يعتبر الاعتقال الإداري أحد أساليب الضغط التي تمارسها سلطات الاحتلال الصهيونية بحق الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني وأراضي الضفة الغربية، وذلك لا ينفي أنها مارستها قبلها في قطاع غزة في العام 1967.
عن الاعتقال الإداري:
هو اعتقال يتم بموجب حكم إداري فقط، دون حكم محكمة أو أدلة مسبقة أو حتى لائحة اتهام تدين المعتقل، تستند السلطات الإسرائيلية في قرارات الاعتقال تلك على أن الأدلة سرية، وبموجبه لا يحق لأي شخص الاطلاع مستندات الاعتقال، سواء كان المعتقل نفسه أو ذووه أو هيئة الدفاع عنه فضلا عن منع القانون للمعتقل بتفويض هيئة دفاع أصلا.
القانون الدولي عني بذلك النوع من الاعتقالات و أفرد له تشريعا جاء نصه: يمكن اعتقال أشخاص ضمن الاعتقال الإداري في حالات شاذة للغاية، كوسيلة أخيرة تهدف إلى منع الخطر الذي لا يمكن إحباطه بوسائل أقل مسا.
إذا فالاعتقال الإداري يعتبر وسيلة أخيرة تتبعها الدول والحكومات لتوقيف أشخاص يمثلون خطرا على مجتمعاتهم إذا لم تفلح الوسائل القانونية الأخرى، إلا أن -وكالعادة- تتجاهل إسرائيل أي مواثيق دولية في سبيل مصادرة حق الفلسطينيين في العيش الطبيعي على أرضهم.
واستنادا لما نشره موقع بت سليم -مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة- فإن على مدار السنين اعتقلت إسرائيل آلاف الفلسطينيين ضمن الاعتقال الإداري لفترات تراوحت بين بضعة أشهر إلى بضعة سنين. العدد الأكبر من المعتقلين الإداريين تم تسجيله خلال الانتفاضة الأولى. بتاريخ 5 نوفمبر تشرين الثاني من العام 1989 تم التحفظ على 1794 فلسطينيا في الاعتقال الإداري. في مطلع سنوات التسعينيات وفي أواسطها كان عدد المعتقلين يتراوح ما بين 100 إلى 350 معتقلا في كل لحظة معطاة، وفي ختامها وصل العدد مرة واحدة إلى عشرات على أقصى تقدير. بتاريخ 13 ديسمبر كانون الأول 2000، بعد مرور حوالي شهرين ونصف على الانتفاضة الثانية، احتفظت إسرائيل بـ 12 معتقلا إداريا فلسطينيا.
وقد وصل عدد المعتقلين الإداريين في شهر آذار 2002 إلى 44 معتقلا إداريا. في نيسان 2002، خلال حملة “السور الواقي” اعتقلت إسرائيل مئات الفلسطينيين ضمن الاعتقال الإداري. وفي نهاية العام ذاته ارتفع عددهم ليتجاوز الألف ومنذ ذلك الحين يتناقص عدد المعتقلين الإداريين. في الأعوام 2005- 2007 كان عدد المعتقلين الإداريين حوالي 750 معتقلا إداريا بالمعدل في الوقت ذاته. منذ تشرين الثاني 2007 هناك تناقص مستمر، وفي آب 2010 وصل عددهم إلى 189 معتقلا إداريا.
خطوات تصعيدية قام بها المعتقلون:
من أكبر عمليات التمرد التي قام بها الأسرى الإداريين ، كانت إضراب إبريل ٢٠١٢ (إضراب الكرامة ) حيث بدأت ” معركة الأمعاء الخاوية ” من داخل سجون الاحتلال الإسرائيلية بتاريخ 17-أبريل/نيسان-2012 امتنع 1600 أسير فلسطيني عن تناول وجبات الطعام لذلك اليوم وأعادوها إلى إدارة السجون في خطوة أطلقوا عليها “معركة الأمعاء الخاوية” التي فضلوا فيها الجوع على الخضوع لسياسات وأفعال وصفوها بالتعسفية، باتت إدارات السجون الإسرائيلية تتخذها بحقهم. وبذلك أعلن الأسرى بداية الإضراب المفتوح الذي سيطبقونه للضغط على السياسة التي تتبعها إدارات السجون الإسرائيلية، وشمل بذلك الإضراب, الامتناع عن تناول الطعام والشراب عدا الماء حتى تتحقق كافة المطالب، التي طبّق من أجلها الإضراب، ويعد هذا الإضراب الأضخم من نوعه في سجون الاحتلال الإسرائيلية.
في الرابع والعشرين من نيسان/إبريل 2014 بدأ نحو 120 معتقلًا فلسطينيًا إداريًا في سجون ‘مجدو’، ‘عوفر’ و’النقب’ الإضراب المفتوح عن الطعام؛ نتيجة اعتقالهم إداريا دون تهمة أو محاكمة، مطالبين بإلغاء تلك السياسة، انضم إليهم بعدها العشرات من الأسرى الإداريين والمحكومين والموقوفين تضامنا مع تلك الملحمة، بعدها تجاوز عدد المضربين عن الطعام 220 أسيرًا.
قامت سلطات الاحتلال بنقل الأسرى المضربين للمستشفيات من أجل علاجهم مع استمرار حبسهم بتكبيلهم في أسرتهم، سعت مصلحة السجون الإسرائيلية نحو كسر الإضراب بالقوة؛ ولكنها لم تستطع.
بعد 63 يومًا علق الأسرى الإداريون إضرابهم المفتوح عن الطعام؛ بناءً على اتفاق مع قيادة استخبارات السجون الإسرائيلية، يقضي بوقف الإضراب وإلغاء كافة العقوبات التي فرضت على الأسرى مع بداية الإضراب، وإعادتهم بعد انتهاء فترة الاستشفاء إلى السجون التي تم نقلهم منها خلال فترة الإضراب، إضافة إلى الاتفاق على استمرار الحوار مع مصلحة السجون بشأن قضية الاعتقال.
كان الإضراب من أجل تحقيق مطالب عادلة وإنسانية للسجناء الإداريين منها:
- انهاء سياسة الاعتقال الإداري، والعزل الانفرادي
- إعادة التعليم الجامعي والتوجيهي
- وقف الاعتداءات والاقتحامات لغرف وأقسام الأسرى
- السماح بالزيارت العائلية وخاصّة لأسرى قطاع غزّة
- تحسين العلاج الطبّي للأسرى المرضى
- وقف سياسة التفتيش والإذلال لأهالي الأسرى خلال الزيارات على الحواجز
- السماح بإدخال الكتب والصحف والمجلات
- وقف العقوبات الفردية والجماعية بحقّ الأسرى
- زيارات أسرى قطاع غزة، تأجيل الرد لمدة أسبوعين بحجة إجراء الترتيبات لذلك مع —-الجهات المختصة منها الجيش والصليب الأحمر الدولي
- السماح بالاتصال التلفوني للأسير مرة كل شهر
- السماح بتجميع الأشقاء أو الآباء مع أبنائهم في سجن واحد
- السماح بزيارات مفتوحة ودون شبك للحالات الإنسانية من الأهل
مضربون:
خضر عدنان:
أول من سن سنة الإضراب ضد الاعتقال الإداري، اعتقل عدنان من بيته بالضفة الغربية يوم 12\11\2011 لكن نتيجة للمعاملة السيئة والإهانات المتكررة من المحققين وتحريض إدارة السجن للسجناء الإداريين عليه وحسب ما رواه “بأن أضواء الزنزانة متواصلة على مدار الساعة قوية وحادة، وصراخ دائم من قبل السجناء الجنائيين وقد دخلت قوة من السجانين وفتشوا الزنزانة، وفنتشوني عاريا”.
أضرب عن الطعام في ديسمبر -كانون أول 2011 ولمدة 65 يوما- يعد إضرابه الأول من نوعه في تاريخ سجناء الاعتقال الإداري- وبعد مفاوضات مع مصلحة السجون تقرر خروجه من السجن في إبريل نيسان 2012 ، وقد كان.
ثائر حلاحلة، بلال ذياب:
اثنان من الأسرى الذين ساروا على خُطى الأسير المُحرَّر خضر عدنان، ويعتبر كل من الأسيرين من مُفجري ثورة الكرامة خلف القضبان، ليعلنا في 28 – من شباط/فبراير – 2012 إضرابهما عن الطعام احتجاجًا على استمرار سياسة الاعتقال الإداري دون تهمة موجّهة، وقد مضى على الإضراب الذي يخوضه كل من الأسيرين (76) يومًا ليتخطيا بذلك الرقم المُسجل باسم الشيخ خضر عدنان الذي استمر بإضرابه عن الطعام لمدة (66) يومًا قبل أن يتحرر في أبريل/نيسان 2012 ، وبذلك سجّل كل من ثائر حلاحلة وبلال ذياب أقصى مدّة زمنية من الإضراب عن الطعام متجاوزين بذلك رقم الأسير الأيرلندي بوبي سانردز “عضو الجيش الجمهوري الأيرلندي” الذي استمر في إضرابه عن الطعام لمدة 74 يومًا احتجاجا على الوضع السياسي في سجن لونج كيش.
أيمن أطبيش:
شاب فلسطيني اعتقلته سلطات الاحتلال أربع مرات ليكون مجموع سنوات سجنه عشر سنوات كاملة تسببت في منعه من إكمال دراسته الجامعية .
آخر اعتقال إداري في حقه كان في أيار مايو 2013 بدأ إضرابه عن الطعام في نفس شهر اعتقاله، ليخوض إضرابا مدته 105 يوما، فاوضته إدارة السجن حول قرار خروجه وأخذ وعدا بإطلاق سراحه فعلق إضرابه يوم 30 يوليو تموز ؛ إلا أن إدارة السجن تنصلت من وعدها فاستأنف إضرابه من يوم 28 فبراير شباط 2015 ، ويتحدث أهله عن حالته الصحية المزرية، و أن شعره بدأ في التساقط وفقدانه حوالي 50 كيلو من وزنه في أشهر قليلة بسبب تعسف إدارة السجن معه، ورفضها إطلاق سراحه.
تخشى سلطات الاحتلال من ذياع صيت المضربين عن الطعام كي لا يواجه الأمر بهجوم دولي أو انتقادات ديبلوماسية قد تؤثر على شكل دولة إسرائيل في مجال “حقوق الإنسان” ،أو أن تتسبب أوضاع المضربين المأساوية في إثارة حمية الفلسطينيين تجاه معتقليهم وهو ما يحاول الاحتلال تجنبه، لذا فإنه في أغلب الأحيان تتنازل لطلبات المعتقلين.
حتى اللحظة ما زال جنود الاحتلال يجوبون شوارع الأرض المحتلة بحثا عن المطلوبين لديهم على اللائحة، وما زال الفلسطينيون على موقفهم في التشبث بالأرض رغم أعمارهم التي قد تذهب بلا عودة في زنازين الاحتلال الصهيوني، وما زال الصراع قائما إلى أن يتمكن طرف من غلبة طرف آخر. لتنتهي الحكاية.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست