نظرًا لمدى حجم المؤامرة على طوال عشرات العقود من السنين والإشكالات الخطيرة والمعقدة المتزايدة التي تواجه القضية الفلسطينية في نخاعها وروح وجودها بأبعادها الأخلاقية والأدبية وما خلفته من قضية إنسانية بدول الشتات واللجوء تحت متاريس الاحتلال وما أفرزته من تزايد الأزمات بالمعاناة والشقاء على وجود الشعب الفلسطيني ومطالبته المستمرة والحثيثة بحقه التاريخي في فلسطين وتقرير مصيره بشتى أساليب النضال والكفاح وما يتعرض له من هجمات همجية تستهدف وجوده الإنساني والآدمي على ما تبقى من فتات أرضه بشطري الوطن بالضفة الغربية وقطاع غزة.

والهجمات الصهيونية ما زالت مستمرة ومتتالية سعيًا لفصل روح القضية عن جسدها بتهويد فلسطين التاريخية بأساليب القوة بالإخضاع والإرهاب الصهيوني وبالتهجير القسري للفلسطينيين وطردهم من سكناهم وسلب أراضيهم بإقامة المستوطنات اليهودية عليها.
وحجم المؤامرة يتزايد وصولًا لاستهداف شطب ملف اللاجئين الفلسطينيين وتحويل قضيتهم لقضية إنسانية يتوجب على الأنظمة العربية والمجتمع الدولي تحمل مسؤولياته لإيجاد حل لها وما يطرح من حلول سياسية بدهاليز وأروقة صناع السياسة الغربية بفرض حلول سياسة التوطين للاجئين الفلسطينيين في بلدان العالم العربي والمعنية بذلك دول الطوق المحيطة في الإقليم وأينما تواجدوا في شتات بقاع الأرض.

ووصولًا بذلك لتحقيق الهدف الصهيوني المتمثل بالحلم التلمودي المنشود بإعلان يهودية الدولة وقوميتها بنقاء عرق اليهود والأطماع الصهيونية بالتمدد الاستيطاني بالاستيلاء على معظم أراضي الضفة الغربية وسلبها بإقامة مجمعات وبؤر استيطانية لليهود.

وما زالت الجهود الاستعمارية الغربية والصهيونية العالمية مستمرة وبمساندة وسطاء عرابي عروش وممالك الأنظمة العربية بدعم الكيان الصهيوني بتنفيذ مشروعه التلمودي لتحقيق مآربه من خلال محاولات شطب القضية الفلسطينية من الوجود وتذويبها بشتى طرق وأساليب الحلول السياسية الخبيثة برسم المخططات وحياكة المؤامرات عبر افتعال مأساة والمعاناة المعيشية والفاقة بالحرمان والقمع بقوة الإرهاب وإقامة الحواجز العسكرية وفرض الحصار على القرى والمدن الفلسطينية بالضفة الغربية ونسف البيوت وتدميرها بحجة مقاومة الاحتلال وعدم تراخيص البناء.. والمؤامرة الكبرى تتجسد وكما هو الحال في مدينة القدس والمسجد الأقصى وضواحيها بالاعتداء على المواطنين وطرد ساكنيها والعمل الحثيث على تغيير معالمها وتزوير طابعها العربي والإسلامي وصبغه بالصبغة اليهودية التلمودية والهجمات المستمرة والمتكررة لباحات المسجد الأقصى وتدنيسها وعزل حراس الحرم القدسي وحظرهم بالإقامة الجبرية لأشهر من دخوله وطرد المقدسيين من سكناهم وترحيلهم الممنهج تمهيدًا لتهويد المدينة المقدسة تدريجيًا وإحلال محلهم قطعان المستوطنين المتطرفين وحاخاماتهم من اليهود المتدينين.

فالمؤامرة مستمرة فاعلة وخطيرة بالاستهداف على واقع القضية الفلسطينية برمتها وخير شاهد على ذلك تركيبات المفهوم السياسي عبر الزمن بتداخلاته المرحلية الخطيرة وتعقيداته الحياتية والمعيشية المريرة ودون حلول لمعالم القضية.

فتركيبات المفهوم السياسي الفلسطيني تنذر بالانحدار والهبوط بضغوطات الواقع السياسي الممنهج بالمرارة والحرمان بفرض سياسات الابتزاز بتقليص أبسط عناصر الحياة ومقوماتها بشتى أصنافها بفرض الحصار والآثار المترتبة عليه من إفشاء البطالة بين قطاعات واسعة من الشعب والشلل التام للمرافق الاقتصادية على المستوي المعيشي والحياتي بتفشي الأمراض القاتلة والمزمنة وفقدان الأدوية ومستلزمات العلاج.

فواقع القضية الفلسطينية السياسي شائك ومتشابك ومعقد التركيب لتقاطع أنظمته الداخلية السياسية وتحدياته الخارجية التي لا يوجد لها مثيل في الواقع السياسي المعاصر والحديث ولا يستدعي المجال ولا يحتمل بالإشارة لاتهام القوى السياسية الفلسطينية ببعدها السياسي عن الواقع بمعتقدها السطحي والبسيط المعلن تسويقه بمنظور رفع لواء التحرير وبعده عن الواقع بمطالبتها بتحقيق حقوق الشعب بالاستقلال وتقرير المصير في حال فقدان وغياب الوحدة الوطنية الجامعة للخروج بقرار وطني فلسطيني موحد يجمع الجميع ويتخلله تفاهمات المرحلة وتبعاتها الخطيرة ولتخطي جميع النزاعات والإشكالات العالقة بأسلوب حضاري يكتنفه الواقع على قدر عمق المسؤولية الوطنية بالأخطار المحدقة التي تعصف بالقضية الوطنية والهوية الفلسطينية بنسف التضحيات وهجمات التذويب على مدى ماضي التهجير والظلم والمعاناة بعقود طويلة من الزمان.

وما تتطلبه المرحلة إنقاذ ما يمكن إنقاذه بلم الشمل وتضميد الجراح ومواصلة النضال برفع شعار منطقي ومعقول عبر الحلول بخلق كيان فلسطيني وطني يحافظ ويحمي الهوية الوطنية على ما تبقى من أجزاء وفتات من الأرض الفلسطينية المتواجدة داخل حدود الوطن لديمومة مواجهة التحديات بالوجود.<

وتجسيدًا للواقع لما تواجهه القضية الفلسطينية في هذه المرحلة بالذات باستفحال الخلافات والنزاعات بالبيت الفلسطيني الواحد ببث بذور الفرقة والعنجهية بتزعم الجاهات بالتعصب الحزبي المقيت وانحراف الفكر الوطني عن اتجاهه الصحيح وهو العامل الجوهري الذي أدخل القضية الفلسطينية في وحل النزاعات والتخبط في متاهات بشق الصف الوطني وخير شاهد على ذلك ما وصل إليه الحال من صراعات بانقلاب وانقسام بين شطري الوطن وكلا الطرفين يكيل للآخر الاتهامات بالتشكيك في الوحدة الوطنية ووضع العراقيل والوحيد المستفيد من حالة الانقسام هو الاحتلال بتمرير المخططات بسلب الأراضي والتنكيل والتهويد بالتهجير.

فرأس نظام السلطة ونظامه السياسي ليس وليد الصدفة برسم تكوينه وترسيم كيانه الوجودي الإداري والأمني بل هو ملخص رسالة خطيرة بخطى المسيرة بضرب عمق الوعي العربي والإسلامي ومنحدر سياسي حاد في صميم قلب القضية العربية المركزية وما سيتبعها من تبعات سياسية وعلى رأسها شطب ونسف الحقوق الوطنية الفلسطينية واقتلاعها من جذورها واختزالها في قضية إنسانية ضيقة خارج حدود الزمن والتاريخ وإحلال سياسة التزوير امتداد لإفرازات محتوى الانحطاط والإحباط لإيهام عديمي التعقل والقصور الساذج بعدالة الحلول في ظل غياب وحدة رموز العمل الوطني أصحاب الانتماء والضمير.

وصعوبة فهم تركيبات المفهوم السياسي الناتج عن انحطاط المرحلة وما سبقها من مراحل التيه والتمييع بخلط وتصنيع رموز المرحلة وهو من إفرازات مخلفات مخاض الانحدار السياسي الحاد على مدى مراحل تضحيات دفع الثمن بدون أدنى مقابل لتحقيق مكتسبات التحرير وتقرير المصير فتتويج انحدار الانحطاط تستدعي صعود نهج التنازل بتمرير المؤامرات وزرع رموزها بانحراف الفكر الوطني وتفشي أوبئة التنشئة بالتفريط بالحقوق والمتاجرة ببيع دماء الشعب عند محطات ومنحنيات السقوط.

فاتفاقية أوسلو خير شاهد على الفلس السياسي في زمن انحطاط رموز الفكر بالتفرد بالقرار السياسي الفلسطيني وإعلان البيع بالمزاد الرخيص وهي بحد ذاتها مؤامرة واستباحة لعذرية الحق الوطني وبراءة الضمير ناهيك بمدى خطورة من قام بتصنيع وصياغة فكرها هو نفسه من ترأس تنفيذ فعالية بعدها المرحلي الأمني والسياسي وما أفرزته من خطورة نتاجها تحقيقًا لمصلحة أمن الاحتلال وتزايد لاستيلائه وسلبه للأراضي الفلسطينية وتوسعة المستوطنات.

والقادم هو الأخطر بتعاقب انحطاط مراحل الفكر بتصنيع المؤامرات ونسج خيوط المخططات لاختزال القضية الفلسطينية بحل سياسي بالفكر المنحرف لما بعد مرحلة أوسلو بحصر القضية الفلسطينية على مشارف حدود الوطن وعزلها مستقبلاً خارج حدود الأرض التاريخية بما يسمى بصفقة العصر المزعوم لتتويج سحق ونسف القضية من جذور الوجود وبدايات التخطيط أصبحت جلية وواضحة ببداية شطب ملف اللاجئين الفلسطينيين بالتقليص الحاد للمساعدات الأممية لإعلان تاريخ انتهاء صلاحية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في أواخر سنة 2021 واعتبار قضية اللاجئين قضية إنسانية عفى عليها الزمن ويتوجب على أنظمة الدول العربية والعالمية تحمل مسؤولياتها وحلها السياسي بفرض واقع التوطين بدول الأقاليم العربية وأينما تواجد الشعب الفلسطيني في بلدان الشتات والتغريب.

فحركة حماس حرقت مراحل التقلبات في تفشي عدوى المؤامرات وقطعت أشواطًا بتقربها للمشروع السياسي المشبوه بالانخراط عن طريق نخبة من سياسييها صنيعة الواقع السياسي بالاستهداف بمراحل تسييس وتدجين محمود عباس وليس الماضي عنا ببعيد بتناقل عدوى الهبوط والتنازلات عبر خلق ولادة حكومة الانقلاب بالانقسام نتاج معالجة الأزمات بتقليص أرصدة الحركة بنقل رموزها وإدخالهم بدهاليز العمل السياسي بالتوظيف لإدارة مؤسسات أوسلو صناعة لمسات الرئيس وتحميلهم مسؤولية أعباء حكم قطاع غزة والرهان بمدى اجتياز الاختبار بحكم تركيع الشعب تحت متاريس الحصار وإغداقهم بوحل المناصب والجاه والمال امتداد ونتاج ما أفرزته مخلفات الانتخابات المشبوهة بالخنوع ورضوخ لتقديم الطاعة والولاء لنيل شرعنه الوجود بالاعتراف.

فالبعد السياسي للقضية الفلسطينية حرج وخطير لأبعد الحدود وقد تعدى تقاطع مفترق الطريق وأصبح في مهب رياح عواصف التغيير فالقضية الفلسطينية تحتضر وكل الأطراف تستعد لإحياء مراسم وطقوس التأبين لتقاسم تركة تضحيات الشعب على مدى السنين بجني مكتسبات أوهام التحرير وكل الأطراف بأطياف الحركات والأحزاب تكيل الاتهامات لبعضها البعض بالتقاعس والانقسام وفرض الحصار بخلق المعاناة والحرمان والإشارة بتبادل أصبع الاتهام بجني ثمار الحوافز والامتيازات من المناصب والأموال والجاه والأطيان لرموز تجارة الأوطان والمستفيد الأول والأخير برضا افتعال تكريس سياسة الاحتلال بشق وتوسيع الخلاف عن طريق أدوات التعريب بالإقليم بإغداق الأموال والدعم السياسي بشرعنة الأوهام والاعتراف المشبوه بالجاه والتسكين المرحلي المزعوم بشطر الحدود برسم كيان فلسطيني مصطنع بالمستقبل القريب بما يسمى بصفقة العصر بفرض سياسات التمييع السياسي لإرضاء كل الأطراف بالحكم والجاه بتقاسم فتات القضية بالحلول ضمن كنتون الشمال الشرقي بالضفة الغربية تحت توأمة المظلة الأردنية للضفة الشرقية والطرف الآخر لإرضائه بكنتون إعلان الاستقلال بغزة الكبرى ضمن حدود توسعة المظلة المصرية وتكون بذلك قد حققت إسرائيل مبتغاها بهدفها المنشود بإعلان يهودية الدولة بنقاء عرق اليهود.

وسأترك بصمة بعمق مفهوم السياسة البسيط لتكون شاهدة على كل أدمغة من يدعون الفهم السياسي بالتضليل والدجل الإعلامي الخبيث بالاستخفاف بوعي الشعوب بأن السياسة منظومة كاملة متكاملة من أدوات رموز النفاق والدجل الإعلامي الممنهج دخلاء الفكر والجنس والدين بما تملكه ماكينة السياسة الغربية من مقومات مالية ضخمة وأدمغة مصطنعة مغرضة بالتوجيه تديرها عقول راسمي السياسات الاستعمارية العالمية بالتخطيط المتقن لكل بقعة مستهدفة من بقاع الأرض وعلى رأسها بلدان العالم العربي حسب أجندات التوزيع وأولويات اختيار كوادر ورموز المعادلة من أدوات التنفيذ على هامش الحراسة لتحقيق أهداف المشروع الصهيوغربي لاستثمار واستغلال نهب ثروات الأمم والتحكم بعصب مصائر الشعوب ومقومات حياتها المعيشي بالوجود.

فقاطرة المؤامرة سائرة بخطى عمالة الأنظمة المستفحلة بصلب القضية العربية وهي جوهر المفهوم بنشر الإدراك ووعي مضمون الموضوع لذوي إعاقات العقول من سياسيي الأمة المسيسين، بالتوظيف وعملاء خبراء التعريب وسطاء نصب شباك سياسات التمويه والتمييع لمفهوم الشعوب ونتاج ذلك هو بيت القصيد بنتاج تخلف الوعي وانعدام الإدراك بتمرير المخططات الاستعمارية وخلط الأوراق بفرض سياسات التجويع والتهجير واستباحة الأعراض والقتل وتدمير الأوطان ونسف البيوت.

وما زالت ماكينة التخطيط تعمل مستمرة تمهيدًا لسيطرة وتمكين الاستعمار لفرض نفوذه بالمنطقة واستنزاف التفريط بالحقوق وإهدار كرامة الأرض والإنسان.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد