في أحيانٍ كثيرةٍ وظروفٍ مختلفةٍ تحدث العداوات الواضحة بين أفراد الشعب والشرطة, ومن أقوى العداوات المُتعارف عليها حول العالم، عداوة حركات الأولتراس والشرطة.

ولكن قبل تحليل هذا الخلاف وأسبابه يجب أولًا أن نتكلم عن لعبة كرة القدم؛ فبعض الناس يعتبرون اللعبة الشعبية الأولى في العالم مجرد قطعة جلدٍ يجري خلفها اثنان وعشرون لاعبًا ويعتبرونها بهذه السذاجة، ولكنهم مخطئون للغاية.

الرياضة بشكل عام هي رسالةٌ؛ رسالة كفاحٍ ووفاءٍ وانتماءٍ ونُبلٍ, رسالة حرية وبهجة وجمال ومنافسة شريفة، وتجميع بين الناس في إطارٍ صحي؛ فهي حرب ولكنها دون قتلى؛ فالحرب هنا تجري في ملعب والمنافسة تكون لها ضوابط, ولهذا فهي حرب نظيفة.

ومن هنا تأتي حياة فرد الأولتراس، حياته القائمة على رسالة الرياضة العظيمة.

فرد الأولتراس يعتبر المدرج أرضه المُحرَرَة، المكان الذي يستطيع فيه أن يعبر عن أفكاره الجامحة وسط أشخاص يشبهونه ويحملون أفكاره، يستطيع أن يغني ويهتف ويرقص ويطالب بالحرية ويُظهر انتماءه للنادي الذي يحبه ووفاءه لناديه ولأفكاره, يستطيع أن يبتهج هناك وأن يرفع رأسه للسماء، لا أحد يستطيع دخول أرضه هذه، فهي كما قلنا أرضٌ محررة.

أما عن ضابط الشرطة، فهو ينظر للجميع بنظرة فوقية, كيف لا، وهو الُمرخَصُ له بحمل السلاح وإطلاق النار على من شاء إن رأى لهذا لزومًا، باختصارٍ، لقد وصل تفكير ضباط الشرطة إلى أنهم هم المرادف البشري لفكرة القدر، يرون أنفسهم القدر نفسه, وبناءً على ذلك كيف تقارن نفسك بالقدر؟

كيف تعتبر أن لك أرضًا محررة تفعل فيها ما تشاء؟ كيف لمشيئتك أن تخالف القدر؟ وكلنا يعرف أن عدم الإيمان بالقدر كفر, ولكن في حالنا هذا عدم الإيمان بهذا القدر هو لُبُ الإيمان ومنتهاه.

وباعتبار رجل الشرطة نفسه القدر, يستطيع القتل والتعذيب والتلفيق وفعل ما يحلو له، بل إن الوضع يتحول مع الوقت لعادة يقوم بها بكل سعادة وسادية.

بأخذ الكلام السابق في الاعتبار؛ نستطيع الوصول لسبب عداء رجال الشرطة للأولتراس بالذات، فالأولتراس متمردون ساخطون ويرون أنفسهم أحرارًا ولا كلمة لأحد عليهم، وهذا لا يتوافق أبدًا مع إرادة الضابط الذي يرى نفسه مرادفًا للقدر، هم يحاربون الرياضة ويحاربون الأولتراس لأنهم لا يريدون ما يوجد في المدرج، لا يريدون أن تكافح أو تنتمي لشيءٍ أو أن تغني أو تهتف أو تبتهج, لا يريدون أن تشعر بحريتك أو أن تكون وفيًا لفكرةٍ أو شخصٍ أو نادٍ، يريدونك خاويًا تمامًا جاهزًا لاستقبال أفكارهم المُشوهة؛ فكرة أنهم هم القدر.

الرياضة مهمة وكرة القدم مهمة، ووجود الأولتراس مهم, يجب أن يبقى هؤلاء؛ لأنهم أحد سبل الوقوف أمام هذا القدر الذي يسبب الكفر لا الإيمان، رحم الله شهداء الأولتراس.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد