نشر قوات حفظ سلام دولية في المناطق المتنازع عليها في اليمن، خيار مطروح، وإدراج خارطة إنسانية للعمليات العسكرية في اليمن يوجب حصولها على تفويض، بناء موافقة الأطراف، وتحقق عدد من الاشتراطات كالحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعًا عن النفس، ودفاعًا عن المدنيين.
التزامات مشتركة بشأن عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام
الأمم المتحدة ملتزمة بالتصدي للنزاعات، إذا كانت جادة في التسوية السياسية في اليمن، بناء على قرارات مجلس الأمن الدولي، وعلى رأسها القرار 2216. لكن هنال تمث فجوة ما، بأن الأمم المتحدة تريد شطب وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل، وكذلك المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية المزمنة باعتبارهما ليسا قرارين أمميين. من هذا المنطلق، فالتزام الأمم المتحدة بتعزيز الحل السياسي للنزاعات، وتعميق الأثر السياسي لحفظ السلام لن يتحقق إلا عبر إيجاد حلول سياسية مستدامة، وهذا الشرط لايتحقق إلا بوجود بعثات عسكرية وأمنية في اليمن كأول مسلمات الحل السياسي، وبالتالي من يرفض وجود قوات حفظ السلام في اليمن يعد هو الطرف المعرقل لمباحثات التسوية السياسية. طالما المسؤولية الرئيسية في حماية المدنيين، فالمتوجب إخلاء محافظة الحديدة من قبل ميليشيا الحوثي لتقوم قوات حفظ السلام الدولية بتسلم مهام إدارة الميناء، وتسيير الشؤون الأمنية بمافيها استلام المقرات، والمنشآت الحكومية، ونقاط التفتيش من والى الحديدة، وفي هذا الصدد لا بد أن تكون قوات حفظ السلام من جنسيات عربية كقوات حفظ السلام الأردنية. وفي المجمل هي شراكة مع الحكومة الشرعية، وفي ذات الوقت تجعل من مليشيا الحوثي محل تنفيذ أبرز اشتراطات القرار الدولي 2216، والمتمثل في الانسحاب من المدن، وتسليم مؤسسات الدولة، وبذلك يكون المدنيون في مأمن، وميليشيا الحوثي خرجت بماء الوجه، في حين على السلطة الشرعية استعادة هيبة الدولة، بعد إنهاء مظاهر الانقلاب عليها في الحديدة.
محاولة لاستشراف رغبات واحتياجات المجتمعات المحلية في اليمن
حماية المدنيين تُعد مهمة صعبة في أي سياق كان، ولكنها تصبح أكثر تعقيدًا بكثير عندما لا يتوفر التزام الدولة بالحماية، والحديث عن سلطة الأمر الواقع الحوثية والتي تتشدق وتدعي بأنها تمثل الجمهورية اليمنية، وبأن مشكلتها مع التحالف العربي الذي يعد عدوان على اليمن، لكن الحاصل عندنا، والحديث عن اليمن، أن تكون الأطراف الفاعلة في الدولة المزعومة (من وجهة نظر الحوثي) هي نفسها واحدة من مرتكبي الانتهاكات ضد المدنيين، والسجل الإجرامي لميليشيا الحوثي غني عن التعريف. نحن إذًا سنتماشى مع أسوأ مافي طرح الأمم المتحدة، والقاضي بأن المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل عدم، وبأن جماعة الحوثي تعد دولة حلت محل الدولة الشرعية، وبدورنا، وبلسان المنطق، فما هي أولويات الأمم المتحدة، والتي تعد بمثابة رادع للعنف أو الجريمة، وأن توفر الشعور بالأمن للمجتمعات ممن ينتهكها، وهي ذاتها الدولة التي تزعمها ميليشيا الحوثي. ينبغي أن يتم التواصل مع المجتمعات المحلية في أقرب فرصة ممكنة، وأن يستمر طوال فترة وجود البعثة العسكرية الأممية لتتضح الرؤية للامم المتحدة مع من الشعب في اليمن، ومن يفوض صلاحيات الدولة ويثق بها. يوفر هذا النوع من المشاركة فرصًا لجمع المعلومات التي تساعد قوات حفظ السلام على فهم البيئة، ووضع أهداف التدخلات المستقبلية، وتقييم واضح للمشكلة اليمنية، ومن يقف ضد الشعب اليمني، وإرادته في تكوين بلد فيدرالي ذي نظام حكم لامركزي.
توسع نطاق التهديدات التي تعترض السلم والأمن الدوليين في اليمن
في اليمن مشاكل مركبة، الاهتمام من قبل الأمم المتحدة، والذي هو صلب الميثاق الأممي المتصل بالمسائل الاقتصادية، والاجتماعية، وقضايا حقوق الإنسان إلا أنه لم يفصل التأثيرات الجانبية للنزاع المسلح عن الرغبة الديمقراطية في الدولة. فاليمن وصل النزاع المسلح إلى أزمة إنسانية تفرض شروطًا جديدة، وتقوض من السلطة الشرعية لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، في استخدام العنف الشرعي لاستعادة الدولة. هذه المسائل ربطًا عضويًا محكمًا بالسلم والأمن الدوليين، فميليشيا الحوثي لم تتوقف عن استهداف الداخل، بل تجاوزت إلى دول الجوار والملاحة البحرية، وبالتالي فهذا يقود إلى متغيرات في بناء السلام في اليمن، وعلى رأسها نشر قوات حفظ السلام لتحل محل قوات ميليشيا الحوثي في اليمن، وتكون الخارطة في اليمن، مقسومة إلى قسمين، فهناك خارطة عسكرية تكون للقوات الحكومية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، وتوازيها خارطة قوات حفظ السلام الدولية، التي تحل محل ميليشيا الحوثي في مواقع الخارطة الإنسانية، والمواقع التي تهدد حياة المدنيين كالحديدة، والمناطق المتاخمة الساحلية، والشريط الساحلي، والجزر اليمنية، والحديث عن الملاحة الدولية.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست
علامات
اليمن