نوبل للسلام)، ومبلغ مالي يُقدر الآن بحوالي مليون دولار أمريكي، وميدالية ذهبية. إلا إن أهم ما يناله الفائز هو شرف الحصول عليها، لذا حتى وإن أنفق النقود كلها أو قام بالتبرع بها، فإن الشهادة والميدالية تظلان ضمن أثمن مقتنياته التي يفخر بها.
فهل من الممكن أبدًا أن يفكر أحدهم في بيع مثل تلك الجائزة؟
قد لا تمثل الجائزة لورثة الحاصل عليها في كثير من الأحيان، نفس القيمة التى كانت تمثلها لصاحبها، فحتى يومنا هذا تم بيع 9 ميداليات ذهبية من جوائز نوبل بعد موت أصحابها – من قبل الورثة – في مزادات (اثنان منهم تم بيعهما هذا العام في مزادات إلكترونية)، ليحصل الورثة على المال.
لكن هل يمكنك أن تصدق أن هناك من باع جائزة نوبل بنفسه وهو على قيد الحياة؟ وأن هناك من قام بذلك لحاجته إلى المال؟
لا تندهش، فقد حدث ذلك بالفعل هذا العام، في سابقة لم تحدث من قبل، وقد تم ذلك مرتين لا مرة واحدة! فمن هما؟
1- جيمس واتسون (87 عام)
هو عالم الأحياء الجزيئية الأمريكي الذي نجح في اكتشاف بنية الحمض النووي عام 1953 بمشاركة العالم البريطاني (فرنسيس كريك). وقد تم منح كليهما جائزة نوبل في الطب عام 1962. وقد قام ورثة فرنسيس كريك في عام 2013 ببيع جائزته بعد وفاته. وقام جيمس واتسون في ديسمبر الماضي بعرض جائزة نوبل الخاصة به للبيع في مزاد، على الرغم من كونه على قيد الحياة، لتكون أول جائزة نوبل يطرحها صاحبها بنفسه للبيع!
“لا أحد يريد الاعتراف بكوني لا أزال موجودًا. لا أحد يريد التعامل معي أو توظيفي، لذا فأنا أحتاج الآن للمال لكي أستطيع العيش” يقول (واتسون) مبرراً عرضه الجائزة للبيع.
قد يبدو الأمر محزناً أن يصل الحال بعالم مهم مثل (واتسون) – أحد مكتشفي تركيب الحمض النووي! – لأن يضطر لبيع جائزته بسبب نقص المال، إلا إن ذلك يعود لتصريحاته ذات الطابع العنصري التي أدلى بها في لقاء صحفي عام 1972، عندما صرح بأنه يعتقد “أن هناك علاقة بين العرق ومستوى الذكاء، وبأن البشر ذوي الأصول الإفريقية هم عادةً أقل ذكاءً من الأعراق الأخرى”.
وقد تلا ذلك العديد من التصريحات الأخرى المثيرة للجدل مثل: أحقية الأم في إجهاض الطفل إذا استطاع العلم أن يثبت إن ذلك الطفل سيكون شخصاً مثلياً في المستقبل. لذا تم طرده من الجمعية العلمية ودفعه إلى الاستقالة من مختبر “كولد سبرينج هاربور” الذي كان يعمل به.
بيعت الجائزة بأكثر من أربعة ملايين دولار! وقد أعرب (واتسون) في ذلك الوقت عن دهشته من المبلغ الضخم، وقام بالتبرع بجزء من المال لجامعة شيكاغو التي درس بها، وجامعة كامبردج التي عمل بها لبعض الوقت ومختبر “كولد سبرينج هاربور” لدعم البحث العلمي!
وقد فوجئ (واتسون) بعد بيع الجائزة، أن المشتري هو الملياردير الروسي (عليشر عثمانوف)، والذي أعلن اعتزامه إعادة الجائزة مرة أخرى إلى (واتسون)، لاستيائه أن يضطر عالم عظيم مثل (واتسون) يشهد العالم بإنجازاته إلى بيع جائزته لأي سبب كان.
2- ليون ليدرمان (93 عام)
هو عالم فيزياء أمريكي حصل على جائزة نوبل للفيزياء عام 1988 بسبب أبحاثه في علم الجسيمات بالمشاركة مع العالمين (ملفن شفارتز) و (جاك شتاينبرجر).
وقد قام (ليدرمان) وزوجته بعرض جائزته للبيع في مزاد إلكتروني في شهر مايو الماضي، لحاجتهما إلى المال بعد إصابته بمرض الخرف، لدفع فواتير العلاج.
“أنا لم أعد أذكر الفوز بالجائزة” يقول (ليدرمان)، “ولم أعد أملك أية حكايات لأحكيها. وأجلس طوال اليوم فقط أشاهد الجبال”.
وقد بيعت الجائزة بحوالي 765 ألف دولار فقط، إلا إن زوجته أعلنت سعادتها بأنها قد بيعت من الأساس، وبأنها على يقين بأن قرار بيعها كان صائباً، بعد أن ظلت لأكثر من 20 عاماً على الرف دون فائدة تذكر، وعلى الرغم من سعادتها بالجائزة حينذاك، إلا إن حاجتهما إلى المال الآن أكثر أهمية.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست