في الفيلم الهندي الشهير الذي أنصح بمشاهدته بشدة pk والتي تعني ترجمتها «السكران» كان عامر خان بطل الفيلم يحاول الاتصال بالإله طول الفيلم من أجل إعادة شيء ما مفقود قد يعيده إلى كوكبه الأم، ولكن بعد رحله «عامر خان» في الفيلم اكتشف قبل النهاية أن كل الأرقام كانت خاطئة. اكتشف أن كل الأرقام الموجودة للإله لا تعمل أو توصلك بشخص آخر.
كان البطل هنا يهاجم فكرة رجال الدين الذين يأخذون من الدين صنعة يوميه مثلها مثل خبز الخبز في الأفران. ولكن دعونا نتحدث أكثر عن فكره الاتصال بالإله، أو بالمسمى العام لها «الدين». الدين هو اتصالنا غير المباشر بالإله، فمن خلاله يقول لنا ماذا يجب أن نفعل وعما يجب أن ننتهي. ولكن أنت عزيزي مهما كانت ديانتك هل فكرت يومًا لماذا يؤمن الإنسان. ما الذي يدفع فرد أو جماعة لاعتناق دين معين مهما كان مصدره، خصوصًا في عصرنا الحالي بعد انتهاء عصر المعجزات. ما الذي يدفع فرد أو جماعة لتقييد حريتها واعتناق مجموعة من الأوامر والنواهي واتباع أساليب حياة بعينها.
وبما أنك تسأل عن الإنسان فالإجابة دائمًا تأتي من علم النفس. هناك نظرية قد أطلقها الباحث الأمريكي «ديفيد ماكليلاند» تقول إن الإنسان لديه حاجات أساسية لكي يعيش، ومن ضمن هذه الحاجات تأتي «الحاجة إلى الانتماء».
النظرية كبيرة جدًا فدعني اختصرها لك في سطور صغيرة «النظرية تتحدث عن أن كل إنسان يحتاج إلى الانتماء لكيان ما أكبر منه لكي يشعر بالأمان أكثر ويستطيع أن يشعر بالإنجاز والتحفيز الصادر من هذا الكيان ونسبه إلى نفسه لأنه ينتمي لهذا الكيان الكبير» بصورة أقرب نستطيع أن نقول إن الإنسان يعتنق الدين لكي يستطيع أن يحيا. يستطيع أن يمرر حياته الصعبة مهما كانت بكل الآلام التي بها معلنًا للجميع أنه بسبب هذا الدين الذي يعتنق هو الناجي في النهاية. يعطى لنفسه الأمل في الحياة أو حتى ما بعد الحياة. الدين سيصلح لي حياتي وإن لم يصلحها فسوف يساعد بعد الموت لكي أدخل الجنة وأفوز الفوز الأكبر.
ذلك هو التفكير الذي نفكر به مهما كان مدى اتباعك لدينك أو حتى ماهية هذا الدين. هذا لا ينفى أن إيمانك حقيقي، الإيمان بالشيء ذاته لا يتعارض مع طريقة إيمانك به. إذا كنت تؤمن بأن الله قد خلقك لأن والديك قالوا هذا، فمصدر إيمانك مهما كان ضعيفًا لا يغير من حقيقة الإيمان.
أرى أن الإيمان بدين مهما كان هو طوق النجاة للبشرية. بغير دين نصبح بلا شريعة ولا قانون واضح، فبالتالي أستطيع أن أقتلك ما دام الشرطي لا يراني، أو لن يستدل علي، ولكن في وجود دين فالله دومًا يراني.
هذا هو لب الموضوع، نحن نؤمن لأننا بحاجه إلى الإيمان، ونشعر بالأمان أكثر إذا آمن الجمع من حولنا بنفس ما نؤمن به. وفي نفس الوقت هذا لا يغير من صدق الإيمان نفسه كما قلنا بالأعلى. نؤمن بأي دين وأي حياة لأننا نريد أن نحيا، تلك غريزة وضعها فينا الإله. ووضع معها البوصلة التي توجه تصرفاتك نحو الخير على الأغلب أو ما يسمي الضمير؛ لأن الله خلقنا لنحيا على تلك الأرض ونعمرها، لا لنتقاتل وننهي فيها الحياة.
في رواية الخيميائي سنجد «باولو كويلو» في أحد المشاهد متحدثًا عن الأديان على لسان البطل بقوله: «أشعر أنها كلها كتبت بنفس اليد» يمكننا تفسير هذا، ولكني في حاجة إلى مقال كامل جديد الأسبوع المقبل لكي أفسره، لذلك وداعًا، اراك الأسبوع المقبل.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست