أيام عصيبة تمر على إخواننا في فلسطين، وهنا لا أقصد بفلسطين رام الله أو غزة، ولكن أقصد كل فلسطين، ونحن هنا نشاهد الأحداث عن طريق الإنترنت أو على شاشة التلفاز.
وهنا يقول الأديب والشاعر السوري محمد الماغوط «يبدو أن تحرير العقل العربي أصعب من تحرير فلسطين».
فأرض فلسطين التي وقعت بين يدي عدو غاشم يدعى الكيان الصهيوني سنة 1948 بتواطؤ مع بريطانيا، يعيش سكانها أصعب إمتحان لهم، فهم بين قصف عدو، وخيانة أخ، وصمت دولي.
وقد قال الأديب السوري أديب إسحاق «قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر.. وقتل شـعب آمن مسألة فيها نظر».
فالكيان الصهيوني يستعمل كل الوسائل العسكرية لقصف وتعذيب الفلسطينين ونهب أراضيهم، وليس هذا فقط، بل يريد أن يلعب دور الضحية، وأن الفدائيين الذين يدافعون عن أرضهم وعرضهم ليسوا سوى منظمات إرهابية تحاول زعزعة سيادته واستقراره، ونسي أنه أخذ فلسطين بالقوة والخديعة.
وهنا يقول الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي«لم أكن ذات يوم مغرمًا بالجدال النظري حول من له الحق في فلسطين. فنحن لم نخسر فلسطين في مباراة للمنطق! لقد خسرناها بالإكراه وبالقوة».
أما بالنسبة للإخوة العرب فقد سددوا للفلسطينين طعنة قسمت ظهورهم وكان تأثيرها على الفلسطينيين أشد من قصف العدو، حيث أصبح هذا الأخ العربي يتباهى بتطبيع العلاقات مع هذا الكيان الصهيوني، وفي المقابل يغلق الحدود في وجه الفلسطينيين الذين هم بأمس الحاجة له، ولكن يبدو أن العرب رضوا بأن يكون أمة تسير تحت الظل، وتناسوا أن اليهود لا عهد ولا ميثاق لهم، وهنا لا أقصد كل العرب ولكن من خان العهد وصالح هذا الكيان الغاصب.
وقد قال الروائي الفلسطيني غسان كنفاني «إن الجلوس مع العدو – حتى في استديو تلفزيوني – هو خطأ أساسي في المعركة، وكذلك فإنه من الخطأ اعتبار هذه المسألة مسألة شكلية».
لذلك لا يسعني سوى أن أقول عذرًا يا فلسطين يا أولى القبلتين، عذرًا يا أرض الأنبياء والمرسلين، عذرًا لتقصيرنا معك فمع أننا أمة مكونة من 1.3 مليار مسلم ولكننا أمة مقسمة إلى أجزاء وكل جزء يحسب نفسه أمة، ولم يعد بيننا عمر بن الخطاب، ونور الدين الزنكي، وصلاح الدين الأيوبي، وغيرهم من أبطال الذين ضحوا بكل ما يملكون من أجل فلسطين، ولا ننسى بالذكر السلطان عبد الحميد الثاني الذي شهدت فترة حكمه الانقسامات الداخلية، ولكنه مع ذلك قال لنيولنسكي الصحافي النمساوي وصديق هرتزل زعيم الحركة الصهيونية «انصح صديقك هرتزل، ألا يتَّخذ خطواتٍ جدية حول هذا الموضوع، لأنِّي لا أستطيع أن أتنازل عن شبرٍ واحدٍ من الأراضي المقدَّسة، لأنَّها ليست ملكي، بل هي ملك شعبي. وقد قاتل أسلافي من أجل هذه الأرض، وروَّوها بدمائهم؛ فليحتفظ اليهود بملايينهم، إِذا مزَّقت دولتي؛ فمن الممكن الحصول على فلسطين بدون مقابل، ولكن لزم أن يبدأ التَّمزيق أوَّلاً في جثَّتنا، ولكن لا أوافق على تشريح جثَّتي وأنا على قيد الحياة».
قبل الختام على العرب أن يعلموا أن ما يحدث في فلسطين هو اختبار لهم، وأن مصير فلسطين بين أيديهم، وأنه بتوحدهم سينزاح هذا الكيان الصهيوني من أرض الواقع، وأيضًا عليهم أن يكونوا متيقنين أن من يدعون أنهم حاملي راية السلام في العالم، وهنا أقصد المفوضيات الأوروبية وأمريكا والأمم المتحدة هم سبب وجود هذا الكيان الصهيوني وتقوية شوكتهم في أرض فلسطين.
وقد قال الأديب الأردني إبراهيم نصر الله «نحن نقف مع فلسطين لا لأننا فلسطينيون أو عرب بل نقف معها لأنها امتحان يومي لضمير العالم».
ختامًا سيأتي اليوم الذي تستفيق فيه الشعوب العربية من سباتها، وتتحرر فلسطين لأنها أرض فلسطينية وتبقى فلسطينية ليوم البعث، وأن العدو مهما طالت أيامه سيأتي اليوم الذي يخرج ذليلًا كما حدث في الجزائر فبعد 132 سنة تحررت من فرنسا، أما بالنسبة للخونة العرب فلا يسعني سوى أن أقول لهم كما قال ليون ترستكوي أحد قادة ثورة أكتوبر الروسية «إنكم أناس بائسون منعزلون! أنتم مفلسون. انتهى دوركم. اذهبوا إلى حيث تنتمون من الآن فصاعدًا أنتم في مزبلة التاريخ».
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست