بداية أحب أن أقول إنني عندما سمعت بأن موقع كيورة- كورا أطلق نسخته العربية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) تقريبًا العام الماضي – شعرت بالأسي وتكلمت مع صديقي أكرم العديني (Akram Alodini) أنني غير متفائل على الإطلاق بهذا الخصوص، وأنه سيتحول لنسخة أخرى من المنتديات والأسئلة العربية، والإجابات ستكون منقولة وباهتة، ولن تضيف للمحتوى العربي أي شيء.

الآن أقول إن ظني خاب وتصوري الأولي بعد ما شاركت بشغف في تلك النسخة، أشعر بأن النسخة العربية مقبلة بقوة، وسيكون لها شأن عظيم إذا ما قورنت أعداد المستخدمين الحاليين للنسخ الأخرى من الموقع بعدد المستخدمين للنسخة العربية، وأن تصوري المستقبلي لشعبية كيورة بالعربي ستتخطى حتى تخيلات وتصورات من فكروا في إطلاق النسخة العربية في البدايات إن شاء الله.

ما الذي قد يجعل من النسخة العربية من موقع كيورة مميزة؟

الشغف: حتى الآن اكتشفت مناجم كاملة من الشغف يحتويها هذا الموقع، وهو أمر غريب وغير معتاد خصوصًا بين المستخدمين العرب، ويكبيديا مثلًا لديها طاقات ضخمة ومجالها أوسع من كيورة، ولكن لتحكمات كثيرة واعتبارات لا محل هنا لذكرها، أعتقد أن الشغف غادرها بشكل كبير منذ فترةطويلة من الزمن، كيورة هنا يدار دون إشراف تقريبًا، وبين مجموعة من البشر يشاركون مجهودهم دون مقابل سوى شغفهم للإجابة عن الأسئلة والبحث عن الإجابات، وكل ذلك ينمو في كل يوم، بل في كل لحظة وينضم أعضاء جدد للطليعة الأولى التي ساهمت في البدايات، ويحذون حذوهم في الانتباه للتفاصيل ومراعاة الذوق العام والجو العام للألفة التي أشعر دومًا بها عندما أزور الموقع، فكثيرًا ما أشعر أنني أدخل منزلي من فرط الحفاوة التي أجدها من المستخدمين الآخرين واللطف الكثير الذي يمدني به أستاذ محمد اللبان (Mohamed Ellabban) في لفتاته التي يرسلها من حين لآخر عبر صندوق الرسائل.

ما الذي يجعل أي موقع يستمر؟

الربحية والاستدامة: كيورة كأي موقع يبحث عن إضافة شيء ما، ويبحث كذلك عن الربح؛ فالربح يعني استدامة الموقع، فكيف سيكون شكل الموقع بعد سنة من الآن، أعتقد أن بمزيد من الإجابات الوافية العظيمة التي يقدمها ويشاركها أشخاص رائعون اكتشفتهم في كيورة، ورأيت شغفهم الذي ينمو في كل حرف يكتبونه في أجوبتهم، سيكون للموقع زيارات أضخم، وقد نفاجأ بعد عام أن ترتيب النسخة العربية مثلًا صار رقم 4 أو 5 في عدد الزيارات في النسخ المختلفة للموقع، ولا أعتقد أن عدد الزيارات هو المحرك الأساسي للموقع.

ما الذي قد يميز النسخة العربية في المستقبل؟

جودة الأسئلة وجودة الإجابات: ليس كل شيء الأرقام، هل تلك الأرقام مؤثرة؟ عدد الأسئلة المطروح في كيورة ينمو في كل يوم، وعدد الإجابات ينمو كذلك، أعتقد أن هناك عددًا من المعايير التي تحكم جودة الإجابات وجودة الأسئلة، وكذلك جودة الزيارات نفسها والزائرين أعتقد أن بمرور الوقت ستتحول النسخة العربية من كيورة لحكيم تذهب له محركات البحث للسؤال عن أي شيء، ويملك هو عددً من الخبراء – الزوار – للإجابة عن كل تلك الأسئلة.

بمرور الوقت ستتحول الإجابات المقتضبة الصغيرة إلى إجابات وافية في جزئيات وموضوعات واهتمامات لم ولن يتطرق لها أي موقع عربي آخر، سواء من كبار الناشرين أو حتى من متوسطي الاهتمام الواحد، مثل المواقع الطبية والمواقع التعليمية، وكذلك مواقع تقدم استشارات بعينها.

تصوُّري للمستقبل للنسخة العربية هي أن تكون الأسئلة التي تُسأل كل يوم ذات جودة عالية، وتقدم إضافة حقيقية، وأن تكون الإجابات حتى ولو لم تكن بتلك الكثافة في النسخة الإنجليزية مثلًا، لكنها إجابات ذات قيمة وجودة ممتازة، يأتي إليها الجميع للبحث عنها؛ لأن ما ستجده في كيورة ببساطة لن تجده في اي مكان آخر على الإنترنت.

كيف نقيس شعبية موقع- منتج ما؟

على الإنترنت شعبية المواقع تأتي دومًا وليس دائمًا من ترتيب المواقع، وكذلك عدد الزيارات والزوار، والوقت المنقضي في الزيارة، وكذلك عدد الصفحات التي تمت زيارتها في زيارة واحدة، موقع كيورة الآن بنسخته العربية لا أعتقد أن زياراتها مهولة، ولكن تلك الشعبية تطبخ ببساطة على نار هادئة، عندما أرجع بذاكرتي للوراء قليلًا وأتذكر أمنية مشرفي النسخة العربية من موسوعة ويكبيديا منذ 10 سنوات والحلم بأن نصل إلى 100 ألف أو 50 ألف مقالة وقتها كان الرقم يبدو ضخمًا قياسًا بعدد المساهمين، وكذلك قياسًا بالموضوعات المهولة والمتشعبة التي يمكن التفكير في إضافتها، ولكن الآن تخطت النسخة العربية ببساطة مليون مقال، والعدد في زيادة.

شعبية كيورة النسخة العربية ستأتي بمرور الوقت عندما يبدأ العملاق جوجل في أرشفة وترتيب كل الإجابات للأسئلة المطروحة، وعندما يتذوق الزائرون الجدد لذة حصولهم على إجابة عن سؤال حيرهم كثيرًا، ومن ثم لذة إجابتهم عن سؤال حير غيرهم، وتبدأ الدائرة التي لن تنتهي إلا وذلك الزائر لم يعد زائرًا فريدًا ضمن الأرقام، بل مساهمًا فريدًا من نوعه يطرح الأسئلة ويجيب عنها ويقدم إضافة في موقع مختلف، يحوى كل المعرفة ولكن بصبغتها البشرية وبطابعها الإنساني.

ما تصوراتي المستقبلية لموقع كيورة بنسخته العربية؟

في عجالة ويمكن بعد مرور ستة أشهر من إطلاق النسخة العربية، أتمنى من إدارة النسخة العربية أن تشارك شركاء النجاح في أبرز الأرقام ليدركوا مدى الدور الذي يلعبونه، وهو مهما كان صغيرًا فإنه حيوي ومؤثر، فمثلًا في نهاية كل شهر يمكن مشاركة الجميع بعدد الأسئلة التي طُرحت، وعدد الإجابات، كذلك إن أمكن عدد الزائرين أو أكثر الأيام زيارة، كذلك عدد التأييدات والمشاهدات للإجابات، الأمر الذي يجعل في الموقع روحًا تشاركية لفريق عمل واحد.

أنا أحب المساهمة في كيورة، وأتمنى بعد عام من الآن أن يكون لدينا أكثر من مليون سؤال وعشرة ملايين إجابة وأن يكون لكل سؤال عدة إجابات من مناطق جغرافية وحضارات مختلفة، فلا يوجد حكر للمعرفة وللعلم وللإجابة القويمة لدولة بعينها، أو جنس بعينه، أو منطقة بعينها، أو حتى عمر ولا خبرة ولا وظيفة بعينها؛ فالمعرفة الإنسانية تتسم بالتكامل الذي يجبر نقصها، وتتسم بالنمو الذي يكمل الجزء الناقص في امتلاكها من طرف شخص واحد.

أخيرًا شعبية الشيء لا تقاس بمدى معرفة الناس به، ولكن من وجهة نظري تقاس بشكل فردي بمدى ملاءمته للحاجات التي تنشأ لديك، فلو اتفق اثنان من الأصدقاء على أن كيورة هو المكان الذي يلجؤون إليه لمعرفة الإجابات عن الأسئلة التي تحيرهم، أصبح هذا المكان معروفًا وشعبيًّا لدي كل معارفهم؛ لأنهم ببساطة سيدلونهم عليه في شغف وفي همة، كأنهم أصحاب هذا المكان وشركاء فيه بالفعل.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

علامات

العربي, تصورك, مدى

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد