هل غمرتك نشوة السعادة يومًا ما لأنك انتقمت من أحدهم؟

في صراعات حياتنا اليومية نتعرض للظلم أو الغدر من قبل بعض الأفراد المحيطين بنا أو حتى المقربين منا مما يعطينا شعورًا بالانتقام منهم لعل هذا الشيء يريح النفس كثيرًا من شعور الظلم والغدر، ولكن ماذا بعد الانتقام؟

بداية هل لديكم تعريف للانتقام؟ إذا دخلنا على محرك البحث جوجل سيشير إلى أن الانتقام هو عمل ضار ضد شخص أو مجموعه ما، استجابة لمظلمة حقيقية أو متصورة على الرغم من أن العديد من جوانب الانتقام تتفق مع مفهوم العدالة فإن الانتقام يعني ضمنا التركيز على أحداث مزيد من الضرر والعقاب مقابل عقاب متصالح ومتناغم.

ما لفت انتباهي في التعريف أمران هما (استجابة لمظلمة حقيقة أو متصورة) و(العديد من جوانب الانتقام تتفق مع مفهوم العدالة)، وإذا تناقشنا في الأمر الأول وهو أن الانتقام قد يكون استجابة لمظلمة متصورة وليس حقيقية، أيمكن للنفس البشرية أن تتخيل مظلمة في عقلها ومن ثم تبدأ بالانتقام في الشخص الذي خيل إليها أنه غدر بها، نعم في كثير من الأوقات يشعر الإنسان بشعور الحقد والكره تجاه أحدهم والتي قد تكون معاملتهم فيما بينهم قليله للغاية أو حتى لا توجد معاملات بالمرة ولكن مجرد رؤية ذلك الشخص أو رؤية مكانه هو فيها وإحساس الفرد بأنه من كان يستحق تلك المكانة أو لماذا خلق هو بتلك المكانة وأنا لا ، كل تلك المشاعر تولد مظلمة خيالية تجاه بعض الأفراد تدفعنا للانتقام منهم وعمل شيء ضار تجاههم، ولكن هل تلك التخيلات المتصورة الموجودة في اأفسنا غريزة في النفس البشرية، أيمكن أن هناك بشر لا يضمرون الكره لأحدهم هم أعلى منهم في حيازة شهوات الحياة، شعور الغيرة مرتبط ارتباطًا وثيقًا بخلق الإنسان ولكن الغيرة شعور لا بأس به في النفس البشرية ولكن تحويله إلى كره هو ما لا يوجد في أصل النفس البشرية إنما شعور مكتسب من الحياة أو من ظروف بيئية تربى عليها هذا الإنسان.

ولإنهاء ذلك النقاش في تلك النقطة أقول: عزيزي الإنسان لن تجد إنسانًا في تلك الحياة لا يبغض أو يكره أحدهم لدرجة الانتقام فقط كن حذرًا من أقرب الناس إليك.

النقطة الثانية وهي أن العديد من جوانب الانتقام تتفق مع مفهوم العدالة، أولا يجب أن نذهب إلى محرك البحث جوجل لمعرفة ما هي العدالة سنجد تعريفها هو: مفهوم أخلاقي يقوم على الحق والأخلاق والعقلانية والقانون والقانون الطبيعي والإنصاف. ومع أني لا أفهم الفرق بين القانون والقانون الطبيعي إلا أنني قد فهمت من التعريف أن العدالة هي السيف على رقاب الظالمين لأنها وباختصار تقوم على الحق والأخلاق ولكن كيف تتفق العديد من جوانب الانتقام مع مفهوم العدالة في حين أن الانتقام قائم على إلحاق الضرر بشخص ما. والعدالة قائمة على الحق والأخلاق، هنا من وضع تعريف العدالة رأى أن لتحقيقها يجب تنفيذ عملية انتقام تجاه الشخص المخطئ حتى تعود العدالة إلي مسارها المنشود. ولكن عملية الانتقام هنا معناها ان ألحق الضرر بذلك الشخص الذي أبعد العدالة عن مسارها، نعم إلحاق الضرر بذلك الشخص أهون بكثير من أن تتشتت العدالة عن مسارها، أنا لا اشجع فكرة الانتقام، ولكني قد أضع قواعد للانتقام تجعلنا نسير على مسار العدالة .

في أحد الأفلام الأمريكية والتي كانت تتحدث عن المافيا قال البطل فيها «أعطني سلاحًا مرخصًا وشهادة من الطب النفسي ولن أبقي مخطئًا على وجه الأرض»

هنا سينفذ البطل عملية انتقام تجاه الأشخاص المخطئين حتى تعود العدالة إلى مسارها ولكن …

من الذي يضع القواعد التي تجعل العدالة تسير على مسارها، أعرف الإجابة، كل إنسان على ظهر الأرض سيقول أنه من حقه وضع تلك القواعد، حسنًا هذا جميل مزيد من الناس يريدون تطبيق العدالة، ولكن ماذا إن اختلفت تلك المسارات عن بعضها ووضع كل فرد قاعدة تختلف عن الأخرى، لا داعي للاستنتاج أظن الجميع يعرف النتيجة.

أعتقد أن مجرد التفكير في كتابة موضوع عن الانتقام جعل النتائج غير مرضية بالمرة.

الآن قد توصلت لنتيجة لتفكيري: الانتقام يجب أن يضاف إلى شهوات الحياة كالمال والجنس والطعام فالشعور الذي يشعر به المنتقم بعد تنفيذ انتقامه هو شعور من ملأ بطنه بالطعام، شعور الوصول الي قمة النشوة، لذلك التغلب على الإحساس بالانتقام لهو تحد صعب يضاف إلى تحديات الحياة التي يقينًا يعلم الجميع أنه ستصادف فيها من يجعلك تنتقم يومًا ما.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد