الثلاثاء 16 مارس 2021، يوم أسود لن يمحى من ذاكرة أي أستاذ مغربي أو بالأحرى من ذاكرة أي مواطن مغربي، كيف لا، وهذا الكم من التعنيف، والضرب و الاعتقالات التي صدرت تجاه الأساتذة الذين هم مواطنون بالدرجة الأولى، يكفل لهم الدستور، والقانون حق التظاهر؛ دفاعًا عن حقوقهم العادلة والمشروعة.

المشاهد المنتشرة على مواقع الإنترنت مؤخرًا  لمجموعة من الأساتذة و دماؤهم تسيل، بما فيهم أستاذات أيضًا تعرضن للتحرش الجنسي من قبل رجال الأمن، هي مشاهد مؤلمة حقًا. وهي مشاهد تحز في نفس كل مَن لا تزال له ذرة إنسانية بداخله.

قد يتساءل البعض من العامة؛ أليست مشكلة هؤلاء الأساتذة قد تم حلها ؟! وأنه تم إلغاء مخطط التعاقد، والبنود المجحفة التي بداخله كما جاء على لسان وزير التربية الوطنية، و لهم كل الحق في ذلك؛ لأن هذا ما يروج له صانعو القرار بالبلاد، و الإجابة المقتضبة هنا هي لا، ولو قيد أنملة.

و قد أشرت في تدوينة سابقة لبعض من المطالب المشروعة للأساتذة، وحتى اللحظة لم يحقق أيٌّ منها غير التسميات المموهة، التي تنتقل من إطار أكاديمي إلى أستاذ مرسم مع الأكاديمية، وربما في المستقبل ستصبح جنرالًا أكاديمي، أو قائدًا تربويًّا، و مضامين البنود المنعقدة داخل النظام الأساسي الذي يؤطر هؤلاء الأساتذة هي نفسها لم يطرأ عليها أي تغيير.

مهما اختلفنا مع الأساتذة في مطالبهم ، ومهما تباينت وجهات النظر حول نضالاتهم، وحول المواد التي تؤجج هذه الاحتجاجات،فإن هناك طرقًا متنوعة للوصول إلى حلول منصفة، كلها تبدأ بالجلوس إلى طاولة الحوار، وتنتهي باحترام حق الجميع في التعبير عن رأيه، وفي الدفاع عما يراه حقًا، مادام لا يخل بالقانون ولا يسلك سبلًا غير مقبولة في التعبير عن رفضه، وعدم قبوله بما يراه يخالف مصلحته، الأمر الذي لا يتأتى بشن شتى أساليب العنف اللفظي و الجسدي على مربي الأجيال.

إن مصلحة البلد تهم الجميع وليس جهة بمفردها ، والاستمرار في الهروب إلى سياسة إقصاء الرأي الآخر، والتنقيص من أصوات الغاضبين لا تؤشر إلى قوة ذاتية، ولا إلى رؤية إستراتيجية متوازنة. إن هذه القرارات البراغماتية أقرب إلى التخبط، وإن كان ظاهرها يشي باستباق مشاكل متعددة الأوجه. وما المظاهرات، والوقفات والمسيرات الاحتجاحية شبه المتواصلة، وفي مقدمتها الآن مظاهرات الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، إلا دليل واضح على عدم الرضا و على عدم التسليم بكل القرارات التي تصدرها الحكومة الحالية دون أن تكلف نفسها واجب الحوار والشورى مع الشركاء الآخرين.

ولجلب أنظار الشارع العام بغية ضغظ أكبر على الحكومة المغربية، ونحن على أعتاب الانتخابات التشريعية، أطلق مجموعة من الأساتذة (هاشتاج) protect_teachers_in_Morocco# والذي لقي صدى كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تصدر قائمة الهاشتاجات الرائجة في «تويتر» المغرب، ووصل إلى ما يقارب 62 ألف مشارك داخل موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

أن نرى جدالًا بين أستاذ و تلميذ فهذا أمر مألوف، وتعايشنا معه نوعًا ما، لكن أن يضرب الأستاذ ويهان أمام تلامذته – وهو الأمر الذي أصبحنا نشاهده كثيرًا مؤخرًا- لا لشيء إلا لأنه يدافع عن حقوقه العادلة والمشروعة، فهذا فعل إجرامي مرفوض البتة تحت أي ذريعة كانت؛ فالأستاذ هو المربي وباني الأجيال، وإن كان لنا أمل في صلاح أمتنا، فصلاحها يبدأ من عنده وإن كان لنا  حلم أن تعود حضارتنا، فعودتها لا بد أن تبدأ به، و إن كنا نتمنى أن تتحقق نهضتنا ورفعتنا فلن يكون ذلك بدونه.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد