شهدت شوارع القدس والضفة الغربية الأسابيع الماضية عمليات عنف عشوائية: قام العديد من الفلسطينيين بطعن إسرائليين مدنيين وعسكريين على حد سواء.

وردت الأجهزة الإسرائيلية على الفلسطينين باستخدام القوة المفرطة – وفقا لبعض المنظمات، مثل: “امنستي” بشكل غير مناسب، قٌتل أكثر من ١٠ إسرائيليين بالطعن، وأكثر من ٥٠ فلسطينيا – بعض منهم كانوا ممن ارتكب هجوما على الإسرائيليين – والبعض الآخر لم يكن.

ولكن هل هذا العنف فعلاََ عشوائي؟ كلا ألبتة.

بل هو رد فعل للقمع، ومنع سير الحياة اليومية في المدن، وتدخل الجيش الإسرائيلي في حياة كل العرب في الضفة والقدس، لمدة أكثر من خمسة عقود٠

من طبيعة الحال، أن يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وحكومته اليمينية صبغ ووصف جميع الفلسطينيين بالإرهاب، كإرهابيين من نفس فصيلة “داعش” والتنظيمات الإرهابية الأخرى المتواجدة في المنطقة – ولكن أي شخص يمكنه أن يرى أنها مجرد حيلة سياسية، وحتى في الكواليس الإسرائيلية يعرفون تلك الحقيقة.

في رأي الإسرائيليين أنهم يتكاتف ضد عدوهم – العرب- ويجدون أنفسهم في منطقة يحكم فيها التطرف والتشدد، كبحر هائج، فيه صوت منطقي واحد فقط، وهو إسرائيل

وفي رأي الفلسطينيين وكثرة من الأصوات الأجنبية يقوم الإسرائيليون ببناء دولتهم اليهودية على أكتاف الفلسطينيين، وأمانيهم للحصول على الاستقلال٠

من المفروض أن نفهم أن هذا العنف، وأن تفريغه ليس فقط رد فعل ضد الإسرائيليين أو حكومة نتنياهو، ولكن أيضا ضد القيادة الفلسطينية الفاشلة – ووعودها الوهمية – وانهيار المؤسسات أو عدم تواجدها من الأساس.

أخفقت القيادة تماماََ في بناء هذه المؤسسات، وبالتالي يعاني مواطنوها تحت النظام الإسرائيلي العسكري القاسي.

فما هو الحل؟ هذه هي المشكلة – لا تقدم إسرائيل بديلا قابل التطبيق، مع الأخذ في الاعتبار أن الحكومة الإسرائيلية قد لا تكون مهتمة بتقديم الحلول من الأساس، وحتى إن تمكنت من تقديم الحلول، فلن تقوم ببناء المؤسسات الفاعلة للفلسطينيين.

ومع غياب الحل لذلك المأزق الذي استغرق نصف قرن، يستمر نتنياهو والحكومات الإسرائيلية المتتالية باستيطان الضفة والقدس التي صُنِّفت “العاصمة الخالدة وغير المقسمة” من بداية الثمانينات.

وهل تهتم السلطة الفلسطينية بالحل؟ وحتى إن اهتمت – فهذا الاهتمام ليس كامل الوضوح.

عباس، المعترف به كرئيس فلسطين والذي ينول تقدير الدول الكبرى لم يزل يتربح من الوضع القائم، علاوة على جميع كبار القيادات في السلطة الفلسطينية بالإضافة إلى “حماس” في قطاع غزة، لن نحصل على الفهم الكامل دون هذا السياق.

اليأس المنتشر بين الفلسطينيين أيضا بسبب الرخاء الذي توفره إسرائيل لمواطنيها، فيما يتعلق بالحقوق القانونية المدنية والخدماتية، توفير فرص العمل وظروف المعيشة المريحة.

تأخذ إسرائيل الأضعاف بيد، بينما تقدم الفتات بالأخرى، ومع ذلك تطلب الامتنان ولا تستوعب الضغينة المترتبة على ذلك!
ما دام هذه هي الحالة هناك فسنشاهد الإحباط بين الكبت والتفريغ، ولا بد من  استمرار الحالة للأسف الشديد للطرفين، لا توجد مفاوضات، والاتفاقات التي قد حصلا عليها على وشك الانهيار.

 

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد