لا أدري كيف نُصنّف هذا المقال، هل نضعه ضمن المقالات الرياضية أم السياسية؟ أم نضعه ضمن المقالات الإنسانية؟ يوم الأربعاء الماضي 25 نوفمبر في مسابقة دوري الأبطال الأوروبي كانت مباراة بين فريق “مالمو” السويدي وفريق باريس “سان جيرمان”، لن أتحدث عن الأداء وأهداف لاعبي الفريقين أو أتحدث عن الأهداف الخمسة لفريق باريس سان جيرمان.
ما سأتحدث عنه هو العبارة التي كانت مكتوبة على قمصان لاعبي باريس سان جيرمان: (Je suis Paris) أي بالعربية (كلنا باريس)، ولن أتحدث عن ماهية تفجيرات باريس التي وصل عدد الموتى فيها إلى 130 إنسان، ولكن سأتحدث عن القوانين التي سمحت لفريق رياضي أن يرفع شعارًا تضامنيًا إنسانيًا، أو من الممكن أن تعتبره سياسيًا والذي يُعاقب عليه في قوانين الفيفا، وبفرض عدم رفع اللاعبين أية شعارات سياسية، لكن عندما نرى من الناحية الأخرى ما حدث مع اللاعب محمد أبو تريكة في 2008 في بطولة الأمم الأفريقية بمباراة مصر والسودان، عندما كان يرتدي تحت تي شيرت منتخب مصر عبارة (تعاطفـًا مع غزة)، وكان وقتها أطفال غزة يُقتلون بالقنابل الفسفورية على يد المحتل الصهيوني، وتجاوز عدد الضحايا في ذلك الوقت 1200 إنسان، نعم إنهم أرواح تُزهق كذلك من حقها أن تجد أحدًا يتضامن معها في وسط هذا الزخم من العبث!
للعلم عوقب محمد أبو تريكة وقتها؛ فقد أُنذر في المباراة ببطاقة صفراء، ولم توقع أية عقوبة على فريق باريس سان جيرمان وكان 11 لاعبًا يرتدونها واضحة (كلنا باريس)، ولكن من سيقف أمام البشرة البيضاء؟! من يسقف أمام الفرنسيين؟ من سيقف أمام القارة العجوز؟ كما يطلقون عليها، إنها عنصرية تطبيق القوانيين، تُطبق على الضعيف، تُطبق على من لا تضامن معهم أو مع أرائهم.
هذه ليست أول مرة تُطبق فيها القوانين بالأهواء “على المزاج”؛ ففي كأس العالم 2006 في المانيا قام اللاعب الغاني (جون بينتسيل) والمحترف في نادي (هابوعاليم) الصهيوني، برفع العلم الإسرائيلي عقب فوز فريقه على منتخب التشيك، ولم يُعاقب وقتها اللاعب لا بإنذار أثناء المباراة أو أية عقوبة بعدها!
هذه هي معاييرهم، هذه هي قوانينهم، ونحن لن نتتحدث عن التغطية الإعلامية لأحداث بيروت أو نيروبي أو مالي التي لم تكن على قدر التعاطف مع أحداث باريس، لن نتحدث أن التكنولوجيا أصبحت حكرًا في أوقات معينة؛ كالفيس بوك الذي فعَل خدمة الطمأنينة في أحداث باريس ولم يفعل في أوقات كثيرة أخرى! لقد أصبحنا وكأننا في أحد عصور القرون الوسطى، أنا وقبيلتي وبعدي الطوفان!
والأن كن أنت القائد واصنع قوانينك بنفسك، وإذا وجدت أحدًا من خاصتك يتخطى تلك القوانين فجد له مبررًا لكي لا تُطبق عليه القوانين! فالفيفا وهي اتحاد للعبة رياضية كما نرى تخترقها السياسة والفساد بكل ما فيها، فلن تجد قانونًا إلا مخترقًا؛ لا خير في قوانين الشرق ولا الغرب ما دامت العنصرية هي من تحكم!
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست